• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (الكأس) التي لا نَتَمَنّى أنْ يَشرَبَ مِنها إخوتُنا العَرَبْ .
                          • الكاتب : راسم المرواني .

(الكأس) التي لا نَتَمَنّى أنْ يَشرَبَ مِنها إخوتُنا العَرَبْ

لأول مرة عبر تأريخ الأمة العربية ، يتفق العرب على مجموعة أسئلة يوجهونها للعراقيين حيثما ثقفوهم ، وأين ما التقوهم ، في البلدان العربية ، في الغرب ، في أطراف القارات ، وهذه الأسئلة (الشائعة) هي :-
1/ كيف تستعينون بالقوات الأمريكية على حكومتكم ؟
2/ لماذا لم تقاتلوا المحتلين عندما دخلوا للعراق ؟
3/ كيف تنهبون بلدكم بأيديكم ؟
4/ لماذا تتقاتلون فيما بينكم ؟
وهنا تتوزع (علامات الإستفهام) بين أنواعها المعروفة ، فهناك من يسأل هذه الأسئلة بعنوان (الإستفهام الإستنكاري) الخاضع للحكم المسبق ودون تمحيص ، وهناك من يضع استفهامه كـ (استفهام تهكمي) معلناً عن (شماتته) المخبوءة تحت طيات لسانه ، والقليل القليل (جداً) من الأخوة العرب كان يسأل أسئلته منطلقاً من منطلق (الإستفهام الإستخباري) ، وهو ما كنا نقرأه في أسلوبه وحرصه على طرح الأسئلة ، فكنا (نجيبه) ونبين له الحقيقة الناصعة ، فكان يفهمها ويتفاعل معها ، رغم (آلة الإعلام) العربية والغربية و(الشرقية) التي (كانت ومازالت) توظف كل طاقاتها من أجل تشويه سمعة العراقيين ، وزرع الفتنة بين طوائفهم ، وجرهم الى المربع الأول من الفوضى وسفك الدماء ، إرضاءً لـ (السادة الممولين) .
كنا في أغلب المحافل والمؤتمرات واللقاءات العربية ، نقول لإخوتنا العرب (العاربة منهم والغاربة) بأن الشعب العراقي لم يستعن بقوات الإحتلال ولم يستقدمها لدخول وغزو العراق ، ولكن (رعونة) السلطة السابقة ورغبة (بعض) المعرضين النفعيين في الخارج ، هي التي سوغت غزو العراق لأمريكا ودهاقنة الإقتصاد والدين من الغربيين ، ودفعتهم لأن يشدوا رحالهم الى العراق ، ولكن أخوتنا العرب لم يصيخوا لنا السمع ، ولم يقتنعوا بحقيقة ما نقول .
وحتى الآن ، هم لم يلتفتوا الى أننا – كعراقيين – ما زلنا ندفع فاتورة حماقة ورعونة السلطة من ثرواتنا ودمائنا وأرواحنا ، ولم يلتفتوا أيضاً الى إننا ما زلنا (ضد) التدخل الأجنبي في أي بلد (عربي أو غير عربي) مهما كانت معاناة الشعوب ، لأننا (نؤمن) بأن السلطات والزعامات والحكومات (في أغلبها) هي من صنيعة (أمريكا) نفسها ، وإن أغلب هذه الحكومات إنما تدور في فلك المشروع (الصهيو – أمريكي) في المنطقة .
ولذا ، نجد أن سماحة الأخ القائد (مقتدى الصدر) يصدر بياناً يشجب فيه تدخل القوات العسكرية (الأمريكية – الغربية) في الشقيقة (ليبيا) ، ليس دفاعاً عن النظام (الليبي) الديكتاتوري القمعي ، ولكن دفاعاً عن مستقبل (ليبيا) وحرصاً عليها من السقوط في شراك الإحتلال الأسوأ من النظام الليبي نفسه .
ورغم لوم اللائم (العربي) للعراقيين بالأمس القريب ، ولكننا بدأنا نسمع (هنا وهناك) أصواتاً (عربية) تستقدم وتستعدي الولايات المتحدة الأمريكية على أنظمتها العربية ، تحت ذريعة الضعف أمام مواجهة آلة الأنظمة الديكتاتورية القمعية ، وكأن لائم الأمس لم يسمع ببيت الشعر الذي يقول (لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله .... عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ) ، وليت شعري هل أصبحت – الآن - الإستعانة بأمريكا والغرب مسألة (وطنية وإنسانية) عند بعض أخوتنا العرب ، بعد أن كانوا يعتبرونها (عمالة سيئة) للأجنبي بالنسبة للعراقيين ؟؟ هذا على فرض أن العراقيين (فعلاً) قد استعانوا بقوات الإحتلال ، وعلى اعتبار أن (فرض المحال ليس بمحال) .
