• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الأحمد جزء من مشروع الاخوان غير العادل ! .
                          • الكاتب : مير ئاكره يي .

الأحمد جزء من مشروع الاخوان غير العادل !

بعد كلمة الأستاذ الشيخ مراد الخزنوي في مؤتمر أنتاليا بتركيا الذي إنعقد بتأريخ 01 / 06 / 2011 ، توالت عليها ردود أفعال علمانية وإسلامية سورية إتّسمت غالبيتها بالعنف والقسوة وقصر النظر والتشنّج . 
وكان في مقدمة الركب الذي هاجم كلمة الشيخ الخزنوي السيد علي الأحمد أحد أقطاب حركة الاخوان المسلمين السورية ، حيث إنه إتخذ مقاطع من كلام الشيخ الخزنوي ذرائع جائرة لا للنيل من الشيخ الكوردي وحسب ، بل الشعب الكوردي برمّته . ومن مآخذه إن الشيخ مراد الخزنوي قد ذكر في كلمته بضرورة فصل الدولة عن الدين وقيام دولة ليبرالية علمانية في سوريا بعد الاطاحة الشعبية بنظام البعث المتسلط على الحكم في دمشق ، قائلا – أي السيد علي الأحمد – إن ذلك يخالف إجماع المسلمين . وأعتقد ماعناه السيد الأحمد هو إجماع حزبه ومتحزبيه ، لكنه غطّاه بإجماع المسلمين ! . 
هنا لاأريد أن أتطرّق الى مقولة الشيخ مراد الخزنوي حول الدولة والدين ، أو بحثه في ميزان الكتاب والسنة الصحيحة ومدى تطابقها ومعياريتها معهما ، لكن مع ذلك أقول ؛ برأيي إن الشيخ الخزنوي ربما أطلق مقولته بناء على بعض التجارب السياسية الدينية للحكم المنسوبة للاسلام كحركة طالبان المتطرفة ومنظمة القاعدة الارهابية وايران وغيرها . لذا من نافلة القول هنا ، أنا أيضا أشد بحرارة على يدي الشيخ الخزنوي ، لأن هكذا حركات وحكومات قد تشوّه ، أو انها ساهمت فعلا في تشويه حقيقة المشروع السياسي الاسلامي للحكم والحكومة ، بل للاسلام والمسلمين بشكل عام ، وهذا مارأيناه من تصرّفاتهم وسلبياتهم وسياساتهم الجورية وممارساتهم الشنيعة البغيضة المدانة على مستوى الكتاب والسنة والعقل السليم والأخلاق والضمائر الانسانية . وما ذكرته لايعني بأني أفضّل العلمانيين الليبراليين على الاسلاميين ، لأن العلمنة الليبرالية في الشرق الأوسط ، وفي العديد من المناطق والبلدان الأخرى أيضا لم تكن أبدا ليبرالية عقلانية متفتّحة ومتسامحة وعادلة في حكمها منذ نحو قرن . إذ انها حكمت بالاستبداد والدكتاتورية ، وبالحديد والنار ، وبالطغيان والعدوان  . بل الذي ينبغي قوله إن الاسلاميين أيضا يفتقدون الى مشروع سياسي متفتّح ومتسامح وناجح للمجتمعات التي يعيشون ويتعايشون معها . لهذا لا فضل هذا على ذاك في موضوع العدالة ، لأن أيّ طرف بغض النظر عن فكره إنتهج العدل في حكمه ، وفي ممارساته فهو مقبول على الصعيد الشرعي والعقلي ، والعكس صحيح بدون شك والسبب أن العدالة هي حق عام للبشر ولا إستثناء فيه كما قرره القرآن الكريم ، ثم إن العدالة هي المقياس والمحك للايمان والحكم والحاكم . ولهذا السبب جعل القرآن الكريم العدل بعد الايمان مباشرة ليعلّمنا أن من لاعدل له لا إيمان له ! .   
ثم المفارقة الكبرى للسيد علي الأحمد ومن دار في فلكه وسار على دربه هي نسيانهم للمراجعة الذاتية النقدية ، أو المراجعة التوبوية بتعبير القرآن لحركة الاخوان المسلمين حول إنزلاقهم في محاذير شرعية ، منها التآلف والتحالف مع حكومة بعث العراق المنحلة ، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ضد حكومة البعث السورية الحالية أيام الأسد الأب  ، حيث في تلكم الأيام الخاوية السالفة كان المدد المالي والتسليحاتي تأتيهم بكرة وعشيا من عراق البعث الصدامي لمحاربة البعث الأسدي . وهذا أمر محرم وغير جائز في الاسلام ، لأن سيدي رسول الله محمد [ ص ] قد حرم الاستعانة بهكذا طاغية على طاغية آخر مثله ، إن لم يكن أكثر منه فسادا وطغيانا وظلما ، ولاريب انهما وجهان لعملة واحدة من حيث المباديء والافكار ، ومن حيث الاستبداد والفساد والطغيان والدكتاتورية إذن ، أين كان إجماعك حينها ياسيد الأحمد ؟ واين كان إجماعك حينما تعرّض الشعب الكوردي للإبادة العرقية – الجماعية بالأسلحة الكيماوية من قبل نظام حزب البعث العراقي المخلوع ، في حلبجة والانفالات الوحشية وغيرها ؟ ثم أين كان إجماعك وإيمانك وضميرك حينما كانت تباع بنات الكورد في دول الخليج ومصر كسبايا حرب ؟ . لذا من الطرائف والغرائب هي انه يريد علي الأحمد وأشباهه أن يعلّموننا أحكام وتعاليم الاسلام ، في حين نحن الأكثر منهم لها دراية وفهما ومعرفة وإخلاصا ! . 
