• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : استنساخ الفشل والإصرار عليه في موازنة العراق لعام 2016 .
                          • الكاتب : باسل عباس خضير .

استنساخ الفشل والإصرار عليه في موازنة العراق لعام 2016


 نشرت وزارة المالية في الأسبوع الماضي الموازنة المقترحة للسنة القادمة ( 2016 ) ، و يالها من خيبة أمل كبرى فهو تكرار للموازنات الماضية بكل ما فيها من أخطاء وسوء التخطيط وعدم إتباع المتطلبات المهنية والعلمية في إعداد الموازنات في وقت الازمات و قصورها في تلبية احتياجات البلد ، وقد صفها الدكتور هيثم الجبوري عضو اللجنة المالية النيابية بالموازنة ( المستنسخة ) وهو وصف في محله تماما ، لقد فشلت موازنات السنوات السابقة في تحسين الوضع العراقي وكل مواطن بات يسأل أين  ذهبت مليارات الدولارات في تحقيق التنمية المستدامة وما هو انعكاسها على الحياة ؟  ، ومن المؤكد إن الموازنة الجديدة ستكون أكثر فشلا لاعتمادها نفس الأدوات رغم  انخفاض أسعار النفط وارتفاع نفقات الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي وزيادة أعداد النازحين والمظاهرات المستمرة المطالبة بتحسين الأوضاع والإصلاح ، ناهيك عن تنامي الشعور بالإحباط لدى الكثيرين الذي يدفعهم لمغادرة العراق والهجرة وغير ذلك من الضغوط الكبيرة التي تواجه الحكومة ، ويفترض أن تكون تلك الضغوط ملزمة لاعتماد خطط ناجعة وليس تكرار الخطط السابقة التي فشلت في إقناع العراقيين بمستقبل أفضل عندما كانت الظروف أفضل من الموجود حاليا بكثير .
والموازنة ( الجديدة ) تتضمن المفاهيم والأدوات الخاطئة التي سبق تجريبها سابقا والتي أثبتت بشكل قاطع عدم صلاحيتها في إحداث التغيير الايجابي في مجال الإيفاء بالمتطلبات الأساسية ، والتي من أهمها  اعتماد سياسة التقشف في وقت الكساد ، ودولرة الاقتصاد العراقي ، والمبالغة المقصودة لتراجع قيمة الدينار العراقي ، وتعطيل قطاعات الإنتاج المحلي من خلال حرمانها من القدرة التنافسية والاستمرار بسياسة الاستيراد المنفلتة ،  والإصرار على النهج الشمولي ذي الخلفية الاشتراكية من خلال التمسك الغريب بملكية الدولة الواسعة التي أصبحت مسؤولة عن كل شي وتكاد تملك كل شي في العراق ، فليس العبرة في الموازنة تطبيق التقشف وشد الأحزمة على البطون وإنما اعتماد الكفاءة والفاعلية من خلال الأداء المبدع للعاملين والإدارات ، وان من ابرز العيوب التي تتكرر في موازنة 2016 هو التركيز على الشعارات غير المجدية وترك الأهداف وعدم القدرة على التمييز بين الأسباب والنتائج والعلاقة بين المنافع والتكاليف ، وكنا نتوقع أن تقوم الموازنة الجديدة بتطبيق أطروحات السيد العبادي في أحاديثه عند إعلان التزامه بحزمة الاصلاحات لكنها للأسف خارج هذا السياق ولا تلبي الحد الأدنى من الاحتياج وبعيدة كل البعد عن الطموح . 
وليس الخطأ محصور في مجال المفاهيم والأدوات بل انه يمتد إلى الأهداف التي وضعت الموازنة من اجل تحقيقها ، فهذه الأهداف محددة دستوريا بستة محاور أساسية وعلى ضوءها تم وضع البرنامج الحكومي ومنها انطلقت الإصلاحات الحكومية الأخيرة ، لكن هذه الأهداف تجاهلتها الموازنة الجديدة أسوة بسابقاتها وحلت محلها أهداف الكتل والأحزاب والفرقاء وتقاسم الكعكة ، لذا استولى هدف ( النظام العام ) على ما يقارب أل 50% من مجمل تخصيصات الإنفاق التي سوف تذهب للمؤسسات التشريعية والتنفيذية والهياكل التنظيمية الزائدة والمترهلة التي تم تأسيسها لإرضاء هذا الطرف أو ذاك ، بينما الهدف الدستوري المتعلق بتنمية القطاع الخاص لم يجد سوى الفتات وهي محصورة بدعم الحنطة والشعير ، أما سياسات الدعم والمنح والتشجيع للمنتج المحلي فلا وجود لها في الموازنة على الإطلاق ، وهذا الكلام ينطبق على باقي الأهداف الدستورية مثل التعويضات والعدالة الانتقالية والتنمية الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن وفرص عمل ، وقد عجزت الموازنة في محاولة إيجاد الحلول المناسبة لتشغيل جيوش الموظفين الذي يبلغ تعدادهم أكثر من أربعة ملايين موظف لإنتاج رواتبهم على الأقل وتحقيق نقطة التعادل اقتصاديا  في الأمد القريب .
و قد إمتد الخطأ في إعداد الموازنة إلى التقنيات المستخدمة في إعدادها ، حيث لا تزال وزارة المالية تصر على استخدام موازنة البنود التقليدية ولم تتحول إلى التقنيات الحديثة أو على الأقل استخدام النماذج المعدلة من تقنية البنود التقليدية ، و خلاصة القول إن الموازنة ( الجديدة ) لا تحمل للعراقيين أية أنباء سارة ، فالسنة القادمة ستكون أكثر سوءا من الوضع الحالي  بل وان ما يروج له بعض السياسيين من كون الأمور سوف تتحسن عندما تزداد أسعار النفط ماهو إلا وهم وضلال فهناك دول تعيش برفاهية وهي لا تملك قطرة نفط ، والمشكلة ليست في أسعار النفط وإنما في سوء الإدارة  التي ترتكز في عملها على ما ترسمه الموازنة ، وبطبيعة الحال فان ما يبني على الفشل لن يكون ناتجه سوى الفشل ، ونرجوا  أن لا يفهم القرّاء إن القائمين على إعداد الموازنة في وزارة المالية غير مختصين أو يجهلون أسس إعداد الموازنات العامة الحديثة ، فالكثير منهم على مستوى عال من العلم والمهنية والخبرة ، مما يشير بان الخلل والتقصير ليس فيهم ولكن في احتمالية وجود ( جهة معينة أو شيء ما ) لديه القدرة على دفعهم لإعداد الموازنة بهذا الشكل السيئ ، كما يمتلك القدرة على إقناع مجلسي الوزراء والنواب للمصادقة عليها بعد مسرحية  المناقشات البرلمانية المكررة والمملة والتي لا تتجاوز القشور ، أو إن هناك إرادة تصر على تدوير الموازنة بشكلها التقليدي الذي أصبح غير صالح ( للاستخدام  الوطني ) للحؤول  دون الانتقال إلى اقتصاد  متنوع في مصادر التمويل والإيراد .
باسل عباس خضير

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67642
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28