• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لَوْ أَنَّهُم (١) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

لَوْ أَنَّهُم (١)

 أقصد [الّذين استخلفهم الله تعالى في السّلطة بعد هلاك الطّاغية الذّليل صدام حسين ونظامه البوليسي الاستبدادي] انجزوا خلال الفترة المنصرمة واحداً من الأهداف الأربعة التي حدّدها الامام أمير المؤمنين (ع) للحاكم، أَيّ حاكم، في عهده الى مالك الأشتر عندما ولّاه مصر، لما شهِدنا اليوم كلّ هذا الذي يجري في العراق الجديد، من انهيارات أمنيّة وسياسيّةٍ واقتصاديّة واجتماعيّة واخلاقيّة وكلّ شيء، للاسف الشّديد.
 يَقُولُ أمير المؤمنين (ع) في عهدهِ المشار اليه؛
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
هذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللهِ عَلِيٌ أَميِرُ الْمُؤْمِنِينَ، مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الاَْشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ، حِينَ وَلاَّهُ مِصْرَ: جِبْوةَ خَرَاجِهَا، وَجِهَادَ عَدُوِّهَا، وَاسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا، وَعِمَارَةَ بِلاَدِهَا.
 لقد حدّد الامام في هذا النص أربعُ مهامٍّ للسلطة، اذا نجحت في إنجازها فستستقر وتستقر معها البلاد والمجتمع، اما اذا فشلت في الانجازِ لأيّ سببٍ كان فلن تستقر ولن تستقر معها البلاد ولا المجتمع، والمهام الأربع هي؛
 الاقتصاد
 الأمن
 العدالة الاجتماعية
 الإعمار والبناء
 وهذه المهام والمسؤوليات لا تخصّ سلطة دون أخرى، أكانت (دينية) أم مدنية أم عسكرية، يمينية أم يساريّة، جمهورية أم ملكية، سلطة عمائم أم سلطة افندية، لا علاقة لها بكلّ هذا، فالسلطة جهدٌ انساني لإدارة البلاد على أحسن وجه وحمايتها وحماية المجتمع من الاخطار بكلّ اشكالها.
 فلماذا فشل الخلف ولم ينجز شيئاً من مقومات السلطة وأهدافها ومهامها ومسؤولياتها؟.
 لا شكّ ان هناك العديد من الأسباب التي انتجت كلّ هذا الفشل الذريع الذي مُني به العراق بسبب الطّبقة السياسيّة الحاكمة، الا انني اعتقد ان اهم هذه الأسباب هي ما يلي؛
 اولاً؛ تمحور كل شيء حول مفهوم السلطة والنظام بعد ان غاب مفهوم الدولة كلياً.
 فلقد لخّص هؤلاء كلّ شيء بالسّلطة، فهي المائز بين الحق والباطل، وبين الانتماء الوطني من عدمه، وبين النجاح والفشل، وبين النّور والظّلمة، وبين الطّهارة والنّجاسة، حتى تحوّلت الى هوس او ما يسمّيه البعض بمرض السّلطة، ولذلك رأينا ان َّمن يسبح معهم في هذا النهر يحصل على كلّ شيء ومن يأنف ذلك لا يحصل على ايّ شيء!.
