حمراء الكوفة
-----------------------
يذهب فلهوزن في الخوارج والشيعة ص211 الى :ان الموالي ...كانوا يؤلّفون أكثر من نصف سكان الكوفة وفي أيديهم الحرف اليدوية والمهن التجارية، ...... وكانت غالبيتهم من حيث الأصل واللغة من الفرس .
يذكر البلاذري في فتوح البلدان - ج 2 - الصفحة 343 نه قد : كان مع رستم يوم القادسية أربعة آلاف يسمون جند شهانشاه. فاستأمنوا على أن ينزلوا حيث أحبوا، ويحالفوا من أحبوا، ويفرض لهم في العطاء. فأعطوا الذي سألوه. وحالفوا زهرة ابن حوية السعدي من بنى تميم، وأنزلهم سعد بحيث اختاروا، وفرض لهم في ألف ألف، وكان لهم نقيب منهم يقال له ديلم، فقيل حمراء ديلم
وينص البلاذري في الصفحة اللاحقة على ان هولاء قد اسلموا وشهدوا فتح المدائن مع سعد، وشهدوا فتح جلولاء، ثم تحولوا فنزلوا الكوفة مع المسلمين.
ويؤكد الدنيوري على ان غالب جيش ابراهيم بن مالك الأشتر في معركته الحاسمة مع عبيد الله بن زياد كان من هولاء وهم من الفرس تحديدا :
(.....فانتخب له المختار عشرين الف رجل وكان جلٌهم أبناء الفرس الذين كانوا يسمون الحمراء ).الأخبار الطوال / الدينوري -ص301
وبحسب الشيخ باقر شريف القرشي في حياة الامام الحسين –ع- ج2 ص437 : قد كونت هذه الجالية مجموعة كبيرة في المجتمع الكوفي، ........وقد أخذ عددهم بازدياد حتى تضاءلت نسبة العرب في الكوفة، وتغلبوا في عصر المأمون حتى كانت اللغة الفارسية تحتل الصدارة في ذلك العصر .
ويرى جرجي زيدان في تاريخ التمدن الاسلامي ج4 ص34 :ان لهولاء تسميات متعددة باختلاف اماكنهم بيد ان المسمى واحد وهو ( الفرس ) فهم يسمون في اليمن الأبناء وفي صنعاء خاصة يسمون بني الأحرار، وفي الكوفة الأحامرة، وبالبصرة الأساورة، وبالجزيرة الحضارمة، وبالشام الجراجمة.
لقد مارست الحكومات المتعاقبة والأرستقراطية العربية تجاه الموالي سياسة فريدة من نوعها من حيث تعصبها ولا إنسانيتها كانت بعض مظاهرها :
انهم كانوا يكرهون أن يصلوا خلف الموالي، وإذا صلوا خلفهم قالوا: إننا نفعل ذلك تواضعاً لله ، وقد صار بعض كبار التابعين يبغض المسجد اكثر من بغضه كناسة داره لا لشيء الا لان الموالي كانوا يصلون فيه !
وقد دفع هذا الامر الموالي الى تأسيس مساجد خاصة بهم تحمل اسم (مسجد الموالي ).
ذكروا ان تابعياً آخر كان إذا مرت به جنازة قال من هذا ؟ فاذا قيل عربي قال وا بلوتاه واذا قالوا قرشي قال واقوماه ،واذا قيل مولى قال هو مال الله يأخذ ما شاء ويدع ما شاء !
وبلغوا من الاسفاف حداً كانوا يقولون فيه لا يقطع الصلاة الا ثلاثة : حمار او كلب او مولى !
وكانوا لا يكنونهم بالكنى والألقاب ، ولا يدعونهم إلا بالأسماء ، ولا يمشون في الصف معهم، ولا يدعونهم يتقدمونهم في المواكب، وإن حضروا طعامًا قاموا على رؤوسهم، وإن أطمعوا المولى لسنه وفضله وعلمه أجلسوه في طريق
الخباز؛ لئلا يخفى على الناظر أنه ليس من العرب، ولا يدعونهم يصلون على الجنائز إذا حضرأحد من العرب !
