• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التظاهرات كعلاج نفسي .
                          • الكاتب : د . عبد الخالق حسين .

التظاهرات كعلاج نفسي

قيل الكثير في أهمية وتقييم التظاهرات الجماهيرية التي جرت في مختلف مناطق العراق منذ يوم 25 شباط المنصرم والذي وصف بـ" 25 فبراير الغضب العراقي"، وما بعده، سواء كإجراءات تحضيرية أو مقالات فيما بعد، من مبالغة بعظمتها أو التقليل من شأنها. وقد ذكرنا مراراً أن التظاهرات السلمية سلاح ديمقراطي وحق دستوري تستخدمه الجماهير لمطالبة السلطة بحقوقها. كما وبالغ البعض في وصف تلك التظاهرات بأنها تحدياً كبيراً للحكومة، ودليل شجاعة خارقة للمشاركين فيها ومنظميها. في الحقيقة، ومع احترامي لجميع الذين تظاهروا سلمياً ولأغراض نبيلة، إن التظاهرات في عراق ما بعد صدام لا تحتاج إلى شجاعة خارقة، إذ من السهل ممارستها. فشتان بين مظاهرة ضد الحكومة تحدث في العراق الجديد، وأخرى في عهد صدام. إن رمي أي مسؤول كبير في بلد ديمقراطي بالطماطم والبيض الفاسد لا يعتبر شجاعة خارقة، ولكن الويل لمن ينتقد ولو همساً، أصغر مسؤول بعثي في عهد صدام حسين.

عقدة الإنسان المقموع
لقد عانى الشعب العراقي الكثير من ظلم الحكومات المتعاقبة منذ فجر التاريخ، وقد بلغ ذروته في عهد حكم البعث الفاشي. كذلك معروف عن العراقي أنه يعتز بشخصيته وقيمه البدوية، الإيجابية منها مثل الشجاعة والكرم والدخالة والنخوة والجيرة...الخ، أو السلبية منها مثل الثأر والانتقام وعدم نسيان الماضي، وما يسمى خطأً بجرائم الشرف..الخ. وكان صدام حسين يعرف هذه الخصال في الشخصية العراقية، لذلك حاول وبشكل ممنهج تدجين العراقيين وإخضاعهم لإرادته وأن يضع في روعهم أن حكم البعث كالقدر المكتوب، إما أن يقبلوه ويتكيفوا معه أو مصيرهم الفناء والتشرد. ومن الوسائل التي اتبعها حزب البعث، إعادة الشعب إلى الوراء وإحياء القبلية والطائفية، وتحويل العراق إلى إتحاد مشايخ وتعيين شخصيات مؤيدة له شيوخاً لها ونصب نفسه شيخ المشايخ. كما وأرغم صدام أصحاب الشوارب المفتولة من شيوخ العشائر على الحضور أمامه يقدمون له الولاء وهم صاغرون بالهوسات العشائرية مرددين الأهازيج التي تمجد الجلاد مثل "صدام اسمك هز أمريكا"، و"بالروح بالدم نفديك يا صدام". وإذا ما قامت مجموعة من العراقيين بتظاهرة احتجاجية ضد الحكومة فمصيرهم ومصير أقاربهم إلى الدرجة السابعة الفناء والإبادة وإذلال.
أما الجانب العسكري، فقد أهان صدام الضباط العسكريين بمنح نفسه رتبة المهيب الركن (فيلد مارشال)، وهو لم يخدم يوماً واحداً في الجيش. وللتمادي في إذلال الضباط وإهانتهم، منح مرافقه العسكري ربتة فريق، يقدم له الكرسي ويقف خلفه كالصنم، في إشارة لها مغزى أنه استطاع أن يخضع الجيش العراقي لإرادته ويذله.

