"هؤلاء علموني" كتاب جميل ممتع من كتب الكاتب والمفكر سلامة موسى، بل هو من أمتع كتبه وأكثرها شيوعا بين القراء وبالأخص القراء الذين عاصروا الكاتب! لكن لا أحد من أولئك القراء تسأل لماذا تأثر سلامة الشاب والكاتب بأولئك فقط وجعل منهم قدوته وأراد أن يقنعنا في المقدمة بصواب اختياره ، وأن السير بهدي منهم يساهم في النهضة الفكرية والتقدم الحضاري !
من بين عشرين شخصية عظيمة أثرت في سلامة موسى نجد شخصية شرقية واحدة ،وهي المهاتما غاندي... أليس ذلك ظلما للثقافة الشرقية بثقافاتها وحضاراتها الأربع العريقة، العربية الاسلامية، والصينية، والهندية واليابانية ؟ ! لماذا لم يتأثر بشخصيات مصرية كبيرة عاصرته أو عاشت قبله بسنين قليلة؟ والشخصيات العربية التي تملأ التاريخ ويلهج بمآثرها في الغرب والشرق.. والصينيون...بل اليابانيون ،الشعب الوحيد الذي رفع الامم الشرقية عاليا وتحدى الغرب اقتصاديا وعسكريا وأدبيا وفنيا !
اختيار سلامة غير مقنع ،إذ أن أي انسان موهوب لابد وأن يتأثر بأقرب الناس اليه ، وبالنسبة لسلامة هم العرب والمصريون ! ويتأثر بجيرانه من الشرقيين من صينيين ويابانيين وأتراك وهنود.. لكن سلامة كان مولعا أشد الولع بالغرب فلم يرى من الشرق غير غاندي ، فلم يرى ماو أو الإمبراطور الميجي وطاغور وطه حسين والعقاد وابن سينا... وكان حلمه أن تكون مصر جزء من أوروبا، فلم يعي أن مصر جزء أساسي بل هي مركز الشرق العربي ،بل وحتى الشرق الحضاري بأكمله، وحتى أولئك الذين تأثر بهم كانوا اشد ارتباطا بأوطانهم وثقافتهم وما تمنوا يوما أن يكونوا جزء من أوطان اخرى....وذلك كان شأن تولستوي ودستويفسكي وإبسن..... |