ولقد كنا نقول لأخوتنا العرب بأن (الشعب العراقي) شعب طيب الأعراق ، وليس من طبيعته (نهب الممتلكات العامة) ، وإن ما حدث من (شوارد) الزحف نحو المنهوبات إنما هو نتيجة (طبيعية) ومتوقعة لحرمان الشعب العراقي في ظل الديكتاتورية البعثية الصدامية ، وشعور البعض بأن (سرقته) للمال العام إنما يعتبره وسيلة من وسائل الرد على قمع السلطة ، رغم أن من الثابت في كل العالم أن السلطة حين تسقط فإن (الغوغاء) يزحفون نحو الممتلكات العامة ، وهذا ليس مقصوراً على شعب معين ، ولكن العرب لم يصدقوا قولنا ، حتى جائهم الطوفان ، وتحركت في فضاءاتهم خفافيش الخارج ، فبدأنا بـ (منهوبات) وأعمال سرقة وتسليب (وبلطجة) في دول ترى بأنها تسير نحو الثورة من أجل الحرية ، بدوافع (أخلاقية وطبائعية موروثة) ، أو بفعل تدخل أيدي وأصابع من حركوا (الثورات) في هذه البلدان ، ولئن كان (البعض) من العراقيين قد امتدت أيديهم الى الأموال العامة ، وممتلكات السلطة ، وقصور الطاغية ، بعد سقوط السلطة ، لتنهبها (لأسباب متعددة) ، فقد امتدت أيدي أخوتنا العرب - قبل انهيار السلطة في بلدانهم - الى (بيوت الآمنين) من شركائهم في الوطن ، والى ممتلكات الضعفاء ، ومقتنيات البسطاء ، لينهبوها تحت شمس (الحرية والديمقراطية) الجديدة .
وكنا نقول لهم – أعني أخوتنا العرب - بإن كل ما يشوب العراقيين من مساوئ إنما هي صنائع مستوردة من مختبرات (الإحتلال) التي تريد زرع الفتنة والصخب والقتل و (الفوضى الخلاقة) لتستديم وجودها ، ولتقوّض (المنظومة القيمية) لدى الشعوب المحتلة ، وإن الكثير من عمليات القتل والتسليب والإغتصاب والطائفية إنما هو نتيجة ما أنتجته من مختبرات (الأمن القومي) لدول الجوار ، و(صناعة) مدروسة في مختبرات ومصانع الـ (C.I.A) الموجهة – إلينا - عبر قنوات مختبرات (ابن تيمية) التي يرعاها (شيوخ التكفير) قريباً من بيت الله وحرم رسول الله الذي (ما زال) يأن من وطأة بساطيل (جنود الرب) الأمريكان ، وما حادثة مجزرة (عروس الدجيل) عنا ببعيد .
كنا نقول لهم ، بإن كثيراً من الطبائع الإجرامية التي شابت مجتمعنا العراقي إنما أتت ، ولكن أخوتنا لم يصدقوا أو يقتنعوا بما قلناه ونقوله ، حتى أطلع الشيطان رأسه من مغرزه فيهم ، فبدأنا نسمع بومضات (فتنة طائفية) هنا ، أو اعتداءات (دينية أو إثنية) هناك ، وصرنا نسمع بهتافات (طائفية وعرقية) قبل سقوط السلطة في تلك البلدان ، وكأنها (كأس) يكاد العرب أن يشربوها نخباً ، أو (حوبى) لما اجترعه العراقيون من مواقف إخوتهم .
وللأمانة التأريخية ، فالمنصفون يتذكرون ، بأن (العراق) قد بقي آمناً مستقراً لـ (شهور عديدة) بعد (سقوط السلطة) وهرب البعثيين ، رغم انهيار البنى التحتية ، وتبخر قوات الأمن ، وتلاشي المؤسسات العسكرية ، واندثار قوات الشرطة وغيرها ، وقد استمرت الحياة في مسيرتها زمناً ، حتى تمكن المحتلون من (توطيد) وجودهم في العراق ، وتمكن (أعداء الإسلام والإنسان) من إرسال قطعانهم (المسعورة) الى العراق ، مما أشعل القتل والسلب والنهب والطائفية .
ولهذا ، فنحن نؤمن بأن العراقيين (الحقيقيين) قادرون على أن يحفظوا أمن بلادهم دون الحاجة الى وجود قوات الإحتلال ، ودون أن يتباكى البعض علينا ، ونؤمن بأن العراقيين من أضداد الجريمة والمجرمين ، بدليل أن الشعب العراقي – بمختلف أطيافه ومشاربه وقومياته وطوائفه – يطالب الآن بإيقاع عقوبة (الإعدام) بمجرمي مجزرة (عروس الدجيل) ، بالرغم من إننا نسمع أصواتاً (ناعقة) تطالب بإطلاق سراح (هؤلاء المجرمين) من بعض (عملاء الخارج) ، وذلك لتشابه وتطابق الرغبات والنفسيات والطبائع والأجندات .
المستشار الثقافي للتيار الصدري
العراق / عاصمة العالم المحتلة
marwanyauthor@yahoo.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=6690
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28