• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته على القرآن الكريم ( 6 ) .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته على القرآن الكريم ( 6 )

 
7ـ التشكيك بالوحي:
يقول سهيل قاشا: «وأما كيفية ذاك التنزيل ـ أي الوحي ـ فلا نملك من أمر تفسيره إلا التكهنات والأفتراضات»1.
الوحي هو تعبير عما يلقيه الله سبحانه وتعالى إلى نبي من أنبيائه  بواسطة ملك، أو بغير ذلك من وسائط الإتصال، لأجل تبليغ الرسالة الإلهية، ويسمى هذا الوحي بـ(الوحي الرسالي)، وقد ورد ذكره في أكثر من سبعين موضعاً من القرآن الكريم.وتعتبر ظاهرة الوحي من أبرز سمات وميزات ومشخصات الأنبياء  التي يمتازون بها عن غيرهم، وحول ذلك يقول السيد الطباطبائي: «فكان  يرى شخص الملك، ويسمع صوت الوحي، لكن لا بهذه السمع والبصـر الماديين، وإلا لكان أمراً مشتركاً بينه وبين غيره (...) فكان يأخذه بُرحاء الوحي، وهو بين الناس فيوحى إليه، ولا يشعر الآخرون الحاضرون»2.
أما حول ألفاظ القرآن الكريم، وهل وردت بنفس المراد، واللفظ الإلهي، أم بلفظ الوحي، أم بلفظ النبي محمد ؟
في الحقيقة لقد وردت العديد من الأقوال، والدعوات حول ذلك، والتي ذكرها الزركشي3 ، والسيوطي4، والسمرقندي، والجويني5، وقد رد الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني على هذه الدعوات بقوله: «وقد أسفّ بعض الناس فزعم أن جبرائيل كان ينزل على النبي  بمعاني القرآن، والرسول يعبر عنها بلغة العرب. وزعم آخرون أن اللفظ لجبرائيل، وأن الله كان يوحي إليه المعنى فقط. وكلاهما قول باطل أثيم، مصادم لصريح الكتاب، والسنة، والإجماع، ولا يساوي قيمة المداد الذي يكتب به...»6.
إن من أشهر المستشرقين الذين شككوا بالوحي على سبيل المثال:
(هاملتون جب7، وأميل درمنغام، وأدوراد مونتيه8، وكازانوفا9 ).
8 ـ تعدد المصاحف:
أن سهيل قاشا يورد ذكر شبهة المصاحف المتعددة10 إذ يقول: «كانت الأمة تقرأ نسخ يختلف بعضها عن بعضها الآخر»11.
فهو هنا أيضاً يريد إسقاط شبهة (تعدد الأناجيل) على القرآن الكريم، فيريد من كلامه هذا أن يبين أن هذه المصاحف أيضاً مختلفة فيما بينها، وهو بالحقيقة لا يعلم بأنها (نسخ) لنفس القرآن الكريم كتبت بخطوط مختلفة، من قبل كُتاب مختلفين، إذ كتبها كل شخص بخط يده الخاص به، وهذا جلي وواضح في زماننا هذا من حيث: (تعدد المخطوطات)، أو (دور الطباعة)، أو (دور النشر)، والتي تتعدد وتتنوع في مطبوعاتها من حيث النوعية، وطبيعة الخط، وما شاكل ذلك من ميزات، وعلامات فارقة.
فقضية تعدد المصاحف، وبالتالي أختلافها هي من الشبهات التي أثارها أعداء الدين الإسلامي قديماً وحديثاً، ونحن نتحدى كل شخص يقول بذلك أن يأتي بنسخة مغايرة لما موجود الآن من نسخ (القرآن الكريم) زيادة أو نقصاً، وأما الذي يتحججون به فهو مجرد أقوال، وإدعاءات ذكرتها كتب عديدة، ونسبت إلى مذاهب متعددة، لكن المهم أين الدليل على ذلك؟ الجواب يأتي دائماً (هذا ما قالوه)؟!
والقرآن الكريم كان ولا زال وسيظل كتاباً واحداً، ونسخة واحدة معتمدة يأتم بها كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. فالله سبحانه وتعالى هو القائل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَـحافِظُونَ (سورة الحجر، الآية 9).
