• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مشهدٌ من طفّ كربلاء "مذبحةُ الرضيع" .
                          • الكاتب : صالح المحنه .

مشهدٌ من طفّ كربلاء "مذبحةُ الرضيع"

من يتأمل طف كربلاء بعمق... ويقلب صفحاته بصمت ... ويتنقل بين مشاهده بصبر وبصيرة ... سيجد نفسه أمام حدث إستثنائي بجميع تفاصيلة ...بمبادئه النبيلة ... برسالته العظيمة .. بقيادته الحكيمة ..بأهدافه السامية .. بسموّ وطهارة شهداءه ..بعلوّ مقامات رجاله .. بعصمة قائده وإمامه ... بمواقف أبطاله ... بصفوة رجاله ... بصبر نساءه ...وسيدرك أيضاً أنه أمام حدث عظيم لم ولن يتكرر ...ليس بحجم مأساته فقط ...وإنما بعظم شخوصه. .. فأنى للإنسانية أن تجود بمثلهم ؟ حدثٌ ما من كلمة أو حركة فيه صدرت من قائده ألإمام المعصوم، إلا وتركت لها أثرا بالغا في وجدان الإنسانية، وشهد لها التأريخ بالخلود والتصديق...ٌ وهذا هو شأن من وقع عليه إختيار السماء والمشيئة الألهية ...ليكون رمزا إسلاميا حقيقيا للرسالة السماوية ونموذجا فذا للفداء والوفاء والعطاء غير المحدود في الدفاع عن إصالة العقيدة المحمدية بعد أن آلت أمور الأمة إلى شخص متهتك كيزيد، فكان الحسين عليه السلام بين المشيئة الإلهية 
والإرادة العلوية نجما ساطعا في سماء المجد ... ونورا ومنارا للثائرين والرافضين للظلم في كل زمان ومكان .ولطف كربلاء صور ومشاهد مأساوية متعددة تفاوت بعضها عن البعض الآخر في عمق الجرح وعظم المأساة ... ولكن ثمة مشهد تفرد عن المشاهد الأخرى، مشهد لاتحتويه المفردة ولاتصمد أمامه الكلمة ...فلذكره تتهاوى الحروف خجلة. .. ولايرقى لوصفه الواصفون مهما حاولوا وبالغوا في تصويره وتجسيد ملامح فصوله الدامية ...هو جرح لاتشبهه كل الجروح الكربلائية الأخرى مع شدتها ... هو جرح الحسين الأكبر... الذي كان يمثل معركة بحجم معركة الطف قد دارت رحاها على صدر الحسين ...ووضعت أوزارها في قلب الحسين. .. بل هو مذبحة ولكن ليس كالمذابح الأخرى ، هو مذبحة كبرى... عنوانها الرضيع ...عبدالله بن الحسين. .. هذا المشهد كلما تكرر عرضه وأعيدت مشاهد وصور تلك القطرات الدموية الساخنة التي تفجرت من رقبة صغيرة غضة فإمتلأت بها كف العصمة والإمامة وقذفت بها نحو السماء لتتناثر على أجنحة الملائكة التي كانت تظلل الرضيع فما سقطت منها قطرة واحدة. ..كلما تكرّرت تلك المشاهد ومُرّرت صورُ المذبحة على منظومة الوجدان الإنساني. ..كلما إنتاب المرء شعور بالخجل من إنتماءه لتلك الإمة ... وبحجم آلام المشهد وفضاعة الجرم وعمق الجرح وشدة المأساة يشعر المرء بالحزن وخيبة الأمل في إمة تدعي الانتماء لفصيلة البشر فضلا عن الإسلام وأفعالها تترفع عنها الوحوش ! فالوحوش احيانا تأمل منها مالا تأمله من ذوي العقول، لقد شاهد العالم أجمع الطفل السوري الغريق ايلان ذي العامين فقط لم تتعرض له الوحوش ولا اسماك البحر المتوحشة بسوء رغم طراوة لحمه ونعومة عظامه حتى حملته أمواج البحر وقذفت به الى شواطئها ليلتقطه اهله خاليا من الجروح وكأن الأمواج إوكلت برد الأمانة الى أهلها ! أما الامة التي تدعي الاسلام فقد خانت الأمانة التي اوصى بها رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم وجاهرت بفجورها وتفاخرت بذبح طفل رضيع لم يتجاوز شهره السادس...! ويخطأ من يعتقد أن الجريمة قد إرتكبت من قبل شخص إسمه حرملة؟ ففي هذا التوصيف وهذا الإعتقاد تبسيط للأمور وسطحية في الفهم. .. وما حرملة إلا اداة سيئة أختزلت في 
شخصه تلك الإمة الباغية بأجمعها ! لتستكمل حلقات العار الذي بدأت به مع ابن بنت نبيها ! وإذا كانت واقعة طف كربلاء بكل تفاصيلها المأساوية قد كشفت عن واقع إمة فاسدة مغرر بها، فإن مذبحة الرضيع قد أسقطت جميع الأقنعة المزيفة عن وجوه مدعي العروبة والأسلام وختمت على وجوههم وصمة عار الى يوم يبعثون وأثبتت للعالم وللتأريخ أن الأمة التي قاتلت الحسين لاتمتلك ذرة من شرف الخصومة ولا تمت للإنسانية بصلة لامن قريب ولا من بعيد! 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=68775
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28