ونتيجة لهذه السياسة، نعرف ما يشعر به المواطن العراقي من إذلال وإخصاء على يد البعث. ويشرح لنا الدكتور مصطفى حجازي في كتابه الموسوم: (التخلف الاجتماعي...مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور)، يشرح فيه ردود الأفعال وسلوك الإنسان المقموع المصاب بحالة من  العصاب والتوتر النفسي وحتى بعد رفع الظلم عنه. وقد شاهدنا هذه الحالة في العراق بعد سقوط حكم البعث مباشرة حيث قام المواطنون بأعمال انتقامية ليس من الدولة ومؤسساتها فحسب، بل وحتى من الذين جاؤوا لخلاصهم، وعلى شكل أعمال فرهود وتدمير ممتلكات الدولة، ثم امتدت أعمال النهب إلى ممتلكات الناس. ثم اتخذت الظاهرة أشكالاً بشعة من التصعيد في الاعتداء على الأقليات الدينية والنساء، وتشكيل عصابات الجريمة المنظمة والاختطافات وجرائم القتل والسرقة، ومظاهرات شبه يومية يقوم بها مختلف الفئات من بينها أتباع مليشيات لأحزاب مشاركة في السلطة. والغرض من كل هذه الأعمال هو التعويض النفسي وتفريغ شحنة الغضب عن طريق التحدي للحكومة وتحت مختلف المعاذير والواجهات، لاستعادة الثقة بالنفس بعد كل ما حصل لهم في الماضي من قمع وإهانات وإذلال، ولسان حال المواطن يقول ها أنا ذا لست مخصياً بل أتحدى الحكومة بكل شجاعة، وحتى أشتم أكبر مسؤول في الدولة وفي حضوره.

والمشكلة أن استغل أعداء العراق الجديد معانات الناس ومشاكلهم اليومية مثل تفشي البطالة والفساد الإداري ونقص الخدمات، فقاموا بتظاهرات يسود فيها العنف ضد الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة، وإذا ما قامت الأجهزة الأمنية بمنع التجاوزات واعتقال المعتدين، اشترك الجميع في الصراخ بالويل والثبور وعظائم الأمور باتهام السلطات بالتجاوز على الدستور، وكأن الدستور يجيز للمجرمين بالتخريب وحرق ممتلكات الدولة باسم الديمقراطية وحرية التعبير.

ولإضفاء البطولة على تصرفاتهم ضد السلطة، يحاول خصوم العملية السياسية إضفاء صفات النظام البعثي الجائر على الحكومة المنتخبة، واتهامها بخنق الحريات، ونعت رئيس الوزراء بأنه دكتاتور وأنه نسخة من صدام، وحزبه نسخة من حزب البعث، إذ نقرأ مقالات بعناوين مثل:
مئة يوم من الإذلال:لكي لا يعود "زوار الفجر" ، "شاهدتُ صدام في الباب الشرقي"، "كيف نصنع الدكتاتوريات"، "ديمقراطية بمخالب الدكتاتورية"... الخ
علماً بأن الحكومة العراقية اليوم هي حكومة مشاركة وطنية تتألف من أربعة تحالفات كبيرة، وكل تحالف يضم نحو أربعين كيان سياسي، وبإمكان أي تحالف إسقاط الحكومة عن طريق سحب الثقة بها في البرلمان، فكيف والحالة هذه يمكن لرئيس الحكومة أن يكون دكتاتوراً أو نسخة من صدام؟ وهل إذا قلنا هذه الحقيقة يعني أننا صرنا في جيب رئيس الحكومة بغض النظر عمن يكون؟

أما الهتافات واللافتات التي يرددها وينشرها البعض من منظمي التظاهرات فحدث عنها ولا حرج، والتي تكشف حقيقة هذه الجهات، وفي حوزتي قائمة طويلة منها، أذكر القليل هنا على سبيل المثال لا الحصر، وهي مسيئة علماً أني ترفعت عن ذكر المسيئة جداً منها لأنها لا تليق بالمقام، وأترك الحكم للقارئ:
"يا حكومتنا الفاسدة كفى وعود كاذبة"، "يا مالكي طم عارك سويه مثل مبارك"، "يا مالكي شيل إيدك هذا الشعب ما يريدك"، "يا مالكي يزبالة نص الشعب عطاله"، "ارحل ارحل ما نريدك"، "اليوم سلمية باجر قتالية"، "نعم نعم للعراق و كلا كلا أمريكا"، "صبوحة جابت اثنين المالكي وصدام حسين"، "يا المالكي يزباله يمرافك النشالة"... إلى آخره، فهل بعد كل هذه الشتائم يمكن أن نقول أن هناك خنق للحريات؟