و قال تعالى : بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ   (سورة البروج، الآيات 21ـ 22 ).
و قال تعالى :  إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ  (سورة الواقعة ، الآيات ( 77 ـ80 ) .
أما قضية (تعدد القراءات) والتي يعول عليها المستشـرقون كثيراً، وكذلك تابعهم (سهيل قاشا) وكثيرٌ ممن يلهثم ورائهم، فما هي إلا أختلاف في كيفية القراءة، و مرجع ذلك  إلى (النحو العربي) فهي قضية نحوية، وهذه القراءات وبشكل عام يتعلق أختلافها بـ(الحركات) فقط.
قال الأمام الصادق : «القرآن واحد، نزل من عند واحد، ولكن الأختلاف يجيء من قبل الرواة»12. 
فـ«هناك فرق بين القرآن والقراءات، حيث القرآن هو النص الموحى به من عند رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين، وهو الذي تعاهده المسلمون جيلاً بعد جيل، تلقوه من الرسول تلقياً مباشراً، وتداولوه يداً بيد حتى حد التواتر المستفيض. لا أختلاف فيه ولا أضطراب منذ يومه الأول... وهم على قراءة واحدة كان يقرأها النبي الكريم  وتداوله الأصحاب والتابعون لهم بإحسان وعلى أثرهم سائر الناس أجمعون. أما القراءات فهي أجتهادات من القرّاء للوصول إلى النص الموحد، ولكن طرائقهم هدتهم إلى مختلف السبل فضلاً على تنوع سلائقهم في سلوك المنهج القويم. فذهبوا ذات اليمين وذات الشمال، كل يضرب على وتره»13. 
« و قد ظن كثير من العوام أن المراد بها ـ الأحرف السبعة ـ القراءات السبع ، و هو جهل قبيح »14.
9 ـ تعدد الزوجات:
يقول سهيل قاشا: (وعلى كلٍ فالقرآن يحوط السماح بتعدد الزوجات بشروط هــي من الصعوبة والندرة بحيث يتضح للقارئ... أن تعدد الزوجات هو أقرب إلى المحرمات منه إلى المحللات)15.
لقد وقع الجدل كثيراً في موضوع (تعدد الزوجات)، وبالخصوص لدى المستشرقين، ونقاد الدين الإسلامي، فـ(تعدد الزوجات) كانت عادة جاهلية قديمة، ومهينة لوضع، ومكانة المرأة، فكيف يقر بها الإسلام ولا يدعوا لمنعها، بل نجده يؤكد عليها بقوله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ (سورة النساء، الآية 3).
في الحقيقة «إن في هذا التشـريع إجابة لواقع الإنسان في فطرته، وصيانة للمجتمع دون تفشـي الفساد فيه... فقد جاء الإسلام ليحدد لا ليطلق ويترك الأمر لهوى الرجل، فقد قيد التعدد بالعدل، وإلا أمتنعت الرخصة. ولكن لماذا أباح هذه الرخصة؟ إن الإسلام نظام للإنسان، نظام واقعي، إيجابي، يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه، ويتوافق مع واقعه وضروراته، ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان والأحوال. إنه نظام واقعي إيجابي يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه، ومن موقفه الذي هو عليه، ليرتفع به في المرتقى الصاعد إلى القمة السامقة، في غير إنكار لفطرته أو تنكر، وفي غير إغفال لواقعه، أو إهمال، وفي غير عنف في دفعه أو أعتساف... فإذا استصحبنا معنا هذه الخصائص الأساسية في النظام الإسلامي ونحن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات فماذا نرى؟ نرى أن هناك حالات واقعية في مجتمعات كثيرة ـ تاريخية وحاضرة ـ تبدو فيها زيادة عدد النساء الصالحات للزواج، على عدد الرجال الصالحين للزواج. فكيف نعالج هذا الواقع الذي يقع ويتكرر وقوعه بنسب مختلفة؟ هذا الواقع الذي لا يجدي فيه الإنكار، أنعالجه بهز الكتفين؟ أو نتركه يعالج نفسه بنفسه حسب الظروف والمصادفات؟!  إن هز الكتفين لا يحل مشكلة ! كما أن ترك المجتمع ليعالج هذا الواقع حسبما أتفق لا يقول به إنسان جاد يحترم نفسه ويحترم الجنس البشري. فـلابد إذن من نظام ولابد إذن من إجراء...»16.
