• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل سياتي وقت تسلم المليشيات فيه سلاحها للدولة العراقية؟ .
                          • الكاتب : د . عبد القادر القيسي .

هل سياتي وقت تسلم المليشيات فيه سلاحها للدولة العراقية؟

ان مقالنا هذا هو تكملة لمقالنا السابق (مليشيات تؤسس لفكرة معاداة الدولة للهيمنة على كل شيء في العراق ومنع قيام دولة القانون) ونقول:
في دولة العراق، هناك تجاسر على القانون بطريقة وصلت الى حد منح القانون أو تخلى عن الكثير من صلاحياته الحصرية إلى ميليشيات وسرايا وأحزاب سياسية، باتت لها سلطاتها الواسعة وإجراءاتها التي تتقاطع حتى مع كل القوانين الوطنية والدولية والاعراف السماوية والوضعية، وقد لاحظنا عدة ممارسات من خلال فيديوهات نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تجسدت بالقصاص في الساحات العامة وميادين المعارك والشوارع، من افراد تحت اتهامات بانه داعشي؛ فمن اعطى هذه الصلاحية لهذه المليشيات ان تقوم بذلك وبدون أي استنكار او إجراءات قانونية بملاحقة المتورطين من الحكومة؟  ومن الذي سمح بإقامة الحد على الناس بتعليقهم على الاعمدة أو حرقهم في الساحات العامة (حصل في المناطق التي دخلتها الميليشيات، بعد انسحاب عناصر داعش الارهابي منها)
ان تلك الممارسات من حرق منازل وتفجيرها وسرقتها إضافة الى انها تشكل عبأ اقتصادي كبير على الدولة في إصلاحها، فإنها، تشير الى ان سِلاح المليشيات فوق القانون بسبب الوهن الذي دب في اركان الدولة والضعف والفساد الذي شتت اوصالها، وبات سلاح المليشيات وسيلة من وسائل الترهيب والرعب التي تمارس يوميا في العراق، حيث تتبارى الأحزاب السياسية في صنع الميليشيات والأجنحة العسكرية، وبات لكل منهم سجونا سرية، ولها سرايا تقوم بخطف الناس ومصادرة أموالهم وتعذيبهم، وقد تعزز الاثر الفعلي لهذا الحزب أو تلك الكتلة في الساحة السياسية بطريقة أصبحت خطر داهم يهدد كيان الدولة العراقية.
ان على القوى الراعية لدولة العراق القانونية، ان تحث المليشيات وكتلهم السياسية الراعية لها وتدعمها  بالارتفاع الى مستوى اجراء مراجعة شاملة لمعادلاتها العقلية وطرائق تصرفها، وتحديد نوع صلتها بالعراق الدولة والارض والشعب، اي ان عليه التزاما بالقانون والدستور والمنطق والعرف والاخلاق والدين، ان تتفادى اي نشاط مخل بالأمن، وبالتالي تسليم السلاح الذي تمتلكه، والتصرف على اساس معادلة جديدة تُصادق على شرعية الحق العراقي؛ اي حق المواطنين العراقيين في وطن سيد لا وجود لأي سلاح غير ذي شرعية فيه، ولكن المعطيات الموجودة في المشهد العراقي تؤكد هيمنة النزعة المليشياوية، التي تنطلق من قدسية فكرة ومشروع المقاومة والقتال، لتصل الى ارساء استراتيجية جديدة وذهنية جديدة ومفاهيم جديدة تتخذ منها مداخل وظيفية وعملية نحو انجاز باطل: اسقاط مشروع الدولة الوطنية.
  ان مسالة الإبقاء بالسلاح تحت ذريعة مقاتلة داعش وغيرها من الجماعات المسلحة حتى خارج العراق يورط
 بذلك المجتمع العراقي برمته، ويعرض الهوية العراقية المسالمة للخطر؛ خصوصا ان المليشيات بهذا الفائض من القوة التي لديها وبالعقلية المليشياوية التي تستحكم بها، وبالمشروع الخارجي الذي يخطط له، تُلحِق نفسها شاءت ام ابت بركب تنظيم القاعدة وداعش التي نُبذت من كافة الدول الاسلامية وبالتالي لم يستطيع هذا التنظيم الحاقهم به وبمشروعه وجعلهم جمهورا مطيعا يلجا اليه كما يدفع ثمن ارهابه في العالم، اما في حالة المليشيات ففي حال اسقاط التُهم الموجهة الى تنظيم داعش، فالكارثة ستقع حينئذٍ على مناصري هذه المليشيات عموماً وتهدد سلامهم الجسدي والاقتصادي والمعنوي وستقع الكارثة ايضا على العراقيين عموما؛ سنة وشيعة وكردا وتركمان ومسيح ويزيدية وشبك بوصفهم مواطنين يتشاركون في الهوية ذاتها مع مناصري المليشيات ومع عموم العراقيين، وكل ذلك بسبب اقحامهم في انشطة غير مشروعة، لذا فالضرورة تستوجب منا تكوين لوبي مدني بعيداً عن اي اصطفاف سياسي في العراق يحصن الاجتماع الاهلي والنظام السياسي والهوية العراقية قبل حلول البلاء. 
