• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أما زلت تسأل .
                          • الكاتب : محمود جاسم النجار .

أما زلت تسأل

أتعجبُ يا سيّابُ كيف يخونُ الخائنون
وتتساءلُ بألمٍ لذرّاتِ تُرابِكَ..!
وتنزفُ دماً حرّاً على صَدفاتِها 
وعلى وجناتِ الخَيِّرين..
سال دمعُ قوافيكَ ودمعُ رُفاتِك 
وتحجَّرّتْ على شاهدةِ قبرِكَ.. 
كلُّ أزمنةِ العشقِ وشاخَ الثائرون         
لقد تاهَ حادينا وضاعتْ قوافلُنا 
وأَغْربتِ الشمسُ يا شاعري 
ولم تعدْ هنا ..
ولا هناكَ الشَّمْسُ أجملُ
وإنْ أشرَقتْ حرقتْ بلهيبِها.. 
أفئدةَ الأمَّهاتِ والحفاةَ الحائرين  
أنْبِئُكَ والدَّمْعُ يحرقُ مُقْلَتي 
أَنَّ شباكَ وفيقة مازال مقفلا.. 
والابتسامةَ قد تكدّرت..
وهربتْ من ثغرها الورديِّ 
والشالَ المدلّى تمزَّقَ في العراءِ 
ويتامى العراق جوعى..
بلا مأوى.. 
يرثونَ سوءَ الطَّالعِ.. مشرَّدون  
وبويبَ*النَشيد مات عطشاناً    
وأنينَ عراقِكَ
بات نحيباً وأزرقاً كشباكِ وفيقة 
مثلَ أنينِكَ وزمهريرِ عمرِكَ ..
ويلٌ لظلمةِ القبرِ وظلمتنا 
وحشةِ الغربةِ ومُرِّ ترياقِ الديارِ 
ونزفِ ضميرِ الوطنِ بكلِّ جنون  
 
*****
أما زلتَ تئِنُّ يا شاعري السيّاب
وتتساءلُ كراهبٍ ..
أنهَكَتْهُ التراتيلُ وسرْدُ المواعظِ  
من جوفِ قبركَ المُغطّى بالقوافي 
ورداءِ شاعر ثائرٍ مغدورٍ .. 
بوجعِ الظُّلمِ والشكوى والعتاب
بصوتِه الحزينِ، الغائرِ المُثَلَمِ بالأنا  
من جوْفٍ مكلومٍ بالوطن
واللهفة المحزونة بعد طولِ غيابٍ
وتبقى تتساءلُ كالغريقِ..!
تُرى..؟
هل شعبي وأمَّتي ونَخْلَتي بخير..؟
هل جمهوريَتُنا البيضاءُ نهضت ..؟ 
هل نفطنا تأمم والخير عمّ ديارنا..؟ 
هل قُتلَ الجوعُ بيدِ الأوصياء ..
وماتتْ كذبةُ النُبلِ بياقةِ الأحزابِ 
هل رحلَ عن بلدي سُرّاقُهُ المارقون
هل ، هل وهل..؟
يا لنزف الأسئلةِ وتنهدات الحُلْمِ  
هل ..؟
لبحّةِ الحريَّةِ عنوانُ رنّة وجواب          
يا إلهي.. 
أما زلتَ ياشاعري تتساءل ..
وتعجبُ من الزمان 
وسطَ قهرِ التيهِ وذاك الهُزال          
عن ثمنِ هذا الغدرِ وماهيّةِ الأسباب.. !!
***** 
أما زلتَ تسألُ وتتساءلُ..
كيف يخونُ إنسانٌ ربيعَه وبلادَه
وكيف يبيعُ الإنسانُ أهلَه وحُلمَه 
نعم يا سيدي ..
لقد باعوا العراقَ جهاراً وتفاخروا
بالسفالةِ وقتلِ العمدِ لأحلام عباده      
كفاك آلاماً وشعراً وحزناً سيدي
كفاك تشكوا وأوجاعاً وتصارعا         
احتراباً وانهزاماً وخذلانَ الأقربين  
فالخيانةُ باتتْ بهاءَ هذا العصرِ
والنكاحُ بات جهاداً وتهجدات عبادةٍ
لقد باعوه يا شاعري الأبهى
وحطَّموا أحْلامَنا وأمجادَ الأولينَ        
أرذلُهم صار شيخاً..  
وقلَّدوه مناصباً وقروناً ذاتَ سيادة 
 
 
 
 
 
25-6-2015
 
بويب .. نهر صغير في قرية الشاعر بدر شاكر السياب ، لطالما تغنى به في الكثير من قصائده .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=71411
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 12 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20