إن ما يجري في العراق اليوم من أعمال غوغائية وتخريبية مؤسفة وباسم الوطنية، يذكرنا بما كان يجرى في عهد حكومة ثورة 14 تموز 1958، أيام الصراع الدموي بين الثنائي الشيوعي- البعثي. فكان هؤلاء يخرجون بمظاهرات تشوبها أعمال العنف، وكان رئيس حكومة الثورة الزعيم عبدالكريم قاسم يبعث الجنود بعد أن يجردهم من السلاح، لا لمنع المظاهرات بل لحماية المتظاهرين من بعضهم البعض، فيقوم الجنود بفصل البعثيين عن الشيوعيين، والبعثيون يرددون هتافات مثل: (يا بغداد ثوري ثوري.. خليِّ قاسم يلحك نوري)، والشيوعيون يرددون هتاف (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة). وهم الذين أساؤوا إلى سمعة الثورة ومهدوا الطريق لاغتيالها في انقلاب 8 شباط 1963 الدموي الأسود، وإدخال العراق في نفق مظلم دام 40 سنة من الدمار الشامل. واليوم نرى نفس الثنائي الشيوعي- البعثي في تحالف غير معلن، إضافة إلى أتباع القاعدة وبعض المليشيات الحزبية الممولة من الخارج تقوم بنفس الدور التخريبي بذريعة تفشي الفساد الإداري و"حكومة المحاصصة الطائفية البغيضة!!".
تصوروا لو لم يبتلِ العراق بهذا الثنائي البعثي - الشيوعي، أما كان الآن أغنى وأرقى من أية دولة خليجية؟؟ سؤال نطرحه على المثقفين للتأمل العميق من الذين يجيبون بهدوء وبالمنطق، وليس بالصراخ والشتائم وكيل الاتهامات بالعمالة والردة!! (يا حق ما أبقيت لي صديقاً- الإمام علي).

والغريب أن دعاة  التظاهرات من اليساريين والبعثيين في الوقت الذي يطالبون فيه بحق التظاهر لهم، يطالبون بمنعها على غيرهم من الذين يختلفون عنهم في الموقف السياسي. فلما قام التيار الصدري بمظاهرة صاخبة في مدينة الثورة (الصدر) انتقدوا رئيس الحكومة على السماح لها، علماً بأن تظاهرة التيار الصدري هي الأخرى كانت بمثابة التهديد وعرض عضلات ضد المالكي حول العلاقة مع أمريكا وهم يرددون الهتاف الإيراني: (كلا كلا أمريكا). والسؤال هو: لماذا يجوز التظاهر للبعض دون غيرهم؟ ما الضرر من أن يقوم أتباع التيار الصدري بتظاهرة في مدينة الصدر طالما تعهد منظموها بان تكون سلمية؟
كذلك نلاحظ اعتراض خصوم الحكومة على سماحها لأبناء العشائر بالتظاهر لأنها تدعم الحكومة. فلماذا لا يجوز للعشائر بالتظاهر؟ أليسوا من أبناء الشعب؟. يرى هؤلاء ما هو حلال لهم حرام على غيرهم. وإذا ما طرحنا هذه الأسئلة، فهل يعني أننا ندافع عن التيار الصدري ونؤيد إحياء العشائرية والقبلية؟
وهل حرية التظاهر تعني لخصوم الحكومة فقط؟
يبدو أن الأخوة نسوا أن الحكومة الحالية هي منتخبة من قبل جماهير الشعب، ولذاك فالحكومة بمختلف مكوناتها لها جماهيريتها أيضاً، ومن حق هذه الجماهير أن تدافع عن حكومتها. والجدير بالذكر أن معظم خصوم الحكومة هم من الذين فشلوا في الانتخابات أو الذين لم يحصلوا على المناصب. نحن نذكر هذه الحقائق لنثبت أن رضاء الناس غاية لا تكسب.