 حتى ابسط حقوقه الوطنيّة لا يحصل على شيء منها!.
 انّ مرض السّلطة هو الذي دفع بهم الى تبني شعارات طالما سمعناها من النظام السّلطوي البائد من قبيل (بعد ما ننطيها) وكأنّ البلد ملكٌ لمن يصل الى السّلطة.
 ومن خلال اعادة قراءة عاجلة لكلّ التشريعات والقوانين التي صدرت لحدّ الان من مجلس النواب، فيما يخصّ مؤسسات الدولة، فسنلحظ انها مفصّلة بشكلٍ دقيقٍ على هذه الزّمرة من السياسيّين الذين ظلوا يتبادلون المواقع والمناصب فيما بينهم، ولذلك لا يفلت من هذه التشريعات شيءٌ لغيرهم ابداً، فكلها تبدأ منهم وتنتهي اليهم، ولعلّ في قانون الاحزاب البائس الذي شرّعه مجلس النواب في الاسبوع الماضي خير نموذجٍ على ما اذهب اليه.
 منذ (١٣) عامٍ وهم يفصّلون البلد على مقاساتهم، كما لو ان أحداً أعطى خياطاً قطعة قماشٍ وطلب منه ان يفصّلها بدلةً على مقاسه حصرياً، وليس على مقاس أخيه مثلاً!.
 ثانياً؛ ولانّهم مَحْوَروا كلّ شيء في العراق واختزلوه في مفهوم السّلطة، لذلك انشغلوا بكلّ ما يساعدهم على البقاء في السلطة، حتى اذا جاء ذلك على حساب الوطن والمجتمع ومستقبل الأجيال، فما يرونه عاملاً مساعداً في تكريس سلطتهم لن يتردّدوا في امتطائِهِ مهما كان الثمن.
 انّهم انشغلوا بالسّلطة بعد ان وجدوا انفسهم وشخصيّتهم ووجودهم ومستقبلهم وسمعتهم بها حصراً! فانشغلوا بها عن إنجاز مهامّها وأهدافها ومسؤوليّاتها! اذا بهم يوظّفون كلّ شيء من اجل البقاء في السّلطة والتّشبث بها!.
 فعندما وجدوا ان التّمترس خلف هذه الدولة الجارة او تلك يُضيف لهم نقاط قوة تمكّنهم من ليِّ ذراع خصومهم في العمليّة السّياسيّة، لم يتردّد أحدهم في الارتماء بحضن ايِّ واحِدَةٍ منها، كما يفعل اليوم أحدهم ليستقوي بها على الشّارع الغاضب والخطاب المرجعي ومشروع الاصلاح الحكومي، وكلُّ ذلك هرباً من استحقاقٍ قضائي يجب ان يدفع ثمنه مهما كان الامر.
 وعندما وجدوا انّ الدّين والمذهب والتاريخ ورموزه الطاهرة أدوات يمكنهم ان يتمترسوا خلفها لخداع الشّارع وتأمين سلطتهم، تراكظوا نحوها ليشقّوا الصفوف ويقفوا في المقدمة، حتّى انّ احدهم أسّس بالمال العام أحد أكبر المواكب الحسينية في الاربعين أسماه ( موكب مُختار العصر) ملأت صورهُ العملاقة مدينة الحسين (ع) ايّام الاربعين، كما حملت نصوص زيارة الاربعين صورهُ الملوّنة لتصل الى يد كلّ زائرٍ وزائرةٍ!.
 وعندما وجدوا ان الارهاب افضل اداة يمكن تسخيرها في السّياسة لفرضِ أجنداتهم على الاخرين، لم يتردّدوا ابداً في ان يضعوا ايديهم بأيدي الجم


