• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خارطة مستقبل مصر.. البرلمان المحطة الثالثة والاخيرة من سيشكل الحكومة في مصر؟ .
                          • الكاتب : محمد ابو كلل .

خارطة مستقبل مصر.. البرلمان المحطة الثالثة والاخيرة من سيشكل الحكومة في مصر؟

 بانتهاء جولة الاعادة في المرحلة الثانية والنهائية من انتخابات مجلس الشعب المصري "برلمان 2015" فإن الستار يسدل على مرحلة تاريخية فارقة في الحياة السياسية في مصر.

مع بدأ عملية فرز الأصوات بدأت الأحزاب والكيانات السياسية التي إستطاعت الفوز بمقاعد المرحلة الأولى وبعض مقاعد المرحلة الثانية بالتحرك لرسم صورة واضحة لشكل الحكومة المصرية القادمة التي ستتشكل من الأغلبية البرلمانية والتي حتى الان لم تتضح لصالح من ستكون.
على مستوى القوائم  حسمت قائمة في حب مصر مقاعد القوائم البالغ عددها 120 مقعدا من اصل 576 مقعدا هي مجمل مقاعد البرلمان المصري الجديد. قائمة في حب مصر تضم عددا من الاحزاب المصرية السياسية المحسوبة على التوجه الليبرالي ومنها المصريين الاحرار وحزب مستقبل وطن وحزب المؤتمر، الى جانب شخصيات مستقلة تشكل النسبة الاكبر من من مكونات هذه القائمة، تحت قيادة اللواء سامح سيف اليزل وكيل جهاز المخابرات الاسبق "منسق عام القائمة" الذي يبدو انه بدأ مبكرا مشوار المفاوضات حول شكل الحكومة المصرية المقبلة بعد انعقاد البرلمان وانتخاب رئيس له واقرار اللجان البرلمانية التي بدات ملامحها تتشكل مع دخول عدد من الشخصيات البارزة الى البرلمان كوزير الخارجية المصري الاسبق محمد العرابي المرشح لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية، والدكتورة امنة نصير استاذ الفلسفة الاسلامية في جامعة الازهر المرشحة لرئاسة اللجنة الدينية، والكابتن طاهر ابو زيد للجنة الشباب والرياضة، اما وزير الاعلام السابق اسامة هيكل فهو مرشح بطبيعة الحال لتولي لجنة الاعلام، وهؤلاء كلهم ينتمون الى قائمة في حب مصر، ولكن  يبقى السؤال: ماذا عن الاحزاب الموجودة ضمن القائمة والتي استطاعت ايضا الفوز بعدد كبير من المقاعد الفردية؟

 

من المتوقع ان حزبي المصريين الاحرار الذي يدير زمام الامور فيه رجل الاعمال المصري الملياردير نجيب ساويرس، وحزب مستقبل وطن الذي يتراسه الشاب محمد بدران كواجهة لرجل الاعمال المصري البارز في مجال صناعة الحديد والصلب احمد ابو هشيمه، من المتوقع ان يكون هناك تفاهمات بين هذين الحزبين حيث استطاعا الحصول على عدد كبير من مقاعد الفردي تجاوزت المئة مقعد يليهما  حزب الوفد العريق الذي حصد نحو أربعين مقعدا، مقابل المستقلين الذين استطاعوا الظفر باكثر من مئة وعشرين مقعدا.

 

حكومة البيزنس او حكومة رجال الاعمال هي الصفقة المتوقعة في قادم الايام لتشكيل الحكومة المصرية الجديدة في ظل ظروف اقتصادية خانقة تعيشها البلاد تزامنت مع ازمة مالية ادت الى ارتفاع كبير للدولار الامريكي مقابل الجنيه المصري وهو الامر الذي يبدو انه كان سببا في الاطاحة بهشام رامز محافظ البنك المركزي لصالح طارق عامر رئيس البنك الاهلي السابق الذي قام بسلسلة من الاجراءات في سبيل اعادة الاستقرار لسوق الصرف في مصر.

 

كل هذه الارقام ستصطدم بواقع هام، وهي المقاعد التي سيقوم رئيس الجمهورية بتعيين اعضائها بالامر المباشر منه وتبلغ حوالي سبعة وعشرين مقعدا، فمن المتوقع ان الرئيس عبد الفتاح السيسي سيدفع باسماء كبيرة في عالم السياسة في مصر لشغل هذه المقاعد وهي خطوة قد تكون حاجزا امام رجال الاعمال للانفراد بالقرار داخل البرلمان المصري، فمن هذه الاسماء قد يكون هناك من هو اهل لشغل منصب رئيس الحكومة او رئيس البرلمان الذي يرشح المراقبون له ثلاث شخصيات مصرية بارزة هي الرئيس المصري السابق ورئيس المحكمة الدستورية العليا الحالي المستشار الجليل عدلي منصور الذي يحظى باحترام وتقدير شريحة واسعة من الشعب المصري، يليه السياسي البارز والمخضرم الامين العام السابق للجامعة العربية ورئيس لجنة الخمسين لكتابة الدستور السيد عمرو موسى، واخيرا المستشار احمد الزند وزير العدل الحالي.