وقد تخاصم عربي ومولى بين يدي عبد لله بن عامر صاحب العراق فقال المولى:
،« لا كثر لله فينا مثلك » فقال العربي "بل كثر الله فينا مثلك " ، فقيل له :" ايدعو عليك وتدعو له ؟"
فقال « نعم، يكسحون طرقنا ويخرزون خفافنا ويحوكون ثيابنا » !
وكانوا يمنعون المولى من المناصب الدينية الرفيعة كالقضاء بذريعة انه " لا يصلح للقضاء الا عربي "
و كانوا يستخدمونهم في الحروب مشاة ولا يعطونهم عطاءً ولا شيئًا من الغنائم أو الفيء حتى قال احد الموالي لعمر بن عبد العزيز :
" يا أمير المؤمنين عشرون ألفا من الموالي يغزون بلا عطاء، ولا رزق، ومثلهم قد أسلموا من أهل الذمة يؤدون الخراج).
وبقيت الجزية سارية المفعول على المجوس حتى بعد اسلامهم!
وقد صور بعضهم حالتهم المزرية في العهد الأموي بان قال :
أبلغ أمية عني إن عرضت لها * وابن الزبير وأبلغ ذلك العربا
ان الموالي أضحت وهي عاتبة * على الخليفة تشكوا الجوع والحربا
يمكن ملاحظة تفصيل ذلك كله في تاريخ التمدن لجرجي زيدان ج4 ص71 وموارد متفرقة , الاسلام والخلافة للدكتور المصري علي حسني الخربوطلي ص109 ,وحياة الامام الحسين –ع- لشيخ باقر شريف القرشي ج2 ص135
نعم كان الامام علي -ع- وحكومته استثناء من ذلك كله !
قال القاضي الهندي أمير علي : « وقد أظهر الامام علي منذ بداية الدعوة الاسلامية كل تقدير ومودة نحو الفرس ، الذين اعتنقوا الاسلام . لقد كان سلمان الفارسي ـ وهو أحد مشاهير اصحاب الرسول ـ رفيق علي وصديقه . كان من عادة الامام أن يخصص نصيبه النقدي في الانفال لافتداء الاسرى . وكثيراً ما أقنع الخليفة عمر بمشورته ، فعمد إلى تخفيف عبء الرعية في فارس . وهكذا.. كان ولاء الفرس لاحفاده واضحاً تمام الوضوح).
ويرى فان فلوتن : ان من اسباب ميل الخراسانيين ، وغيرهم من الإيرانيين الى العلويين ، هو أنهم لم يعاملوا معاملة حسنة ، ولا رأوا عدلاً ، إلا في زمن حكم الامام علي عليه السلام .( سلمان الفارسي ص172 للسيد جعفر مرتضى العاملي )
ذكروا ان سبي الفرس لما ورد المدينة أراد الخليفة عمر أن يبيع النساء، ويجعل الرجال عبيداً للعرب،ولكن أمير المؤمنين (عليه السلام) عارض ذلك ، واعتق نصيبه ونصيب بني هاشم فلم يتم للخليفة ما اراده . دلائل الامامة ص82
يحدثنا "دلو" : في خلافة عثمان تردت اوضاع الموالي الاجتماعية والاقتصادية وزادت حالتهم سوء وذلك عندما ارادت الأرستقراطية العربية ان تجعل من السواد بستاناً لقريش فانفلت أقاربه الحكام في انتزاع أراضي الموالي وأرزاقهم واستغلال جهودهم دون رحمة مما دفعهم الى الانحياز الى جانب علي -ع- الذي أدخلهم في صفوف جيشه اذ كان منهم ثمانية آلاف وساوى بين الموالي والعرب في العطاء وكتب الى عماله يأمرهم بحسن معاملتهم ) الذات الجريحة ص90
وقصة ترجيحه-ع- قنبر مولاه على نفسه مشهورة معروفة :
فقد أتى –ع- سوق البزازين ، فاشترى ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم، والآخر بدرهمين. وطلب من قنبر، ان يأخذ الذي بثلاثة، قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين، تصعد المنبر وتخطب الناس. فقال: يا قنبر، أنت شابّ ولك شره الشباب، وأنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليك، لأنّي سمعت رسول الله يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون، وأطعموهم ممّأ تأكلون.