ان المليشيات ترفع نفس شعار دول إقليمية بانها تحارب اميركا او اسرائيل وتستخدم ذلك ذريعة لتبرير الظلم الذي تسوقه بحق الناس، والمليشيات ومناصريها وكتلهم السياسية كانت ضحية انتعاش غير مشروع لأوهام (القيادة العادلة ودولة الحق وتقريب المذاهب) ان هذه المليشيات منحت نفسها سلطة التصرف بالدماء والاموال في محاولة رهيبة لإسكات كل صوت مخالف، هذه السلطة التي منحتها لنفسها، شرعت سطوة المليشيات وظلمها، ناهيك عن التنكيل الحاصل لعامة الناس.
كل هذا الظلم وكل هذا الهضم للحقوق والهويات يحصل في ظل نظام إسلامي، ولنا ان نستحضر عشرات العمليات الاجرامية التي اتهمت بها المليشيات وكم من الابرياء سقط بسبب حلم هذه المليشيات بالتوسع والسلطة والنفوذ، هذا مضافا الى الظلم الهائل الذي لحق بالعراق عموما، والعراقيين المناصرين لهذه المليشيات خصوصا، جراء استعمال الساحة العراقية ساحة لتصفية الحساب مع اميركا ودول الجوار ومسرحا لاختبار فاعلية أسلحة لدول اقليمية الصنع.
والحكومة وبعض الشخصيات السياسية والأحزاب لمعوا من دور المليشيات لأضعاف الجيش؛ بحيث أصبحت هذه المليشيات لا تلتزم بأوامر المرجعيات او السلطات السياسية او الأمنية وأصبحت الرئاسات الثلاث في موقف المتفرج لصولات وبطولات هذه المليشيات في مجال خروقاتها الأمنية وفي وضح النهار وفي أماكن تعد واقعة ضمن المربع الأمني للحكومة
ان المليشيات حمالة لمشروعين متناقضين؛ حمَّالة لمشروع محاربة داعش والامريكان، وفي المقابل، هوية دموية تمارس من خلالها أبشع انواع الظلم (ولا تقل اجراما في بعض الأحيان عن داعش) قتلا وتهجيرا وسجنا وتنكيلا بحق الشعب العراقي والشعب السوري التوَّاق للحرية، هذه الازدواجية فضحت حقيقة هذه المليشيات وادخلتها في طور ازمة بنيوية حادة لن تنفع معها بعد الان محاولات التصويب السياسي لاستعادة وضعية التوازن. واستطرادا, وللإفادة والتذكير في ان، اذكر نصا للأمام علي (عليه السلام), وهو جزءٌ من عهده الى مالك الاشتر بعثه اليه عندما ولاهُ على مصر, يقول له فيه منبها اياه من حرمة سفك الدم : "اياك والدماء وسفكها بغير حلها, فانه ليس شيء ادعى لنقمة, ولا اعظم لتبعة, ولا احرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها, والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة, فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام, فان ذلك مما يضعفه ويوهنه, بل يزيله وينقله, ولا عذر لك عند الله, ولا عندي في قتل العمد لان فيه قود البدن, وان ابتليت بخطأ, وافرط عليك سوطك او سيفك او يدك بالعقوبة, فان في الوكزة فما فوقها مقتلةً, فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن ان تؤدي الى اولياء المقتول حقهم".
 هذا بعضَ مما اوصى به الامام علي (عليه السلام)، لنُذَكِّر المليشيات ومناصريها بان اي كتلة او مجموعة او مليشيا تذهب بعيدا في اعتماد الظلم والقتل والتهجير سببا لبقاء السلطة والحكم، فإنما تفعل خلافَ ذلك تماما، اذ انه يعجل في سقوطه والرحيل، سقوطٌ ورحيلٌ لا تؤخره تضخم الذات الحربية، ولا حتى مساعدة عمائم تقبع تحتها تبريرات أيديولوجية، او عمائم تستعمل ظلما ال البيت الاطهار شماعةً تعلق عليها خطاياها والمزالق.