 

للمرة الاولى ايضا في تاريخ الحياة البرلمانية في مصر تحظى المراة بعدد مقاعد يعد الاكبر في تاريخ برلمانات مصر والذي من الممكن ان نعتبره انعكاسا لجهد المراة المصرية في السنوات السابقة لاسيما في ثورتي يناير ويونيو حيث حصلت المراة على اكثر من سبعين مقعدا في المرحلتين الاولى والثانية وبانتظار تعيينات الرئيس السيسي قد ترتفع نسبة تمثيل المراة في البرلمان المصري الى اكثر من ثمانين سيدة.

 

حزب النور الذراع السياسي للجماعة السلفية في مصر كان الخاسر الاكبر في هذه الانتخابات حيث لم يستطع الحصول الا على ثلاثة عشر مقعدا على مستوى الجمهورية في انعكاس واضح لرفض جمهور الناخبين للتيارات الاسلاميه التي عانوا منها خلال حكم الاخوان المسلمين.

 

اذا المشهد في مصر لايزال ضبابيا، والمعركة القادمة تحت قبة البرلمان لن تكون يسيرة على الاطلاق، فالحكومة القادمة هي انعكاس حقيقي لكيفية ادارة شؤون البلاد بعد اكثر من اربعة سنوات من عدم الاستقرار والانهيار الاقتصادي والامني، لذلك سيكون على اعضاء البرلمان اختيار من يصلح بالفعل لهذا المنصب ليس داخليا وحسب وانما خارجيا ايضا امام الدول التي لاتزال قلقة من سير الاوضاع السياسية في مصر.

 

الجدير بالذكر ان البرلمان الحالي وللمرة الاولى لن يكون برلمان الرئيس كما هي العاده في مصر، فالرئيس المصري لايمتلك حزبا ورفض تاسيس حزب، وان كانت قائمة في حب مصر تحسب عليه، فرجال الاعمال لايمكن لهم ابدا ان يضحوا بفرصة اقتناص رئاسة الحكومة لمرشح من احزابهم، على الطرف الاخر فان البعض يقول ان اعداد المرشحين الفائزين من العسكريين السابقين من الجيش والشرطه سيؤمنون الغطاء اللازم للرئيس المصري داخل البرلمان ولكن الحقيقة غير ذلك، فعدد هؤلاء النواب من العسكريين السابقين لن يزيد في احسن الظروف عن خمسين نائبا. اذا لايوجد اغلبية داعمة للرئيس للمرة الاولى منذ عدة عقود داخل البرلمان المصري، وهذا ان دل فانما يدل على ان الحياة السياسية بدات بالعودة وبقوة الى مصر واننا سنشهد للمرة الاولى منذ اكثر من خمسة وعشرين عاما برلمانا قد يستدعي رئيس الجمهورية للمساءلة ان تعارضت قرارات الطرفين، وهي سابقة تعد الاولى في تاريخ مصر ان حصلت، ولايمكن ابدا استبعاد ذلك فالاسماء الكبيرة التي وصلت الى البرلمان ليس من السهولة اقناعها بالقرارات الرئاسية كما كان يحدث في عصر الرئيس الاسبق حسني مبارك والذي لم يكن البرلمان فيه الا جزءا مكملا لمؤسسة الرئاسة في مصر لاتمتلك حق الرقابة او الرفض ولا حتى تشريع مايعارض توجهات الرئيس، على عكس برلمان مصر 2015 الذي يحظى بمساحة واسعة من القدرة على مواجهة اي قرار يتعارض مع الدستور او توجهات المشرع البرلماني لذلك يعد هذا البرلمان بالفعل رقابي على الحكومة ومؤسسة الرئاسة.

 

ان مصر بانتهائها من الخطوة الثالثة والاخيرة من خارطة المستقبل قد بدات بالفعل في طريق الديمقراطية الذي خرجت من اجله ثورتا يناير ويونيو، ومن الواجب دعم هذه الخطوات وتشجيعها لان استقرار مصر هو استقرار للمنطقة العربية ككل لما تمثله مصر من مركز ثقل سياسي وامني وثقافي، فمصر تعد من الدول العربيه القليلة التي لاتزال متمسكة بالوسطية في قرارتها السياسية ولاتزال متمسكة بالعروبة ومصالح الامن القومي العربي العليا بعيدا عن اي تدخلات خارجية قد تهدد مثل هذه التوجهات.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=71049
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 12 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16