• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المستشرقون و القرآن .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

المستشرقون و القرآن

   لقد تعرض الغرب و أوربا للقرآن منذ زمن بعيد , منذ أن بات الإسلام يشكل خطراً يهدد عروش الإمبراطورية الرومانية و توابعها , فبدأت الترجمات , و الردود , و الطعون على هذا الكتاب , و بالتالي على الدين الإسلامي , و على شخص النبي محمد ( ص ) و ما قيام الحروب الصليبية إلا للوقوف بوجه الدين الذي هدد عروش الامبراطورية الرومانية و حلفائها , و أطاح بصروح الكنيسة , فقد صرح المستشرق الألماني ( بيكر )1بذلك فقال : (( إن هناك عداءً في النصرانية للإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية , ثم امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها ))2.
  فوجدنا ـ من جراء ذلك ـ تيار العداء الفج و الصريح للقرآن الكريم , و من أنموذجات هذا التيار " مارثن لوثر3 " الذي قال عن القرآن الكريم : (( أي كتاب بغيض و فظيع و ملعون هذا القرآن , مليء بالأكاذيب , و الخرافات , و الفظائع , و إن إزعاج محمد و الإضرار بالمسلمين , يجب أن تكون هي المقاصد من وراء ترجمة القرآن و تعرف المسيحيين عليه  ))4 .
  لقد تعرض المستشرقون للقرآن الكريم بالنقد , و إثارة الشبهات , و ذلك بهدف إسقاط دليل سماوية هذا الكتاب , و إسقاط نبوة محمد ( ص ) , و بالتالي إسقاط قدسيتهما في نظر المسلمين و غيرهم .
فأثار ( ديفيد صموئيل مرجليوث )5 شبهة بلاغة الشعر الجاهلي , و ادعى ( كارل فلرس )6 و ( باول كراوس )7 أن القرآن لم يكن معرباً , و أن اللغويين هم الذين أعربوه8 .
و تطرق المستشرق الفرنسي ( كازانوفا )9 في كتابه ( محمد و نهاية العالم ) إلى أن القرآن قد أضيف إلى الرسول محمد ( ص ) بعد وفاته .
أما المستشرقان ( إبرهام جيجر ) و ( رودي بارت )10 فقد أدعيا أن النبي محمد ( ص ) قد أستقى الكثير من تعاليم القرآن الكريم من كتب الأديان السابقة .
فقد ذكر ( رودي بارت ) أن الدعوة التي قام بها النبي محمد ( ص ) و هذه التصورات و الأفكار الدينية كانت إشعاعات من المسيحيات و اليهوديات التي كانت موجودة في الجزيرة آنذاك11 .
  وحاول مستشرقون أخرون أن يثبتوا أن القرآن تأثر بالديانات , و الكتب , فالمستشرق ( ك . ارينز ) له بحث بعنوان : ( عناصر نصرانية في القرآن ) نُشر في المجلة الألمانية الشرقية ( 1930 م ) , و كتب ( ج . بوستل )12 عن ( توافق القرآن و الإنجيل , عام 1543 م  ) , و كتب ( أ . بومشتارك )13 ( مذهب الطبيعة الواحدة النصراني في القرآن , عام 1953 م ) , و كذلك فإن للبارون ( كاردي فو )14 ( الراهب بحيرة و القرآن , عام 1898 م ) , و بحوث كثيرة .
  لقد شهدت بدايات القرن العشرين ((صرعة " مودة " تقديم القرآن للقارئ الأوربي باعتباره مختارات من أفكار اليهودية و المسيحية , بالإضافة لقليل من الزيادات المحددة , و معنى هذا انتفاء الجدة و الأصالة و الواقع , إن هذه النظرة تعد بقية من بقايا الدعاية المسيحية التي سادت فترة الحروب الصليبية , عندما كان على أوربا الغربية التي كانت ترتعد فرائصها من جيوش الإسلام أن تقوي دفاعاتها برسم صورة زائفة عن الإسلام , إن القرآن لم يكن مجرد ترديد لأفكار يهودية و مسيحية , فلقد أكد الإسلام نفسه بالفعل كدين مستقل عن اليهودية و المسيحية , و ثمة ما يؤكد أن الإسلام كان بمثابة مستودع لدين إبراهيم في حالة نقائه الأولى ))15 .
.................. الهوامش ......................................
1 : كارل هنريخ بيكر ( 1867 ـ 1933 م ) ولد في أمستردام .
2 : الإسلام و شبهات المستشرقين , الشيخ فؤاد كاظم المقدادي , ص 131 .
3 : مارثن لوثر ( 1483 ـ 1546 م ) .
4 : أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة و السنة , رسول جعفريان , تقديم محمد عمارة , ص 12 .
5 : مستشرق إنكليزي ( 1858 ـ 1940 م ) .
6 : مستشرق ألماني ( 1857 ـ 1909 م ) .
7: مستشرق ألماني من أصل تشيكوسلوفاكي ( 1904 ـ 1944 م ) .
8 : مخططات الأستشراق , أنور الجندي , مجلة منار الإسلام , العدد 7 , السنة 14 .
9: مستشرق فرنسي ( 1861 ـ 1926 م ) .
10: مستشرق ألماني ( 1901 ـ 1983 م ) .
11 : محمد و القرآن , رودي بارت , ص 64 , ترجمة رضوان السيد .
12 : ج . بوستل ( 1505 ـ 1581 م ) .
13 : أ . بومشتارك ( 1871 ـ .... م ) .
14 : كاردي فو ( 1867 ـ 1953 م ) .
15 : أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة و السنة , ص 16 .




 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=70126
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 11 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16