• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لِقَناةِ (بلادي) الفضائيّة؛ إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

لِقَناةِ (بلادي) الفضائيّة؛ إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ

                       توطئة؛
   *بثّت قناة (بلادي) الفضائيّة يوم امس (الجمعة) نصّ الحوار المفصّل والشّامل الذي اجراه معي من ستوديو العاصمة واشنطن، الزميل الاستاذ هاني عبد الصاحب مُعدّ ومقدّم برنامج (لقاء خاص) والذي دام ساعة كاملة.
   لاهميّة ما دار في الحوار، سأحاول ان الخّص ابرز محاوره ليطّلع عليها القارئ الكريم، فربما فيها بعض الفائدة.
                    [الجزء الاول]
   س/ بقراءة سريعة لـ (١٣) عام من التغيير، وبالعنوان العام؛ برأيك، هل نجحَ ام فشِل السياسيون في بناء نموذج ديمقراطي في المنطقة؟.
   ج/ للاسف انهم فشلوا على صعيدَين؛
  الاوّل؛ هو بناء الدولة العصريّة الحديثة.
   فشلوا في بناء مؤسسات الدولة.
   الثاني؛ في بناء نظام ديموقراطي حقيقي وفعال، هو نموذج للمنطقة.
   ويتجلّى الفشل اكثر فاكثر في الفساد المالي والاداري الذي ينخر بالدولة، وكذلك في تأخر التنمية وإعادة البناء والاستثمار، الى جانب الفشل في ترسيخ معايير المواطنة لتحسين الاختيار في إطار مبدأ [الرجل المناسب في المكان المناسب] فضلاً عن الفشل في حماية البلاد من الارهاب [اذ سقط نصفها بيد الارهابيين في الساعة الاخيرة من سلطة القائد العام السابق في ظروف لم يتمّ الكشف عن تفاصيلها للان، فيما يحمّل كثيرون الموما اليه وحاشيته الفاسدة المسؤولية الاكبر].
   س/ من يتحمّل الوزر الاكبر في هذا الفشل؟.
   ج/ الأغلبية في السلطة، واقصد بهم الشيعة.
   فكما هو معروف، فانّ كل بلد في العالم، قديمهُ وحديثهُ، ينجح اذا نجحت الأغلبية (الأكثرية) ويفشل اذا فشلت هذه الأغلبية.
   وتعتمد قاعدة (الأغلبية والأقليّة) في كلّ بلد على طبيعة المجتمع والنظام السياسي وغير ذلك، فتارة تكون الأغلبية والأقلية على أساس الدين وتارة على أساس اللّون وثالثة على أساس الاثنيّة، وهكذا، اما في البلدان الديمقراطية والمتحضّرة، فالأغلبية والأقلية سياسية، كما هو الحال في الولايات المتحدة مثلاً او دول أوربا او حتى كندا وأستراليا واليابان وغيرها.
   اما في العراق، فلقد انتجت الظّروف السّياسية التي اعقبت سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣، أغلبية وأقلية تستند الى مفهومين، مذهبي (الشيعة والسنة) واثني (العرب والكرد) بغضّ النظر عن صحة او خطأ هذا المنهج السياسي، ولكنه الواقع الذي تعيشه اليوم العملية السياسية.
   وما كرّس هذا الواقع هو مبدأ المحاصصة الذي اعتمدتهُ كلّ الأطراف السياسية المشاركة في العمليّة السياسيّة والسّلطة.
   س/ كيف ترى طبيعة العلاقة بين المركز والإقليم؟ لماذا ظلّت متشنّجة طوال الوقت؟!.
   ج/ الكُرد هم ثالث ثلاثة أطراف أساسية في العملية السياسية منذ لحظة التغيير، الى جانب الشيعة والسنة حسب التقسيم التقليدي الذي اصطبغت بلونه العملية السياسية بعد التغيير، فلقد لعبوا دوراً أساسياً ومفصلياً ومهماً في المساعي المبذولة لبناء العمليّة السياسية الجديدة وبكلّ مراحلها، بدءً بتشكيل مجلس الحكم وكتابة قانون إدارة الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية وتشكيل الحكومات المؤقتة وكتابة الدستور وحتى البدء بالانتخابات النيابية الدستورية التي تشكّلت على اساسها الحكومات الدستورية المتعاقبة.
   ولذلك يمكن اعتبار ان خطأهم في العملية السياسية هو جزء لا يتجزأ من خطأ الكلّ، واقصد بهم بقية الشركاء.
   الا انّ الملاحظ، منذ البدء، هو انّ الكُرد تعاملوا مع موضوعة الحقوق والواجبات بطريقة تعسفيّة مع بقية الشركاء، عندما بدأوا منذ اللحظة الاولى يستغلّون الظّروف العصيبة الجديدة التي يمر بها البلد للحصول على كامل حقوقهم وكأنّهم يبتزّون الاخرين، يدعمهم في ذلك عوامل عديدة ليس هنا محل الحديث عنها.