كذلك نلاحظ أنه لما فشل خصوم الحكومة في تحشيد العدد الكافي للتظاهر في ساحة التحرير في بغداد، حاولوا تعليق فشلهم على شماعة الحكومة أيضاً وعلى المرجعية الدينية، وادعوا بأن السلطات الأمنية قطعت الطريق على جماهيرهم. وهي تهمة باطلة، فالحقيقة أن الجماهير شعرت أن الغرض من هذه التظاهرات ليس بريئاً، بل يصب في خدمة أعداء العراق لذلك شكوا في مقاصدها وقاطعوها.

صحيح أنهم لم يرفعوا شعارات إسقاط الحكومة، بل إصلاحها، ولكن الحملة التحريضية تركز على شيطنة الحكومة وتشويه صورتها بشتى التهم لتبرير إسقاطها، علماً بأن هذا التحريض مركز على شخص رئيس الوزراء وكتلته (التحالف الوطني)، وهذا الصراع هو جزء من الصراع المستفحل بين المشاركين في الحكومة نفسها، وعلى سبيل المثال نجد السيد فخري كريم ومن خلال صحيفته (المدى) وكتابها من أشد المحرضين ضد المالكي وكتلته. فرغم أن فخري كريم هو الساعد الأيمن لرئيس الجمهورية ومنه يستمد دوره ونفوذه وقوته، ولكنه في نفس الوقت سخر كتابه للتحريض ضد الحكومة.

موقف الحزب الشيوعي من الحكومة
عارض الشيوعيون في عهد حكم البعث تحرير العراق عن طريق الحرب، فرفعوا شعار (لا للحرب.. لا للدكتاتورية) وهو شعار بائس ومتذبذب يلعب على الحبلين، انتقدناه في وقته على صفحات جريدة (المؤتمر) اللندنية. ولكن بعد تحرير العراق عملوا بالأمر الواقع، فاتخذوا موقفاً صائباً وشاركوا في العملية السياسية بنشاط وهمة وإيجابية رغم معارضة اليسار الطفولي لهم. وبعد تشكيل وزارة المالكي الأولى شاركوا بحقيبة وزارية، ضمن قائمة "العراقية". ولما حاول رئيس القائمة الدكتور أياد علاوي إسقاط الحكومة عام 2007، وطالب وزراء الكتلة بالانسحاب منها، اتخذ الشيوعيون موقفاً مخالفاً لقرار علاوي، فانسحبوا من قائمة "العراقية" وفضلوا البقاء في الحكومة ودعمها. وشرحت قيادة الحزب موقفها آنذاك بأن الوضع العراقي هش وإسقاط الحكومة ليس من مصلحة الشعب، بل يخدم أعداء العراق من فلول البعث وحلفائهم أتباع القاعدة، وهو موقف صحيح يدل على الشعور العميق بالمسؤولية. ولكن بعد أن خسر الشيوعيون في الانتخابات الأخيرة مقعدهم في البرلمان والحكومة، صاروا من أشد خصوم الحكومة، وحجتهم هذه المرة أنهم يريدون أن يقفوا إلى صف الجماهير ضد السلطة الفاسدة!! علماً بأن العامل الذي تذرعوا به في دعم الحكومة في الدورة البرلمانية السابقة مازال قائماً. والجدير بالذكر أن الجماهير عاقبت الحزب الشيوعي لتحالفه مع كتلة "العراقية" البعثية. ففي انتخابات عام 2006، حصل الشيوعيون على 65 ألف صوت في كل العراق، هبط هذا العدد إلى 45 ألف في الانتخابات الأخيرة. وكالعادة، ألقوا اللوم على قانون الانتخابات وتعددية الدوائر الانتخابية، بينما الحقيقة أن رصيدهم الشعبي لا علاقة له بالقانون المذكور. فالخاسر دائماً يبحث عن عذر وعن شماعة يعلق عليها فشله. وقد ذكرنا مراراً أن سبب فشل الشيوعيين والعلمانيين الآخرين في الانتخابات الأخيرة هو الاستقطاب الطائفي والقومي، وهذا الوضع ليس وليد اللحظة بل نتاج التاريخ والجغرافيا والظروف الموضوعية التي أوجدتها الحكومات الطائفية المتعاقبة قبل 2003، ولن تتغير إلا بتغير الظروف.

