• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التظاهرات.. لم تنطفئ جذوتها كما يدعون .
                          • الكاتب : علي علي .

التظاهرات.. لم تنطفئ جذوتها كما يدعون

 مازال أجيج الحق يذكو ويعلو سناه في نفوس المطالبين بحقوقهم من العراقيين، ومازال لسان حالهم يقول ماأنشده الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود: 

سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدا
لقد عاش العراقيون مآسي كثيرة، بفعل حكامهم الذين تقمصوا أدوار الجلاد والسجان، وأجادوا فيها إيما إجادة، وأتقنوا تمثيلها بدرجة عالية، فلطالما كان المواطن العراقي في الحقب الماضية وسيلة استرخصها حكام البلاد لغاية دنيئة في نفوسهم، فمضوا بما هم فيه من خطط ومناهج دون اكتراث واهتمام بمصلحته، إذ علت المصلحة الشخصية على العامة، وحلت الأنانية محل الإيثار ونكران الذات. وقطعا ماحكم حاكم بلادا بسادية او شوفينية إلا وكانت في نفسه عقد وأمراض، تبدأ بالشعور بالدونية والنقص، ولاتنتهي بالحقد والظغينة، وبين هذه وتلك يمارس ماشاء من تعسف وقمع وبطش، فما دامت يده طولى على فعل المشين والمزري من الأفعال، فإنه لايتوانى لحظة عن الإقدام على ممارستها والتبجح بها، سواء على علم من الرأي العام أم من دونه! وسواء كذلك أكان الظلم على مرآى الناس أم بعيدا عن أنظارهم، ولنا في حكم المقبور صدام خير مثال على هذا النهج والسياسة الهوجاء.
وكما يعلم الجميع أن اللاحق يستدل من أخطاء السابق طريق الصواب وسبيل النجاة، فيصوّب ما شط من تصرفاته، ويقوّم مااعوج من نهجه، وإن كان قصدي بالسابق هو شخص صدام بعينه، فإن قصدي باللاحق هو كل شخص تبوأ منصبا رفيعا قياديا او رئاسيا، سياسيا او إداريا او عسكريا في مجالس الدولة الرئاسية الثلاث، ومؤسساتها ووزاراتها. وأظن أن من رام تثقيف نفسه ووضعها على النهج السوي والصحيح، يكفيه الرجوع الى ما قيل على مر العصور من أقوال أو أفعال، كان قد قالها او قام بها السابقون للاعتبار بها، وبذا يكون قد سلك أقرب الطرق للوصول الى الصواب والنجاة، وبغير هذا سيكون قد وضع نفسه محط لوم المجتمع وتقريعه، وقد قال شاعر: 
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لاتجري على اليبس
ومن اتخذ من أخطاء غيره منطلقا ومثابة للوثوب الى حيث الصواب، يكون قد حصن نفسه وأمن لها مسالك السلامة. وقد علمنا أن النفوس على أجناس وأصناف، منها النفس الأمارة بالسوء "إلا مارحم ربي"، وهذه قطعا ستودي بصاحبها الى الهلاك، ولكن إن كان رأس قوم او رئيس مجموعة، فإن الهلاك سيشمل الجمع ولن يختص به وحده، هنا يتعين على الجمع تصويب مسير الرأس وتعديل مساره، وهذا ماأقدم عليه العراقيون منذ شهرين تقريبا، حيث هبوا لتعديل النهج الذي جمح عن الطريق السوي، ذلك النهج الذي طال مفاصل البلد برمتها، مشتملا على الموبقات جميعها من فسادات وسرقات، بأكثر أشكالها وأكبر أحجامها. نعم..! لقد هب عباد الله للتظاهر مطالبين بأبسط حقوق المواطنة، منتهجين في كل خطوة يخطونها في تظاهراتهم المسلك السليم قانونا وعرفا، وهم بهذا لم يفتحوا للوم ثغرة، ولا للانتقاص من مشروعهم فرصة، لمن يتحينونها ويتصيدون في عكر المياة ماأمكنهم صيده، بغية الإيقاع بروح التظاهر وفحواه ومقصده وهدفه.
   فالتظاهرات إذن..! لم يخبُ أجيجها كما يدعي البعض ويتقولون، ولم تنطفئ جذوتها قط، فما دامت تنادي بمطالب مشروعة وحقوق مغبونة، فإن لها صولات في ساحات بغداد والمحافظات في قادم الأيام، فلتخرس أصوات الباطل التي تريد أن يعلو شأنها بالنيل من المواطن الثائر لحقه والمنتقم لما مسلوب منه، وقد قيل سابقا: "إذا كان للباطل صولة فإن للحق صولات وجولات".
 
aliali6212g@gmial.com 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68475
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28