مستدرك الوسائل ج3 ص. 257
كتب ابن عباس إلى الامام الحسن عليه السلام يقول له :
( وقد علمت أن أباك عليا إنما رغب الناس (عنه) وصاروا إلى معاوية لأنه واسى بينهم في الفيء، وسوى بينهم في العطاء، فثقل ذلك عليهم )
انساب الاشراف ج3 ص 29 الهامش
و نـقـل ابراهيم بن محمد الثقفي في الغارات - ج 2 – الصفحة 494 قول المغيرة : كان علي عليه السلام أميل إلى الموالي وألطف بهم، وكان عمر أشد تباعدا منهم .
وفي نفس المصدر ج1 ص70 : إن امرأتين أتتا عليا - عليه السلام - عند القسمة إحداهما من العرب والأخرى من الموالي، فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهما وكرا من طعام، فقالت العربية: يا أمير المؤمنين إني امرأة من العرب وهذه امرأة من العجم؟! فقال علي - عليه السلام -: اني والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيئ فضلا على بني إسحاق!
وفي الكافي ج8ص69 (فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير وأعطى رجلا من الانصار ثلاثة دنانير وجاء بعد غلام أسود فأعطاه ثلاثة دنانير فقال الانصاري: يا أمير المؤمنين هذا غلام أعتقته بالامس تجعلني وإياه سواء ا؟ فقال: إني نظرت في كتاب الله فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضلا).
وقد اعلن -ع- في الايام الاولى لخلافته شعاره المعروف :
( أيها الناس إن آدم لم يلد عبدا ولا أمة وإن الناس كلهم أحرار....) المصدر نفسه .
وينقل الكليني في الكافي ج5 ص319 عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) : أتت الموالي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا: نشكو إليك هؤلاء العرب إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية وزوج سلمان وبلالا وصهيبا وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فكلمهم فيهم فصاح الأعاريب أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك فخرج وهو مغضب يجر رداؤه وهو يقول: يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتجروا بارك الله لكم فاني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها. ...).
يبدو ان هذه الحادثة كانت قبل خلافته –ع-
وقد فسح الامام-ع- المجال للموالي وقربهم وادناهم حتى اعترض عليه الاشعث بن قيس قائلا : "غلبتنا هذه الحمراء على قربك " فرده الامام -ع-رداً عنيفاً (الكامل للمبرد ص500).
وسيأتي مزيد ايضاح في بيان حال هولاء الموالي واصولهم القوميةودورهم في نهضة المختار فانتظر.
