• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ألا يجدر بالعذاب أن يوحدنا .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

ألا يجدر بالعذاب أن يوحدنا

هو هكذا، فالحرارة المرتفعة دفعت حصانا لينهار ويسقط في وسط الشارع، الحصان كان يجر عربة، وكانت الحرارة مرتفعة بشكل كبير بالرغم من مرور أسبوع كامل على بداية أيلول الشهر الذي ورد في خرافات العراقيين إنه بداية لفصل الخريف ونهاية كاملة للحر، بل وبالغوا بالقول، إن آب اللهاب هو نهاية الصيف وذهاب الحر الى غير رجعة، لكن كل ذلك غير واقعي فالحرارة في آب أوقعت الحمير أرضا وبهدلت البشر تماما، بينما أسقطت حصانا على الطريق وهو منهار لفرط الحرارة والرطوبة والأجواء الخانقة التي لاتتحملها الحيوانات في بلاد الرافدين.

 

يتحالف الشرور دائما، وتلتقي قوى الشر مع بعضها لتشكل جيشا جرار يقتحم المدن والقرى والعقول والنفوس ويدمر كل شئ، والحرارة قد تكون فوق المتوقع، وفوق قدرة البشر على التحمل، وحين تستمر لشهور طويلة كما هو الحال في العراق فإنها تسبب القلق والهيجان والإضطراب النفسي، وربما الجنوح عن جادة الصواب، وربما فجرت الثورات، وبالمناسبة فإن أغلب ثورات العراق كانت تعلن في أيام الحر، إنقلب قاسم على أسياده الملكيين وقتلهم في منتصف تموز 1958، في ثورة غيرت مجرى الأحداث، وفي منتصف تموز 1968 إنقلب البعثيون على البعثيين وطردوهم من السلطة وإستولوا عليها، وكان صدام حسين يحب أن يتألق أيام الحر ويعلن إنطلاقاته الهائلة التي هتكت العراق.

 

العراق يتحول رويدا ليكون من أسوا مناطق العيش في العالم، وتتعدد الأسباب لذلك. فمعظم الدول المحيطة به تضربها الحرارة والرطوبة العالية في الصيف، لكنها تمتلك نظاما مستقرا في الإقتصاد والسياسة وإنضباطا أمنيا وسلطة قانونية يخضع لها الجميع. نحن نعاني من ترهل النظام السياسي والفساد والصراعات العرقية والطائفية، ولايبدو أحد ما منتبها لمايتشكل من حوله من ظروف بيئية مزعجة وإنقلابا في المناخ قد يدمر البلاد والجوار المحيط، ومع إنخفاض نسبة الأمطار عاما بعد آخر وإتساع رقعة الجفاف، وإنعدام الزراعة وإنخفاض مناسيب المياه في الأنهار الرئيسية فإن مستقبلا قاتما ينتظرنا جميعا، ونحن نتجاهل كل تلك المصائب وننشغل بالصراع الطائفي الذي سيدمرنا دون أن يستثني أحدا خلال الفترة المقبلة مالم يتفهم القادة السياسيون والدينيون طبيعة التحدي الذي تمر به الدولة العراقية.

 

فالحرب والصراع الطائفي والإنشغال بإقصاء الآخر ورفضه، يكون في العادة عاملا مضافا لعوامل الضياع والدمار والخراب، ولابد من التمهل في إطلاق الأحكام، وإتخاذ المواقف، والنظر بالجدية الى نوع التحديات الصعبة ومعالجتها جميعا بروح الفريق الواحد وهو الأمر الذي لايبدو إنه سيتحقق في الوقت الحالي للأسف.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=66979
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29