   نحن لا نتردّد لحظة في انّ لكلِّ مواطن في العراق ولكل مكون في العراق حقوق يجب على الدولة حمايتها ومراعاتها وتحقيقها، ولكن، وكما هو الحال في كلّ دول العالم حتى في اعرق الديمقراطيات منها، فانّ للظّروف السياسيّة والأمنية والاجتماعية والاقتصادية تأثيرٌ في تحديد شكل هذه الحقوق، فقد تضيّقها وقد توسّعها، وقد تستعجلها وقد تؤجّلها، خاصة عندما يمرّ البلد في ظروف استثنائية خارقة للعادة وعلى وجه الخصوص في مرحلة التاسيس، كما كان حال العراق بعد سقوط نظام الطاغية الذليل صدام حسين، فعندما يبذل طرف ما من الأطراف السياسية كل جهوده من اجل استغلال هذه الظروف ليستعجل الحصول على كلّ حقوقه من دون مراعاة الظرف الخطير او من دون الأخذ بنظر الاعتبار الهدف الاستراتيجي الاكبر الذي يفرض بعض التنازلات، ليس لالغاء حق من الحقوق ابداً وانما من أجل تأجيله او كما يسمّيه البعض بعملية ترحيل الى اشعار اخر، عندها تعرف بأنّ هذا الطرف يسعى للابتزاز وهو يتعامل بطريقة تعسفيّة، يضع نصب عينيه مجموعة من التكتيكات لتحقيقها من دون ان يضع نصب عينية الاستراتيجية ابداً.
   تشعر وكأنّهُ يتحيّن الفرصة لوضع العصي في عجلة المسيرة، يهدّد ويعرقل ويرفع من سقف مطاليبه في كل جولة جديدة من المفاوضات، متغافلاً انّه جزءٌ من الوضع العام وجزءٌ من البلاد، ما يضرّها يضرّهُ وما يضرّهُ يضرّها!.
   [في الولايات المتحدة الأميركية وقف الاباء المؤسّسون، عند كتابتهم الدستور، امام مفترق تاريخي ولحظة تاريخية عندما وجدوا انفسهم ان عليهم ان يختاروا بين الاصرار على تدوين المادة الدستورية المتعلقة بتجريم العبودية مقابل انهيار الاتحاد، الولايات المتحدة، وبين ان يتمّ تأجيلها مقابل ضمان تحقيق عملية بناء الاتحاد، وذلك بسبب صراع مصالح عنيف، وقتها، بين الشمال والجنوب، فآثروا التنازل عن المادة الدستورية وتأجيلها الى اشعار آخر وترحيلها الى الوقت المعلوم لإنجاز الاتحاد، وهو الهدف الاستراتيجي، وبعد ان رسّخوا الاتحاد وتجاوزوا المخاطر التي تهدده تم اجراء اول تعديل دستوري أضافوا فيه المادة الدستورية الخلافيّة، بقناعة الجميع].
   كما انّ الأغلبية في العراق رحّلت اصرارها على تحقيق نسبتها الحقيقية (٦٥٪) في التمثيل عند تشكيل مجلس الحكم والقبول بما نسبته (٥٢٪) فقط من اجل طي مرحلة مهمة من مراحل العملية السياسية، لحين جرت اول انتخابات نيابية دستورية ليحصلوا على النسبة الحقيقية لهم تحت قبة البرلمان.
   [ذات الامر اعتمده المفاوضون الايرانيون والدوليون فحققوا الإنجاز التاريخي (النووي) الذي حصل كلا الطرفين على ما نسبته (٥٠٪) من الحقوق، ان صح وصفها وتسميتها، فيما اجّل النصف الاخر الى الوقت المعلوم، كما وصف ذلك وزير خارجية الجمهورية الاسلامية في ايران الدكتور محمد جواد ظريف].
   [الجدير بالذكر ان الكرد يستحضرون كل هذه التجارب عند التفاوض مع الأطراف الاخرى في كركوك مثلاً او حتى في محافظات الاقليم، الا انّهم يتجاهلونها جملةً وتفصيلاً في بغداد!].
   س/ لكن البعض يوعز سبب كل المشاكل بين المركز والإقليم الى عدم وفاء الاول بالتزاماته ازاء الثاني؟ خاصة في الدورة الثانية من رئاسة السيد المالكي للحكومة؟!.
   ج/ هذا ليس صحيحاً، فتزمّت الكرد وتعنّتهم بحقوقهم على حساب الهدف الاستراتيجي بدأ منذ لحظة سقوط الصنم، يوم لم يكن لا اقليم ولا مركز، ولم يكن لا التزامات ولا حتى دستور ينظّم العلاقة، وهو دليل واضح على انّهم كانوا يبيّتون عملية ابتزاز كبيرة لبقية الشركاء تعتمد على طريقة تعسّفية في استعجال الحصول على كل الحقوق من دون التفكير بتأجيل بعضها مثلاً او ترحيلها لحين استتباب الظروف المناسبة بشكل اسلم.
   [خذ مثلاً على ذلك، إصرارهم على حلّ الجيش العراقي كشرط قبل ارسال الوفد المفاوض الى بغداد، وكذلك إصرارهم على اضافة البند (ج) لقانون إدارة الدولة الذي يعطي الحق لثلثَي ثلاث محافظات في إسقاط ايّة عملية استفتاء شعبي على اي تعديل دستوري، وغير ذلك، والتي يمكن اعتبارها حجر الزاوية في الكثير من المشاكل العويصة التي يمر بها العراق].
   يتبع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65141
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29