حول إجراء انتخابات مبكرة
لا ندعي أن الحكومة الحالية مثالية، ولا يمكنها أن تكون كذلك في الظروف الراهنة بعد أربعين عاماً من الخراب البشري والاقتصادي الشامل، خاصة حكومة مترهلة غير منسجمة مؤلفة من 42 حقيبة وزارية الغرض من هذا العدد إرضاء العدد الكبير من الكيانات السياسية المشاركة في السلطة. وليس هناك كيان يقبل أن يكون خارج السلطة أو يقود معارضة ديمقراطية تحت قبة البرلمان. إن الوضع العراقي الشائك المعقد هو الذي فرض هكذا حكومة، فإما أن تكون بهذا الشكل أو لا تكون. إذ ليس أسهل على العراقيين من المطالبة بحكومة مثالية راقية تضاهي أرقى حكومة في العالم، ولكن العقبة أن ظروف العراق على العكس تماماً من ظروف أرقى بلد في العالم.
والتنظيمات السياسية التي خسرت في الانتخابات الأخيرة تحاول بكل استماتة تشويه صورة الحكومة الحالية وإظهارها بالشر المطلق، وبأنها حكومة فاشلة من أجل إسقاطها، والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة على أمل فوزها. وفي رأيي أن هذا الأمل زائف ووهم من الصعوبة تحقيقه، لأن الشعب العراقي مازال يعاني من التخندق الطائفي والأثني، ولا يمكن تغييره عن طريق الشتائم والتحريض وإفشال العملية السياسية وفق الشعار البعثي الرديء: (لو ألعب لو أخرب الملعب).. لذلك فحتى لو أعيدت الانتخابات فالنتائج ستكون لصالح نفس التحالفات الكبيرة التي تشكل الحكومة الحالية، وسيلجأ الخاسرون إلى نفس الأسطوانة المشروخة.    

ما العمل؟
ومن كل ما تقدم نعرف أننا أمام ظاهرة الإنسان المقهور، فبالإضافة إلى وجود مبررات حقيقية للتظاهرات السلمية كوسائل مشروعة تستخدمها الجماهير للضغط على السلطة لحل المشاكل، فإن هذه التظاهرات تعتبر علاجاً نفسياً أيضاً، لأن هناك شحنة ضخمة من الغضب والقهر والإذلال والانسحاق والاستلاب، متراكمة في النفوس المعذبة عبر سنين. فهذه المظاهرات كلما كانت صاخبة تكون أجدى لتفريغ شحنات الغضب لدى المواطن. لذلك لو كنت مسؤولاً في الدولة العراقية عن هذه الأمور (لا سامح الله!!) لشجعت الجماهير على التظاهر، وفي نفس الوقت أفرض على منظمي التظاهرات بأن تكون سلمية ويلتزموا بالقانون، وإنذارهم بأن من حق الأجهزة الأمنية الحفاظ على سلامة وأمن المواطنين وممتلكاتهم من عبث العابثين، إذ لا يمكن السكوت عن المخربين بذريعة حرية التظاهر والتعبير، ويجب التفريق بين التعبير بالوسائل الحضارية وبين التعبير بالوسائل الهمجية.

كذلك أقترح على الحكومة تخصيص ساحات أو حدائق في كل مدينة عراقية على غرار حديقة (الهايد بارك) في لندن، يجتمع فيها الجمهور كل يوم جمعة أو أي يوم، ليتظاهروا بكل حرية، يلقون فيها الخطابات السياسية وغير السياسية، المعادية للحكومة، والمؤيدة لها على حد سواء. وبذلك تعمل هذه الساحات والتظاهرات كصمامات أمان لتفريغ شحنات الغضب، وتقدم العلاج النفسي للجماهير، وتدريبها على ممارسة الديمقراطية.
Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=6750
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18