• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المادة النظرية المختارة لبحث السادة السياسيين .
                          • الكاتب : د . عبد الحسين العطواني .

المادة النظرية المختارة لبحث السادة السياسيين

 يقول الحكماء أن لكل داء دواء , ولكل قاعدة شواذ , والشواذ هنا ( داء السرطان ) , ولكن هذا لايعني الاستسلام , فلازالت محاولات العلماء مستمرة بالبحث لإيجاد المضاد , ووصلت إلى مراحل متقدمة أسهمت في إنقاذ الكثير من المصابين بهذه الآفة قبل استفحالها .
والذي نريد أن نقوله في هذا الشأن والمؤلم حقا هو مسألة المفخخات , والتفجيرات التي تحصد أرواح العراقيين يوميا , كونها أصبحت أيضا من ( الشواذ ) , والبحث الذي قدمه السياسيون لإيجاد الحلول لمنعها أو الحد منها باءت بالفشل , ولم يتوصلوا إلى نتائج مثمرة , فضلا عن عدم تحديد الاستنتاجات المؤدية لأسباب الفشل , لان الدراسة السببية غالبا ما تدرس الظاهرة في وضعها الطبيعي , دون إغفال الظروف التي نشأت أو ظهرت فيها الظاهرة , سواء كانت ظروفا توافقية , أو تبادلية .
إلا أن أعضاء لجنة المناقشة , ونتيجة لخبراتهم المتراكمة وتجاربهم العلمية , والقراءة المستفيضة والدقيقة لمفردات البحث المقدم من قبل السياسيين , بدأ من عنوان البحث , وتحديد المشكلة , ومرورا بالمنهج المعتمد, والمادة النظرية , وانتهاء بالنتائج الخالية من المعالجة كما اشرنا , أوضحت اللجنة أن الفشل يمكن أن ينحصر في الأسباب الآتية : بداية لم يكن اختيار عنوان البحث موفقا لكونه جاء بعنوان ( الديمقراطية في العراق وانعكاساتها على تطور المجتمع ) , نعم طبقت الديمقراطية ولكن ماهي انعكاساتها الحقيقية على المجتمع العراقي ألم تكن غير المحاصصة , والطائفية , والتوافقات السياسية التي لاتهدف إلا لمنافع السياسيين الشخصية , لذلك فان العنوان لم يكن معبرا عن محتوى البحث , فكان من المفترض أن يكون العنوان على الشكل الأتي ( سوء استخدام الديمقراطية في العراق أنعكس على تدهور الشعب ) .
أما تحديد المشكلة , فقد تناول البحث المقدم موضوع الديمقراطية في العراق دون وضع الفروض اللازمة , أو التساؤلات التي يمكن إن تعبر عن مجموعة الآراء التي يرى الباحث أنها تمثل مجموعة المتغيرات , أو العوامل التي توثر في مشكلة البحث , أو الأفكار المبدئية التي تتولد لدى الباحث عن طريق الملاحظة , أو التجربة , فيحاول التحقق من صحتها , أو الحلول المقترحة ليعبر عنها كتعميمات , أو مقترحات , فقد اكتفى الباحثون بوضع الخطوط العريضة للمشكلة , دون التطرق إلى أبعادها المختلفة , والإمكانيات , والقدرات المطلوبة لدراستها , ونوع العقبات , أو الصعوبات التي قد تواجه الباحث والتعرف على مدى قدرته على اجتيازها , فضلا عن ابتعاد الباحثين من الإحساس بالمشكلة , لان الإحساس بالمشكلة يعطي الباحث قيمة معنوية تدفعه إلى تخطي هذا الشعور محاولا التعرف على حقيقة الموقف الغامض , وبالتالي التفكير في كيفية تحديد المشكلة , لذلك فان الإحساس يمثل احد مصادر التعرف على المشكلات البحثية عن طريق الباحث , وكلنا نعرف أن السياسيين لم يشغل بالهم سوى التفكير بتوزيع المناصب , وحصول المكاسب , فلو كان هناك إحساس بالمشكلة , لوجدنا من بين الوزراء , أو أعضاء البرلمان , أو أي سياسي لديه قدر من الشعور بالمسؤولية تجاه الشعب لقدم استقالته عندما يحدث انفجار يستهدف الناس الأبرياء , كما نراه في بعض دول العالم حين يتعرض شعبها لبعض الأزمات .
أما المنهج المعتمد فهو المنهج الوصفي ولاشك في انه ينطبق مع مجريات الدراسة , لكنه يشترط فيه كفاية المعلومات والبيانات التي تساعده على فهم الواقع الذي يقوم بدراسته , وتطوير هذا الواقع نحو الأفضل , إلا أن الباحثين عجزوا عن تقديم وصف الحقائق الراهنة بعدم التعمق في دلالاتها وارتباطاتها بالمتغيرات المكونة لها , أو المتعلقة بها , مما جعل من الحقائق الراهنة مادة لا تخضع لعمليات التحليل لتحقق الهدف من الدراسة , فالعراق وبسبب الإمراض الذاتية التي تركها النظام السابق , مع خفض الوعي , وبمباركة من الأمريكان , شجع البعض إلى الانطلاق باتجاهات مختلفة , فالتمرد , والسعي للتقسيم , والانفصال , والطائفية , والتدخلات الخارجية كلها معلومات يتطلب توافرها لأساسيات منهج البحث لكن مجريات البحث لم توظف هذه التطورات والسلبيات التي خلفها الواقع , وبالتالي أصبحت تشكل عائقا إمام ممارسة الديمقراطية .