ان الوهم بوجود فائض قوة لدى بعض المليشيات والقوى السياسية التي تدعمها معطوفا على تحريض دول الجوار وتنظيمات مليشياوية في المنطقة دفع هذه المليشيات والقوى السياسية المناصرة لها الى الوقوع في خطيئة كبرى جعلت من أهدافها ورؤاها التي كانت بداية تحت سقف الاجماع الوطني، أصبحت اهداف مذهبية فئوية ضيقة لا هدف منها، بحسب ما ظهر لاحقا من تصريحات تنال من هيبة الدولة وجيشها الوطني، وتريد قلب نظام الحكم واستلام السلطة.
ثم, الا تعرف هذه المليشيات بان تعطيل النظام العام واسقاط هيبة الدولة يؤدي الى الانقسام، والانقسام يؤدي الى الصراع، والصراع يؤدي الى النزاع "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم"، والنزاع يؤدي حكما الى سفك الدم، وسفك الدم حرام، وعليه، فان كل ما يؤدي الى سفك الدم هو حرام عملا بالقاعدة الواضحة التي تقول بان مقدمة الحرام حرام؛ ثم, أيضا، اين المصلحة في ان تبقى المليشيات ومناصريها وبعض القوى السياسية المؤيدة لها التي تدعي تمثيل مكون مهم من مكونات المجتمع العراقي، راهنة نفسها وسياستها وتحركاتها لتوقيت واجندة دول الجوار وبالتالي راهنة مصير مؤيديها ومناصريها لذات الاجندة والتوقيت؟
 هذا، حقيقة، فخ كبير وقعت فيه هذه المليشيات والقوى السياسية التي تمثلها ومناصريها، وهي تتحمل مجتمعة مع دول الجوار ومليشيات وأحزاب في المنطقة التي تنتهج نفس الأسلوب، مسؤولية تقديم مكون مهم من مكونات المجتمع العراقي وتظهيرهم بغير صورتهم وخلفيتهم الوطنية واعطائهم هويات مذهبية لا تنسجم وانتمائهم الى اوطانهم. ان هذه المليشيات ومناصريها وكتلهم السياسية عليها العودة الى التعقل، والى تسليم أسلحتها والاندماج بالمجتمع العراقي والعمل على تأسيس دولة المؤسسات والعمل على تقوية شوكة الدولة.
الأحزاب السياسية التقليدية التي تسيطر على الحكم منذ عام 2003 أدركت إن "الحشد الشعبي" يشكل خطراً ومنافساً لهم على شعبيتهم في الانتخابات ولهذا قامت بتشكيل مليشيات على شكل فصائل وسرايا ليضمنوا شعبيتهم، والمشكلة هي إن الفصائل المنضوية تحت اسم "الحشد الشعبي" ليست موّحدة، بل تواجه صراعات فيما بينها متعلقة بمصالح سياسية واقتصادية وعسكرية.
ويقول مراقبون إن الصراع سيكون أشد في الانتخابات المقبلة، لأن الأحزاب السياسية باتت تمتلك مقاتلين وأسلحة قد يتحولون من قتال "داعش" إلى التقاتل الداخلي فيما بينهم كما إن هناك مخاوف من نزاهة الانتخابات في ظل انتشار آلاف المقاتلين غير النظاميين بين السكان.
وأخيرا نقول: على المتظاهرين رفع شعار نزع سلاح المليشيات لأنه يؤسس لدولة مدنية لها نظامها القانوني الذي يحفظ الحقوق والحريات للجميع.
 ومن لا يمتلك قرار الضغط على الزناد، لا يملك قرار تسليم سلاح المليشيات للدولة.
ونختم مقالنا بقول من مدرسة علي بن أبي طالب سيد الرجولة والبلاغة، حينما قال: " إذا وضعت أحدا فوق قدره، فتوقع منه أن يضعك دون قدرك"

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/08/14 .

د.عبدالقادر القيسي .
السلام عليكم .
كل العراقيون يتمنون العيش ضمن دوله يسود فيها القانون .وٱلٱمن .