بعد هذا كله يبدو انه من المنطقي ان يسارع الموالي لنصرة المختار استناداً على رفع الظلامة الاجتماعية والمطالبة بثارات ال الرسول -ص- وهما العنوانان اللذان جعلهما المختار أصلين لنهضته فهو فاتح هذاالباب والسائر الاول في هذا الطريق وكل من جاء بعده احتذى مثاله ونسج على منواله - بمجرد اعلان دعوته على وزان مسارعة بعض القبائل العربية العريقة في التشيع :
فاستجاب له بشر كثير وكان اكثر من استجاب له همدان وقوم كثير من أبناء العجم الذين كانوا في الكوفة ففرض لهم معونة وكانوا يسمون الحمراء وكان منهم بالكوفة زهاء عشرين الف رجل ،الأخبار الطوال / الدينوري : ص296
وعلى هذا الأساس بنى الوالي الزبيري عبد الله بن مطيع تحريضه اشراف الكوفة على مواجهة تمرد الموالي :
....أ يّها الناس ! إنّ من أعجب العجب عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها ! خبيث دينها ! ضالّة مضلّة ! اخرجوا إليهم فامنعوا منهم حريمكم ! وقاتلوا عن مصركم وامنعوا منهم فيئكم ! وإلاّ فواللّه ليشاركنّكم في فيئكم من لا حقّ له فيه ! فواللّه لقد بلغني أنّ فيهم خمسمئة من محرَّريكم وأميرهم منهم ! وإنّما ذهاب عزّكم وسلطانكم وتغيُّر دينكم حين يكثرون ،مقتل الحسين -ع- لابي مخنف ص339 .
يبدو ان تصريحات ابن مطيع هذه لم تكن دقيقة في تحديد اعداد الموالي الآخذة بالازدياد الى الحد الذي اجاب فيه شبث بن ربعي اعتراض بعض افراد جيش على عدم قراءة سُوَر طوال في الصلاة : ...ترون الديلم قد نزلت بساحتكم وأنتم تقولون لو قرأت سورة البقرة وآل عمران .......!
ج4 تاريخ الطبري 501.
وبهذا النفس نادى أصحابه المنهزمين : يا حماة السوء بئس فرسان الحقائق أنتم أمن عبيدكم تهربون!
المصدر نفسه 502
يذكر ابن اعثم الكوفي محاورة طريفة بين أسير من اصحاب المختار وشبث بن ربعي احد زعماء الأرستقراطية العربية في الكوفة وقائد الجيش الذي بُعث لإخماد تحرك المختار :
فقال له شبث: من أنت؟ قال: أنا خليد مولى حسان بن محدوج الذهلي فقال له شبث: يا ابن المتكاء تركت بيع الصحناة بالكناسة وكان جزاء من أعتقك أن تعدو عليه بسيفك تضرب رقابه اضربوا عنقه!
الطبري ج4ص502/ الفتوح لابن ابن أَعْثَم ج 6 صفحه : 237
وربما تسلط الاوصاف التي وصم بها شبث هذا الأسير المسكين الضوء على انتمائه القومي :
ففي كتاب الحيوان للجاحظ ج2 صفحة21:
وقال أصحابنا : إنّما المتك البظْر ولذلك يقال للعِلْج : يابن المتْكاء كما يقال له : يابن البظراء
وفي لسان العرب لابن منظور -حرف العين- علج:
والعلج : الرجل من كفار العجم .....
ويقول جرجي زيدان في تاريخ التمدن الاسلامي ج4 ص21 :
على أن العجمي في الأصل الفارسي، والعجم الفرس؛ لأن الفرس أقدم من
خالط العرب من الأمم الغريبة عن لسانهم، ثم أطلقوا لفظ العجم على كل أجنبي غير
عربي.......
وفي لسان العرب - حرف الصاد - صحن :
والصحناء بالكسر إدام يتخذ من السمك يمد ويقصر ، والصحناة أخص منه . وقال ابن سيده : الصحنا والصحناة الصير ......... وحكي عن أبي زيد : الصحناة فارسية وتسميها العرب الصير ، قال : وسأل رجل الحسن عن الصحناة ، فقال : وهل يأكل المسلمون الصحناة ؟ قال : ولم يعرفها الحسن لأنها فارسية ، ولو سأله عن الصير لأجابه . وأورد ابن الأثير هذا الفصل ، وقال فيه : الصحناة هي التي يقال لها الصير ، قال : وكلا اللفظين غير عربي ......