أمّا الشبهات التي أثيرت حول تعدد زوجات النبي محمد والتي أثارها مستشرقون كثر من أمثال: (موير، وإرفنج، وسبرنجر، وفيل، ودرمنغم، ولامنس)17 ما هي إلا شبهات وراءها أهداف عدائية، وتبشيرية واضحة.
إن الوقائع التاريخية تنقل لنا بأن السنن الدينية في العالم أجمع قامت على مبدأ تعدد الزوجات، كما ولقد كان للكثير من مؤسسي الأديان العديد من الزوجات إلا نبي الله عيسى  فقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في وصفه للسيد المسيح : «لم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه»18.
وقد حرم تعدد الزوجات عند اليهود المقيمين في أوربا طبقاً لفتوى (الربي غرشوم بن يهودا) (المتوفى 1028 م)، وسرى هذا التحريم إلى يهود المشرق أيضاً ، بعد أن كان محللاً . ولم يجوز الدين المسيحي تعدد الزوجات ، كما وحرموا الطلاق تحريماً مطلقاً ، بعد أن كان مباحاً عندهم قبل ذلك .
نعم ، لم يكن هناك حد للزوجات لدى العرب في العصـر الجاهلي، ولكن الإسلام حدده بأربع نساء، وجواز الأكتفاء بواحدة فقط عند عدم مراعاة العدالة بينهن.  أما الدعوى التي جاء بها سهيل قاشا حول تعدد الزوجات ، أو أن شروط التعدد مستحيلة ، فلا أساس لها، فهي تخالف صريح الآية المذكورة، وتتعارض مع الكثير من الآيات القرآنية حول قضية الزواج.
وهو بهذه الدعوى يتناغم مع آراء المستشرقـين، وأعداء الإسلام، الطاعنين بالقرآن، وبنبوة النبي محمد ، وليثيروا الشكوك والشبهات حول النبي في تعدد أزواجه.
«وفيما يتعلق بشـرعية تعدد الزوجات، سوف نرى من الإشارة إلى النصوص التالية في الكتاب المقدس أن تعدد الزوجات لم يكن فقط مستحسناً ولكن باركه (يهوه) بنفسه: التكوين 30 آية 2: 22 / الخروج 21 آية 11 / التثنية 17 آية 17 / صموئيل الأول 1 آية 1، 2، 11، 20 / صموئيل الأول 25 آية 42، 43 / صموئيل الثاني 12 آية 8 / صموئيل الثاني 5 آية 13 / القضاة 8 آية 30 / القضاة 10 آية 4 / القضاة 7 آية 9، 14... لكن أكثر المدافعين عن تعدد الزوجات تميزاً كان (جون ملتون) الشهير، وقد دافع عن هذا الموضوع في كتابه (رسالة في العقيدة المسيحية...) استشهد بفقرات متعددة من الكتاب المقدس دفاعاً عن تعدد الزوجات...فعلى أي أساس إذاً أعتبار أن هناك عادة مخزية أو شائنة، وهي لم تحرم على أي فرد حتى في الكتاب المقدس...»19.
« فالإسلام في الحقيقة جاء ليحد من هذه الفوضى في منح الرجل هذا المقدار من الحرية الزوجية ، و اذا به يحدد الرجل و يقيده بهذا القدر المحدود من النساء بعد أن ألزمه بالعدل بين الزوجات بما لا يخدش به كرامة البعض فيما بينهن . و اذاً فالمشـرع الإسلامي راعى جوانب المرأة في التشريع المذكور اذا أخذنا بعين الإعتبار هذين العاملين ؛ التحديد و الحد من الحرية السابقة و تقييد الزوج حيث لم يتركه و شأنه يتزوج بدون قيد و شرط ، بل رسمت له خطة موضوعية حددته فيها عن القيام بمثل هذه التوسعة إلا إذا كفل للزوجات الحقوق التي فرضها الله عليه ، سواء في ذلك الحقوق المالية أم غيرها مما يعود إلى ما يكفل لها حياة هانئة تليق بإمثالها »20 .