أما المادة النظرية العلمية المكملة لحيثيات البحث والتي يكون الهدف منها استخراج مالم يسبقه استخراجه , وهي بمثابة الإطار المرجعي والمعرفي لموضوع البحث , ليقدم الباحث المعلومات التي جمعها وفقا لرؤيته الخاصة , وفيها تتجسد الملكية الذهنية العلمية للباحث من خلال عمليتي التحليل والتركيب , وتتطلب أن لا يكون الباحث مجرد ناقل , أو جامع للمعلومات دون إن يخضعها للتحليل الذي يأتي كإجابات للتساؤلات التي يطرحها .
فالمادة النظرية المختارة لبحث السادة السياسيين , تمحورت حول أوجه التطبيق الفعلي للديمقراطية في المجتمعات المتقدمة التي انشغلت بها طويلا حتى استطاعت أن تشرع تطبيقاتها في مجالات الحياة , وتحقيق العدالة بالاتجاه الذي يعي فيه المواطن حقه دون أن يبخس حقوق الآخرين , ويؤدي فيه واجباته أسوة بالآخرين , لذلك كان من المفترض على السياسيين الدخول بتفاصيل التطبيق الفعلي للديمقراطية , وماهيتها المرتقبة , أو سبل نجاحها في العراق , وتحديد الأطر العلمية لممارستها , لكنها بقيت عائمة بالاعتماد على ظروف التغيير , وتطورات الموقف هي التي ستفرض القدر المناسب من التطبيقات التي تنسجم والحاجة الآنية , مما آلت إليه الأمور إلى هذا المستوى المتدني من التدهور في كافة المجالات السياسية , والاقتصادية , والاجتماعية , والأمنية .
لذلك ومما تقدم قررت لجنة المناقشة رفض البحث المقدم للأسباب المشار إليها أضف إلى ذلك لم يتضمن البحث إي مقترحات عملية لمعالجة كارثة التفجيرات المستدامة وهي جوهر الدراسة , وطاعون المواطنين , على أن يعاد النظر في جميع مكوناته مع الأخذ بنظر الاعتبار التوصيات الآتية :
1. إعطاء الأولوية القصوى في اهتمام الحكومة إلى الجانب الأمني بغية الحفاظ على أرواح المواطنين في دولة غريبة من نوعها أصبح فيها القتل الجماعي إخبار عادية يتناقلها الناس , بسبب عامل اليأس في توفير الحماية التي هي من مسؤولية الحكومة , بل من صميم واجباتها الدستورية تجاه الشعب .
2.عند حصول حالة خرق امني في منطقة ما يؤدي إلى استشهاد أو جرح المواطنين تحال عناصر الجهة الأمنية التي يحصل الخرق ضمن قاطع مسؤوليتها إلى التحقيق وبدون استثناء ويحدد المقصرين, ويحاكمون وفق القانون , مع ضرورة تسجيل دعاوى ضدهم من قبل ذوي الضحايا بعيدا عن التأثيرات والمجاملات التي تنال من حقوق هؤلاء المنكوبين وتسوف قضيتهم .
3.ليس من المنطق أن تحصل تفجيرات ويذهب ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى , كما حصل في الأيام الأخيرة ضمن منطقتي خان بني سعد , وعلوة جميلة , ويبقى السياسيون قابعين في المنطقة الخضراء , أو في أماكن عملهم دون أن يهرعوا إلى موقع الانفجار ويشاركون الناس مآسيهم كأقل ما يمكن من الإحساس بمعاناة الشعب , وكذا الصمت والتعتيم الملاحظ على بعضهم عن الإدانة والاستنكار الذي يمكن من خلاله إشعار العالم بهذه الجرائم والمذابح الجماعية التي يرتكبها الإرهابيون ضد العراقيين العزل واغلبهم من الطبقات المسحوقة الذين لا هم لهم سوى توفير قوتهم اليومي .
4.ضرورة اعتماد عناصر استخبارية من المواطنين أنفسهم وفي جميع المناطق , لتحري المعلومات التي تشير إلى قيام الإرهابيين بإعمال التفجيرات , أو إي عمل إرهابي أخر من شأنه المساس أو العبث بأمن البلد , وسرعة إلقاء القبض عليهم مع تقديم مكافآت مادية لهؤلاء المواطنين في حالة ثبوت صحة معلوماتهم كحافز تشجيعي لهم .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=66659
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29