وفي مقاطع من ردوده الجائرة يقول السيد علي الأحمد مخاطبا سماحة الشيخ مراد الخزنوي قائلا ؛[ دولتك الكوردية المتعصبة ] و[ هي لله ، هي لله لا للمنصب ولا للجاه ] و[ عصبيتك الضيقة ] و[ وهذا الأمر يدل دلالة واضحة الى مدى وصل الأمر بإخوتنا الأكراد ( الصواب هو الكورد لا الأكراد ، مثل العرب لا الأعراب ياسيد أحمد ! م ئاكره يي ) من حيث التطرف والابتعاد في الرأي عن إجماع المسلمين ، وإن شيخهم المُعمّم يدين بالولاء للعصبية العرقية أكثر من ولائه لدينه وعقيدته وشرع الله ] . والردود على كل هذه الافتراءات هي كالتالي ؛ 
1-/ لو كان الكورد متعصّبون مثلكم لقوميتهم لكانت لهم دولتهم الوطنية منذ حقب طويلة مضت ، حيث لهم مثلكم وغيركم من الذين يحتلون أجزاء كوردستان ظلما وعدوانا جميع مقوّمات الدولة . فهل تحدث الشيخ الخزنوي ببعض الكلمات القلائل عن مظلومية الكورد ومغدوريته الكبرى تدل على عصبيته الضيقة ؟ مالكم كيف تحكمون ، ولم لاتعدلون وتصدقون في القول تجاه إخوتكم الكورد الذين كانوا دوما سبّاقين لنجدتكم والتعاون معكم ودرء الأخطار والرزايا عنكم ؟ ثم أبهذه البساطة تنكرون جميل الكورد وفضائله العميمة في الماضي والحاضر عليكم ياسيد الأحمد !؟   
2-/ ولماذا التعميم على الكورد كافة بالاستناد على قول كوردي واحد وهو الشيخ مراد الخزنوي ؟ ولماذا الحكم السريع والتشنجي المقرون بالاتهام والافتراء على الشيخ الخزنوي بأنه يدين [ بالولاء للعصبية العرقية أكثر من ولائه لدينه وعقيدته وشرع الله ] ؟ ألم تسمع ياسيد الأحمد كيف بدأ الشيخ الخزنوي  ، وبماذا بدأ كلمته في المؤتمر المذكور ؟ ألم يبدأها الشيخ الخزنوي بالبسملة والحمد لله تعالى ، ثم بالصلاة والسلام على رسول الله محمد [ص ] ؟ حقا أهكذا شخص يدين بالولاء للعصبية العرقية أم للاسلام وشرعه الحنيف ؟  
3-/ لعلمك ياسيد علي الأحمد إن الحكم والحكومة والدولة والثروات الوطنية في الفقه السياسي الاسلامي هي ليست لله سبحانه ، حيث هو جل ثاؤه الحاكم على الكون كله ، وهو سبحانه الغني الأغنى له ملك السماوات والأرض ، بل إنها للشعوب والقوميات ، ولاريب انه تعالى يريدها وسخّرها لهم كما جاء في محكم القرآن الكريم . إن هذه المقولة تعود للحكام الطغاة في التاريخ الاسلامي حيث كانوا يزعمون :[ الحكم حكم الله  ، والخليفة ظل الله ، والمال مال الله حيث وضعه الخليفة جاز ] ! . وقد إنتشرت هذه المفاهيم الانحرافية في النصف الثاني من خلافة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فخالفها ودحضها كبار الصحابة – رضوان الله عليهم – وفي مقدمتهم الامام علي بن أبي طالب وأبي ذر الغفاري وحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهم سلام الله عليهم . وقد كان الهدف من تلك المقولة هو الاستبداد بالحكم ونهب الثروات ! . لهذه العوامل لم يجعل الاسلام الحكم والخلافة والإمامة والسياسة من الأركان والأصول والثوابت الاسلامية ، لأن تلكم القضايا قابلة وخاضعة للتغيير والتطور والزيادة بحسب تطورات العصور ومتغيراتها  . وذلك بخلاف الثوابت الاسلامية وأصولها وقواعدها وأحكامها على صعيد الخطوط العريضة ، أما في التفاصيل ففيها محل للاجتهاد والاخذ والرد ! . 
إستنادا لما ورد فإن الحركات الاسلامية ، وبخاصة المتطرفة منها تفتقد الى مشروع اسلامي وإنساني عادل ومعتدل ووسطي كما بينّه الكتاب وصحيح السنة . لهذا ظن العديد من العلماء المسلمين ، منهم الشيخ الخزنوي بضرورة إيجاد الفصل بين الدولة والدين حفاظا على سمعة الدين وماهيته وصورته من التشويه . وهذا بإعتقادي رأي وجيه اذا كان الحكم مثل حكومة الجماعات التي ذكرتها آنفا في هذه المقالة ! . 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=6635
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3