10 ـ في معنى (الأمي)، و(الأميون):
ان سهيل قاشا وعندما يتعرض لكلمة (أمي) فإنه يفسـرها بما يرادف (الجهل)، وكل من لا يعرف القراءة والكتابة، فيقول: (والأميون بمكة)21.
وهنا يمارس سهيل قاشا ديدنه في تبني آراء المستشـرقين القديمة، والبائدة، والتي منها ما أثاروه حول كلمة (أمي) و(أميون). وهنا نتطرق لبعض آراء المستشرقين حولها كالآتي:
1ـ المستشرق (سبرنجر) في كتابه (حياة وعقيدة محمد) المطبوع في برلين سنة (1861 م) يقول: بأن المراد من أمي هو وثني22.
2ـ المستشرق (فنسنك) وفي مقال له نشره في مجلة (الشؤون الشرقية)23 يقول: أن كلمة (أمي) تقال لوصف غير أهل الكتاب، وأن كلمة (أمي) مشتقة من أمة بمعنى شعب وثني (عرقي)، ويتوافق مع الكلمة العبرية (جويم)24.
3ـ المستشرق (هورفيتز) وهو يذهب إلى أن معنى (أمي) هو (وثني)25.
يقول الكاتب المصـري المتخصص بالترجمة وشؤون الأستشراق (عبد الرحمن بدوي) 26: «... من السهل علينا تفنيد هذا الرأي الفاسد (فأمي) لا تعني وثني، والنبي  وصف نفسه بأنه نبي أمي وهو يجادل اليهود، ومن المستحيل، والمخالف للواقع أن يصف النبي  نفسه بأنه (أمي) وهو يقصد كافراً، أو وثنياً، لأن بهذا المعنى تكون صفة أمي فيها نوع من الإهانة»27.
4ـ المستشرق (فرانتس بول) في كتاب (حياة محمـد ـ ترجمة ألمانية، هيلدبرج، سنة 1955 م) فهو يرى بأن معنى (أمي): مشتقة من أمة بمعنى شعب، أي: أنها تعني غير ديني28.
5ـ ما ذكره المستشرق (كارلو نللينو) والمنشور ضمن أعماله الكاملة، المجلد الثاني، روما، سنة (1940 م) (ص 60 ـ 65)، بأن (أمي): هو ذلك اللفظ المنطبق على محمد، وكذلك الأميين حيث يؤيد الرأي القائل بأن أمي مشتقة من الأمة العربية... ويرى أن أمي تأخذ بعداً عرقياً أو متعصباً للقومية29.
أن صفة (أمي) قد وردت في القرآن الكريم (6) مرات: مرتين بصيغة المفرد (أمي)، وأربع مرات بصيغة الجمع (أميين)، وقد تعددت الآراء والتفسيرات حول المراد منها:
1ـ فعن الإمام الصادق  في تفسير قوله تعالىهُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ ...  انه قال : « كانوا يكتبون ، و لكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ، و لا بعث إليهم رسول ، فنسبهم الله إلى الأميين »30 .
2ـ قال الراغب الأصفهاني: «والأُميّ: هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب... قال قطرب: الأُميّة: الغفلة والجهالة، فالأمي منه، وذلك هو قلة المعرفة... قال الفراء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب... وقيل: سمي بذلك لنسبته إلى أم القرى31.
3ـ قال القرطبي نقلاً عن أبن عباس: «الأميون: العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب» 32.
4ـ وذُكر بأن المراد بها هو: «عالمي، وصالح، وموجه لكل الأمم... بمعنى أصح النبي العالمي» 33.
قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْـحَكِيمُ (سورة الجمعة، الآيتان 2 ـ 3).
5ـ و المراد بـ(الأميين) هم: أما أهل مكة نسبة إلى (أم القرى)، أو نسبة إلى (أمي) وهي صفة عوام الناس من البسطاء والمغلوبين على أمرهم.
وذلك الذي وضحته السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء لما وصفت العرب، وبالخصوص أهل مكة، وكيف كانت أحوالهم قبل الرسالة المحمدية إذ قالت: «وكنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القد أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم...»34.