لخص اشراف الكوفة اعظم ذنوب المختار في بعض اجتماعاتهم :....... والله لقد تأمر علينا هذا الرجل بغير رضى منا ولقد أدنى موالينا فحملهم على الدواب وأعطاهم وأطعمهم فيئنا ولقد عصتنا عبيدنا فحرب بذلك أيتامنا وأراملنا . الطبري ج4 ص517
يظهر من كلام عبد الرحمن بن مخنف مع إشراف الكوفة الذين استشاروه في الثورة على المختار ان الموالي كانوا على درجة عالية من الحماسة لذا منعهم ابن مخنف من الاستعجال في التحرك معللاً ذلك ب : (..... مع الرجل والله شجعاؤكم وفرسانكم من انفسكم اليس معه فلان وفلان ثم معه عبدكم ومواليكم وكلمة هؤلاء واحدة وعبيدكم ومواليكم اشد حنقا عليكم من عدوكم فهو مقاتلكم بشجاعة العرب وعداوة العجم....) مقتل الحسين ( ع ) - أبو مخنف الازدي ص357
يذكر الدينوري نصاً يُبين سياسة المختار تجاه الموالي والنقمة التي ولدتها تلك السياسة عند الإشراف ،وربما لايخلو هذا النص من مبالغة في فقرته العددية :
....... وقرب أبناء العجم وفرض لهم ولأولادهم الاعطيات وقرب مجالسهم وباعد العرب واقصاهم وحرمهم فضبوا من ذلك واجتمع أشرافهم فدخلوا عليه فعاتبوه فقال لايبعد الله غيركم اكرمتكم فشمختم بآنافكم ووليتكم فكسرتم الخراج وهولاء العجم أطوع لي منكم واوفى وأسرع الى ما أريد ،فدنت العرب بعضها الى بعض .... فاجتمعت القبائل على محاربته ..... فأرسل المختار الى همدان وكانوا خاصته واجتمع اليه أبناء العجم فقال لهم الا ترون ما يصنع هولاء قالوا بلى قال فانهم لم يفعلوا ذلك الا لتقديمي اياكم فكونوا احرارا كراما فحرضهم بذلك وأخرجهم الى ظهر الكوفة فاحصاهم فبلغوا أربعين الف رجل .....
الأخبار الطوال / الدينوري : ص307
يسجل البلاذري في أنساب الإشراف (2/362) صفة الجيش الذي ارسله المختار الى المدينة قائلا:
فدعا المختار شرحبيل بن ورس المدعي فسرحه في ثلاثة آلاف أكثرهم موالٍ ليس فيهم من العرب إلا سبعمائة........
و ينقل ابن انما الحلي في شرح الثار ص113 عن المرزباني ان المختار : أمر إبراهيم بن مالك الأشتر بالمسير إلى عبيد الله بن زياد، فخرج في ألفين من مذحج وأسد ، وألفين من تميم وهمدان، وألف وخمسمائة من قبائل المدينة، وألف وأربعمائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء، وقيل: خرج في اثني عشر ألفا، أربعة آلاف من القبائل، وثمانية آلاف من الحمراء.
بينما تقدم عن الدينوري قوله : ......فانتخب له المختار عشرين الف رجل وكان جلٌهم أبناء الفرس الذين كانوا يسمون الحمراء .الأخبار الطوال / الدينوري -ص301
يظهر ان غالبية هذا الجيش لم تكن من العرب ،وفي ذلك يقول ابراهيم بن مالك الأشتر :
(... والله لو لم اجد الا النمل لقاتلتهم بها فكيف وما قوم اشد بصيرة في قتل اهل الشام من هولاء الذين تراهم معي وإنما هم اولاد الأساورة من اهل فارس والمرازبة ......). الاخبار الطوال ص302
وبذكر المبرد وصية المختار لإبراهيم بن الأشتر يوم خازر وهو اليوم الذي قتل فيه عبيد الله بن زياد وفيها إن عامة جندك هؤلاء الحمراء.......).