لكن الظروف فرضت على العراقيين هذا الحال .فتركوا حياتهم المدنية وحملوا السلاح للدفاع عن ٱنفسهم وٱرضهم وحياتهم ..
في صورة لم تكن من رسم ٱيديهم .بل تدخلت فيها ٱيد خارجية وداخلية كثيرة .
هناك فرق شاسع بين من يقاتل تحت مظلة الدوله .وبين من هو خارج عن القانون .فالذين هبوا للدفاع عن وطنهم وشعبهم تلبية لنداء المرجعية الرشيدة ..ملتزمين بوصاياها .الرشيدة عون لجيشهم الذي تعرض في مرحله سابقة .الى ٱنكسار سببه ٱلتامر .
تعرض مشروع الحشد الشعبي الى محاولات من قبل دواعش السياسة الى مؤامرات لتشويه سمعته ٱعلاميا ومن خلال بعض المندسين .الذين قاموا ببعض ٱعمال القتل والسرقة والحرق وتم تصويرها ونسبها زورا لاابطال الحشد الشعبي .
المرجعية الرشيدة ٱلزمت الجميع بعدم رفع ٱعلامهم الخاصة .ورفع علم العراق بدل عن ذلك لكي يكون القتال تحت راية الوطن .
السلاح المستخدم هو سلاح الدوله .وٱبناء الحشد يقاتلون متوزعين على وحدات الجيش كقوة ساندة لها وتحت ٱمرتها ،ومن ضمن حركاتها .ولا يختلف ٱثنان على ماقدمته من تضحيات كبيرة وتغيير للمعادله لصالح الوطن والشعب .
فالذي ٱوجد هذه القوى هو ظرف قاهر خارج عن السيطرة .واليوم ينضوي تحت لواءها الكثير من ٱبناء الشعب ومن مخلتف المكونات والمذاهب .
ٱمريكا .عارضت وبشدة هذا المشروع .وٱعتبرت تلك القوى ٱمتداد للنفوذ ٱلايراني في العراق .وفي مرات كثيرة رفضت التعاون مع العراق في مجال مكافحة الارهاب .ظهور شخصيات عسكرية ٱيرانية في جبهات القتال ٱثار زوبعة جدل كبيرة .تم ٱحتواء ٱثارها .بان ٱعلن العراق رسميا بان العراق لديه تعاون مع الكثير من الدول لمكافحة الارهاب .وٱن الكثير من الدول ٱرسلت مستشاريين عسكريين ومن ضمن ذلك المستشاريين الايرانيين الذ ين يعملون في العراق وفي الاقليم .
البعض ٱشاع مفهوم سلطة تسلط الاحزاب على القرار الوطني كجزء من محاولة ٱثارة الرٱي العام .وٱثارة حفيظة التحالف الدولي لمكافحة الارهاب لتغيير ستراتيجيته في العراق .ويبدو ٱن الهدف هو ٱعادة عقارب الساعة الى الوراء .
هناك خلاف بين بعض القوى الشيعية ٱنعكست ٱثاره على السلبية على العمل السياسي .وحصلت تراشقات كلامية .لم تؤثر على عمل مكافحة ٱلارهاب .في ٱلارض لشعور الجميع بالمسؤولية تجاه التوحد في وجه الارهاب ،
البعض ذهب في طرحه بعيدا .عندما قسم القوى التي تقاتل ٱلارهاب الى جهتين .قوى تتبع منظومة ٱيران الفكرية .ومنظومة محليه تتبع الداخل العراقي ..الطرح بني على اساس خاطيء نتية رؤية ضبابية .فليس هناك منظومتان مختلفتان مستقلتان عن بعظهما البعض .فايران جاره مسلمه وقفت مع العراق في السراء والضراء وهي تقدم المساعدة للعراقيين جميعا دون النظر لطائفة او القومية والمذهب .وكل القوى الجهادية منظوية تحت مرجعية النجف الاشرف .والتي تحظى باحترام كل المرجعيات الدينية في ايران والعراق وباق دول العالم بل حتى من اغلب دول العالم ومن النظم السياسية المختلفة التي رٱت فيها الحكمة وانها صمام امان للعراق ظروف المرحله هي التي دعتنا الى هذا الحال وفرضت علينا اتخاذ قرارات صعبة
نتمنى اليوم الذي يعود فيه العراق الى وضعه الطبيعي قريبا يسود فيه القانون والنظام .ويعيش ابناءه فيه بكل ٱمن وطمٱنينة في محبه ووئام بناة للحضارة والحياة .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65662
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12