لكن السؤال المهم: هل كان النبي  وسلسلة أباءه منهم أم لا؟
الجواب: لا وذلك لقوله تعالى: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ (سورة الجمعة، الآية 3).
والمراد بذلك: آخرين من أهل مكة لم يتابعوا قومهم على عبادة الأصنام، ولم يزاولوا عاداتهم، ولم يتأثروا بطباعهم، بل بقوا متمسكين بالدين الإبراهيمي الحنيف حتى وقت بعثة النبي محمد وهم من ذرية نبي الله إبراهيم .
قال رسول الله : «لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا، لم يدنسني بدنس الجاهلية»35.
وإلى ذلك يشير الأمام علي بن أبي طالب  بقوله: «فاستودعهم ـ أي الأنبياء ـ في أفضل مستودع، وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام، كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف، حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمد  فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً، وأعز الأرومات مغرساً، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه، وأنتجب منها أمناءه، عترته خير العتر، وأسرته خير الأسر، وشجرته خير الشجر، نبتت في حرم، وبسقت في كرم، لها فروع طوال، وثمر لا ينال، فهو إمام من أتقى وبصيرة من أهتدى»36.
الهوامش : ..................................................
(1) القرآن بحث و دراسة ، سهيل قاشا، ص 12 .
(2) تفسير الميزان، ج 15، ص 346 .
(3) البرهان، ج 1، ص 229 ـ 230 .
(4) الإتقان، ج 1، ص 126 .
(5) الإتقان، ج 1، ص 127 ـ 128 .
(6) مناهل العرفان، ج 1، ص 49 .
(7) هاملتون جب (1895 ـ 1971 م) مستشرق أنكليزي الأصل .
(8) أدوارد مونتيه (1856 ـ 1927 م) مستشرق فرنسي .
(9) كازانوفا (1861 ـ 1926 م) مستشرق فرنسي .
(10) المصدر السابق، ص 30 ـ 32 .
(11) المصدر السابق، ص 33 .
(12) الكافي، الكليني، ج 2، ص 630، رقم 12 .
(13) شبهات وردود حول القرآن الكريم، محمد هادي معرفة، ص 288 .
(14) التبيان ، ج 1 ، ص 61 .
(15) المصدر السابق، ص 165 .
(16) شبهات وردود حول القرآن الكريم، محمد هادي معرفة، ص 164 ـ 165 .
(17) يراجع لذلك كتاب: حياة محمد لمحمد حسنين هيكل، ص 293 .
(18) نهج البلاغة، الخطبة (160) .
(19) دفاع وأعتذار لمحمد والقرآن، جون ديفنبورت، ص 219 ـ 221 .
(20) الزواج في القرآن و السنة ، عز الدين بحر العلوم ، ص 309 ـ 310 .
(21) المصدر السابق، ص 216 .
(22) حياة وعقيدة محمد، سبرانجر، ج 2، ص 224 .
(23) من صفحة (2) إلى صفحة (19) .
(24) وهذا ما ذكره في كتابه (العقيدة الإسلامية)، ص 60، كمبردج، 1932 م .
(25) ذكر ذلك في أثنين من كتبه هما: (الأسماء اليهودية ومشتقاتها في القرآن)، و(مباحث قرآنية) .
(26) عبد الرحمن بدوي ( 1917 ـ 2002 م ) عالم و كاتب مصري .
(27) دفاع عن القرآن ضد منتقديه، عبد الرحمن بدوي، ص 16 .
(28) دفاع عن القرآن ضد منتقديه، عبد الرحمن بدوي، ص 17 .
(29) دفاع عن القرآن ضد منتقديه، ص 17 .
(29) تفسير الميزان ، الطباطبائي ، تفسير سورة الجمعة ، الآية ( 2 ) .
(30) المفردات، ص 87 .
(31) تفسير القرآن، القرطبي، ج 18، ص 91 .
(32) دفاع عن القرآن ضد منتقديه، عبد الرحمن بدوي، ص 18 ـ 19 .
(33) مقطع من خطبة الزهراء.
(34) مجمع البيان، الطبرسي، سورة الأنعام، الآية (74) / الدر المنثور، ج 5، ص 98 .
(35) نهج البلاغة، الخطبة (93) .




 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65731
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29