• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كيف يكون الحب حقيقة .
                          • الكاتب : اسعد الحلفي .

كيف يكون الحب حقيقة

 الحب كلمة دائماً نلاحظها على ألسنةِ البشر ولا سيما الشباب، حتى اصبحت مصيدة وفخاً لغالبية الناس مما جعلهم غارقين في بحار الاسى والخيبة، بعد أن كانوا ينشدون السعادة، ولكنهم جميعاً جهلوا معنى الحب، ولم يعرفوا سوى زيفاً إذ لم يكن سوى مكرا وخداعاً، فلا يمكن ان يحصل الانسان على السعادة الّا باقتران حبّ مَن يُحب بحبِّ الله، وهذا لا يعني ان يترك الانسان حياته ويتفرغ للصلاة والصيام ولا يقع بحبِّ احد, كلا انما الحياة منظومة مترابطة مع بعضها, لا يمكن فصل اجزائها, لكن على الانسان ان يُحسن استخدامها, وان يعمل كما قال امير المؤمنين علي عليه السلام: (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا)
فلا بد للمرء من الحب, وهل الحياة إلّا الحب, فلولاهُ ما ارضعت امٌّ ولدها, ولا انبتت الارض زرعها، وما اجتمع رأسان على وسادة واحدة, ولكن لكل شيء نظام, فاذا اراد الانسان سعادة, فعليه ان يطلبها مِن الله, وليس من عباده, ففاقد الشيء لا يعطيه, ولا سعادة من غير حب, وهنا يأتي السؤال:
اذن كيف يحب الانسان؟ ومن عليه ان يُحب؟
والجواب هو : على الانسان ان يجعل حب الله هو اصل كل حب, ولا يحب احدا مالم يكن ذلك الحب مرتبطا بحب الله, لا منفصلا عنه, بل يجعلهُ خيطَ حبٍّ من ذلك الاصل, حتى اذا ما اعترض الفرع مع الاصل، تركهُ وطلب غيره, فاذا ما احب الانسان انساناً اخر, نظر الى حبّه له، هل هو مرتبطٌ بالله؟ ام هل هو منفصلٌ عنه؟ أهو سببٌ للقرب مِن الله؟ ام هو سببٌ للابتعاد عنه؟ كذلك ينظر لقلب مَن احب, ليراهُ هل هو من اهل حبِّ الله ام ليس كذلك, فاذا كان كذلك, فطوبى لهما من حبيبين سعيدين, وإن كانا على غير ذلك فما هو إلّا سراب، ولن ينالا غير التعاسة والشقاء، فدائما ما أقول واخاطب اصدقائي: إذا اراد المرء ان يكون اسعد الخلق فليكن اقربهم الى الله, والزوجان اذا اردا عيشاً سعيدا دون شقاء, فعليهما ان يتنافسا في التقرب الى الله, ويتنافسا في حبهما لبعضهما, ولا ينتظرُ كلّ واحد منهما شيئا مِن الاخر, بل يجعلا حبهما غير مشروط وغير مقيد بشيء, فكل واحد يريد نفسه ليسعد الآخر, لا يريد الآخر ليسعد نفسه, وهذا هو الحب الحقيقي وهو ان يصل الانسان الى درجة التضحية في سبيل المحبوب والفناء فيه، وليتخذ العاشقون من آل المصطفى (ص) دروسهم, وليكونوا لهم المثل الأعلى في حبهم لبعضهم، وخير درسٍ لنا هو حبُّ عليٍ لفاطمة وحبُّ فاطمة لعلي (صلوات الله عليهما),
الله اي حبٍّ حملا ,الله اي نورانِ هما, فلم يعرف التاريخ نظيرا لهما, رسما للناس اسمى صورة, كتبا للحب اروع صفحة, فصارا للوالهين ديناً وشِرعةً , وللعاشقين سناءً ومنهلاً, وليسأل التاريخَ مَن يرى في القول هذا مريةً, لا فليكتفي من نظرة لقلوبٍ لا ترى الوجود إلّا فيهما, فهما كالشمس لولاها فلا، نبت العشب ويحيى من حيا, بهما الحب سما, بهما العشق ارتقى, فالتاريخ يروي لنا اروع الدروس عنهما, ولنكتفي بهذا الدرس الذي اذهل العقول وملك القلوب وما هو إلا درس واحد من علي وفاطمة (صلوات الله عليهما) فيروى أن علياً (سلام الله عليه) عندما كان يريد الخروج من البيت كانت الزهراء (سلام الله عليها) تخرج خلفه حتى توصله الى الباب وعلي (ع) يمشي امامها وعندما يراها هكذا يدير وجهه نحوها, ويمشي مشية القهقري, كي لا يدير ظهره اليها حين خروجه, وهكذا يمشي ووجهه الساطع نورا ,مبتسما مبتشراً في وجه الزهراء, حتى يبلغ الباب, ثم يودعها ويخرج. هكذا كان علي (عليه السلام) وهكذا كانت الزهراء (صلوات الله عليهما) ,فلم يشتكيا يوما من بعضهما ,لا بل كانا يزيلان الهم والغم بالنظر الى وجه بعضهما البعض ,فاذا ما اراد عليا ان يزيل الهم والحزن والكرب عن قلبه, نظر الى وجه الزهراء عليها السلام ,فينسى غمهُ وهمهُ وحزنهُ ,وهكذا كانت الزهراء (ع) تصنع, كيف لا والله قد زوجهما في السماء قبل الارض, كيف لا والله خاطب حبيبه (صلى الله عليه وآله ) فيهما قائلا: يا محمد (ص) زوج النور من النور, كيف لا وزكاهما اشرف الخلق بعد ابائه فقد روى المفضل بسنده الي الصادق (عليه السلام ) انه قال : (لولا ان الله تعالى خلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفو على وجه الارض آدم فمن دونه),فطوبا لهما طوبا, فمن مثل علي (ع) ومن مثل فاطمة (ع), فهما يتيمان لم ولن يأتي الزمان بمثلهما ابدا... فأين هذا مما اخذ المبغضون ينعقون ويروجون به من ان الزهراء وامير المؤمنين علي عليهما السلام كانا دائما في خصام وانهما كانا دائما في جدال وان وان..., حتى أخذوا يفترون ويكذبون ويدلسون على عليٍ وزوجه اللذان لم يعرف الدهر نظيرا لهما .. ترى لماذا كل هذا الحقد الذي ملئت به القلوب؟؟!! ولكننا لسنا نعجب فاصحاب البصائر على علم ودراية لماذا كل هذا البغض الذي اعماهم حتى قال آية الله العظمى الشيخ حسين نجف قدس سره في علي عليه السلام قائلا:
إني لأعذر حاسديك علـى الذي *** أولاك ربّـك ذو الـجـلال وفـضّلا
إن يـحسدوك علـى عـلاك فإنـما *** متسافل الدرجات يـحسد مـن علا

عليهما مني سلامُ اللهِ ابداً ما بقيت وبقي الليل والنهار..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67366
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29