الكامل في اللغة والأدب صفحة499
ويبدو ان هذا الامر كان واضحاً جلياً حتى في اذهان الجيش الاموي فاستمع لبعض قيادات ذلك الجيش وهو يحرض جنده :
(....... يا أهل الشأم إنكم إنما تقاتلون العبيد الاباق وقوما قد تركوا الاسلام وخرجوا منه ليست لهم تقية ولا ينطقون بالعربية . ..). تاريخ الطبري ج4ص 516
ويؤكد فلهوزن في الخوارج والشيعة ص224 هذا المعنى قائلاً:
.....وبينما كانت الحملة الأولى التي أرسلها المختار، تحت قيادة يزيد بن أنس، من الفرسان، لم يكن في الحملة
الثانية إلا قليل جداً من الفرسان أيْ أنها كانت تتألف من الموالي......
اقول :
تقدمت بعض النصوص التي تثبت وجود إعداد معتدٍ بها من فرسان العرب في جيش ابن الاشتر وربما تأتي الإشارة الى ذلك لاحقا .
لما صار محمد بن الأشعث إلى مصعب بن الزبير هارباً سأله مصعب: .......ما وراءك؟ فقال: ورائي والله أيها الأمير الترك والديلم! هذا المختار بن أبي عبيد قد غلب على الأرض، فهو يقتل الناس كيف شاء،.....الخ .
كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 6 - الصفحة 255
ولمحمد بن الأشعث هذا كلام آخر مع مصعب قال فيه :
ايها الامير مايمعنك من المسير الى محاربة هذا الكذاب الذي قتل خيارنا وهدم دورنا وفرق جماعتنا وحمل أبناء العجم على رقابنا واباحهم اموالنا سر اليه فانا جميعا معك وكذلك من خلفنا بالكوفة من العرب هم اعوانك ......الأخبار الطوال / الدينوري : ص311
وعندما قدم شبث بن ربعي على مصعب بن الزبير في البصرة وتحته بغلة له قد قطع ذنبها وقطع طرف أذنها وشق قباءه وهو ينادى يا غوثاه يا غوثاه دخل معه أشراف الناس من أهل الكوفة على مصعب ...... فأخبروه بما اجتمعوا له وبما أصيبوا به ووثوب عبيدهم ومواليهم عليهم وشكوا إليه وسألوه النصر لهم والمسير إلى المختار معهم ........
الطبري ج3ص558
وفي المعركة الفاصلة بين جيش المختار وجيش بن الزبير :
........صبر ابن كامل في رجال من همدان فأخذ المهلب يسمع شعار القوم أنا الغلام الشاكري أنا الغلام الشبامي أنا الغلام الثوري .......... وتنادوا يا معشر بجيلة وخثعم الصبر الصبر فناداهم المهلب الفرار الفرار اليوم أنجى لكم علام تقتلون أنفسكم مع هذه العبدان أضل الله سعيكم..... الطبري ج4 ص561
يقول الطبري في ج4 ص562 :
فلما بلغ من مع المختار من تلك الأعاجم ما لقى إخوانهم مع ابن شميط قالوا بالفارسية أين بار دروغ كفت يقولون هذه المرة كذب ......
وفي مصير الستة الآلاف من انصار المختار الذين آمنهم مصعب بن الزبير وخرجوا على أساس هذا الأمان يقول الدينوري في الاخبار الطوال ص330:
... فضرب اعناقهم كلهم وكانوا ستة الف ،ألفين من العرب وأربعة ألف من العجم !
ويعلّق فلهوزن على ذلك :
....وقتل مصعب جميع الذين سلّموا، ويتراوح عددهم فيما يذكرون بين الستة والثمانية آلاف. لقد أطلق مصعب العنان لانتقام أشراف الكوفة الذين أرادوا الثأر لدماء آبائهم وأقربائهم من الموالي، فاستحق من أجل ذلك أن يلقّب بلقب "الجزّار"
الخوارج والشيعة ص 231 |