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/09/02 .

ٱلأستاذ نزار حيدر
السلام عليكم .
السلام عليك ياٱمير المؤمنين .لو كلف ٱحد من الساسة نفسة لقراءة نبذةعن تٱريخ علي ٱبن ابي طالب .ع.في الحكم وطبقها في مناهج الحياة .لأٱستطاع صقل شخصيته السياسية وٱلأجتماعية ليكون قائد وطني بل وشخصية عالمية.فالكثير من القادة والزعماء يقال بٱنهم يقرٱون كتاب ٱلأمير ..الذي يكرس سيطرة الحاكم على رعيته بمختلف الوسائل .ويستغلهم .
لاينكر بٱن ٱغلب الشخصيات السياسية اليوم في العراق هي شخصيات كانت معارضة للنظام السابق سواء كانت ٱسلامية ٱو علمانية ذاقت ظروف ومعانات قاسية لمعارضتها سياسات النظام السابق .وحملت معها هموم شعبها الى المحافل ٱلأقليمية والدولية .
غير ٱن ذلك الرصيد النظالي والجهاد قد ضاع وتبدد فور ٱن وطئت ٱقدامهم .كرسي الحكم .وباعوا ذلك التٱريخ بثمن بخس .
وتفرقوا على المغانم .التي وفرتها لهم الحياة الجديدة...الثائر العالمي تشفي غيفارا .منح حقيبة وزارية في كوبا .ليستريح المقاتل بعد عناء طويل في المقاومة الشعبية الثورية. شعر الثائر بٱن الثورة لازالت تحتاج الى قادتها ونضالهم في سوح المواجهة .قدم الى رفيق دربه كاسترو ٱستقالته .ليترك حياة القصور الى حياة ٱلأدغال والكهوف ؟
في العراق تلعب التقاليد والمعتقدات دور في شخصية المواطن .جذور وٱصول الشعب العراقي عشائرية ٱو بدوية .تحملان في ثقافتهما خصال حميدة كثيرة .ٱكتسبتها شخصية العراقي .وٱصبحت جزء من هويته .التكوينية .وحملة ٱيضا بعض التقاليد والصفات السيئة .حالها كل الثقافات العالمية بها الجيد وبها السيء .
ٱنعكست تلك التقاليدعلى شخصية السياسي العراقي بوصفه فرد من هذا الشعب .ولازمته كضله ..
في مجال علاقته مع منطقته ٱو محافظته ٱو عشيرته ان لابد ٱن يوليها ٱلأهتمام المناسب .لاٱنه من المعيب جدا ان يتنكر لهذا المقدسات التي تعتبر مكملة لشخصيته .فوقع السياسي عند تكليفه بالمسؤولية الرسمية بين مطرقة المنصب وسندان العلاقات القرابية التي تحملها تلك ٱلأماكن .وعليه ٱلأمتثال طبعا .لسلطة المجتمع .وٱرضاءها .ويفتح باب وزارته لاٱبن حزبه ومحافظته وعشيرته .ليشعر وبروح التكوين لديه بٱن لم يخل بٱلأتزامه نحو تلك المقدسات .والغريب ٱن الناس التي تحمل نفس التقليد .تعيب على السياسي فعله ذلك ..وتصف ذلك بالفساد .ٱننا جميعا ٱبناء تلك الثقافة ومريدوها .والعرف والتقاليد ٱلأجتماعية هو من صنع ٱيدينا .
من هنا ولدت ٱزمة المواطن العراقي سواء كان حاكم ٱو محكوم .فالموظف في دائرة وجاءه قريب ٱو صديق لاٱنجاز معاملته ووجد ٱن فيها نواقص وردها اليه فانه سيعاب ويعاتب ويسقط ٱجتماعيا .وربما تشعر عائلته بالخجل من موقف ٱبنهم .ٱما اذا خالف الموظف التعاليم وتعنصر لاٱبن منطقته ومعارفه سيتحول الى بطل يشار له بالبنان .
هذه حقيقة مجتمعنا الذي يسن القوانين ويعيبها ...فالسياسي والمواطن العادي محكومان بمنظومة ٱعراف وتقاليد حاكمة طبعة وجودها على شخصيته .وجد المواطن نفسه ٱمام مجتمع .يعبد الذات ويقدسها محكوم بقوانين العشيرة .التي تحترم المنطقة وٱبن المنطقة والمحافظة ..وتلك من الصفات الحميدة .
فنحن ٱزاء تقاليد وٱعراف حكمت شخصية المواطن وفي كل مناحي الحياة التي يعمل فيها .تحتاج الى شجاعة فائقة لتشيبها من بعض ٱلأنحرافات التي لاتوافق روح ٱلأسلام .
وحب السلطة له نماذج كثيرة بدء من حب البروز ٱلأجتماعي والرئاسة العشائرية انتهاء الى رئاسة البلد .والتي ٱصبحت بالنسبة للبعض مسٱلة حياة ٱو موت ؟



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=66656
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20