لن أطيل الكلام عليكم اليوم، ولن أتعمق كثيراً في تفاصيل المقارنة التي أعقدها بين شخصيتين متخالفتين، ومختلفتين أيضاً، فقد يكون الخبر لوحده أحياناً بمثابة المقال، إن لم يكن أجدى، وأهم، وأنفع منه!!
أتحدث عن شخصيتين، واحدة من الموصل، والثانية أصلها من الأنبار.. إذن، فكلا المحافظتين منكوبتان بالإحتلال الداعشي الخبيث، الذي لا يقل خبثه عن مرض السرطان الخبيث. والفروقات التي تميز الشخصيتين أوسع من أن تذكر في مقال، لكني سأذكر القليل منها، أي بما يخص ثيمة المقال ليس أكثر. الشخصية الأولى تحمل إسم المُدرسة الموصلية (الشهيدة) أشواق إبراهيم النعيمي، بينما تحمل الشخصية الثانية إسم الدكتور (النائب) أحمد المساري، إبن العائلة الأنبارية.. ولعل من المفيد ذكره هنا أن المُدرّسة الموصلية إمرأة نجيبة، حرة، طاهرة، شجاعة، عفيفة، وهي أيضاً شابة وطنية أصيلة، لم تتخل عن أهلها، ولم تهرب من مدينتها، كما لم تقبل أن تكون عبدة لداعش، وأفكار داعش، ولا أن تكون وسيلة لنشر قبح منهج داعش.. هذا المنهج التكفيري القادم من ظلمات الماضي الحالكة.. فإختارت أن تكون عكس ذلك، أي أن تكون الشعلة الوهاجة التي تنير عقول أبناء وفتيان مدينة الموصل.. خاصة وهي مدرّسة تحمل وعياً وطنياً ودينياً وإنسانياً، لذلك حوَّلت (مدرسة الزهور) في شرقي الموصل الى حقل زهور بحق، فقامت أولاً برفض منهج داعش التدريسي للسنة الجديدة، مُصرَّة على تدريس المنهج الدراسي السابق، ناهيك عن توجيه طلابها علانية نحو التمسك بأصول الدين الحقيقي، والقيم الوطنية العراقية، ورفض الأفكار الداعشية المظلمة، وبقيت ثابتة على خطها هذا دون أن تتراجع قيد أنملة، رغم التحذيرات والتهديدات الداعشية لها، لقد كانت (أشواق) واثقة من أن حياتها ستكون ثمناً للفت إنتباه الناس، لا سيما الهيئات التدريسية في الموصل، وتوجيههم نحو ضرورة الإلتزام بالعراق وطناً، وبالإسلام الحقيقي ديناً، وبالثقافة والتعليم المنيرين منهجاً.. فدفعت فعلاً حياتها من أجل هذه القيم الوطنية النبيلة.. لكن النتيجة الأعظم، أنها صارت درساً مضيئاً للأجيال الجديدة عندما تناقل الملايين من العراقيين وغير العراقيين فيديو إعدامها، وقبله خبر إعتقالها وتعذيبها ومن ثم اعدامها، و تسليم جثتها للطب العدلي بالموصل، مع توجيه أوباش داعش بعدم اقامة مجلس عزاء لها.. وقد إنتشر خبرها مدوياً في مواقع وشبكات التواصل الإجتماعي خلال أربع وعشرين ساعة فقط. فكان دمها الشريف مناراً لطريق الخلاص من عبودية داعش.. واليوم صدرت إستحقاقاً لا منة، عشرات البيانات التخليدية، والتكريمية عن نقابة المعلمين العراقيين، والنقابات والهيئات والجمعيات والمؤسسات والمنتديات التعليمية على مختلف أنواعها، وهي تحيّي هذه البطلة العراقية، الموصلية الباسلة..
بينما نجد الشخصية الأخرى التي يقبع تحت جلدها النائب أحمد المساري، في موقع معاكس ومضاد للشهيدة أشواق الموصلية.. فهذا الرجل الذي يدعي أنه أبن الأنبار البار، لم يزر محافظته، ولم يلتق بأهله فيها منذ فترة طويلة جداً، ولم يفكر-وهو رئيس الكتلة النيابية لتحالف القوى الوطنية- بطرد المحتل لمحافظته، بل على العكس من ذلك، فقد رأيناه يعترض على وجود الحشد الشعبي في صفوف القوات المحررة للأنبار.. وللتذكير فقط فإن المساري الذي هنأ بارزاني على (تحرير) سنجار، لم يقل كلمة مُهنئة واحدة لأبطال الحشد الشعبي عندما حرروا بيجي وتكريت بل أنه إنتقد مشاركة الحشد في تحرير هاتين المدينتين!! المهم أن هذا المساري (الأنباري)، يحذر العبادي من إشتراك الحشد الشعبي بتحرير الرمادي.. اليكم الخبر كما نشر نصاً، دون حذف أو إضافة:
(بغداد- شبكة أخبار العراق- أكد رئيس كتلة اتحاد القوى العراقية احمد المساري أن محافظة الانبار لا تحرر من تنظيم "داعش" الا بسواعد رجالها. وقال المساري في تصريح صحفي له "اليوم": ان"قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بدخول الحشد الشعبي غير صائب.. مضيفا ان الحشد الشعبي غير مُرحَّب به بالمناطق المغتصبة من قبل تنظيم "داعش" وان هذه المحافظات لا تحرر إلا عن طريق اهلها. واضاف، ان الحشد الشعبي مؤسسة غير رسمية ويخضع لأجندات خارجية تريد تغييرا ديموغرافيا..)!!
فشتان ما بين امرأة بسيطة تستشهد دفاعاً عن حرية مدينتها.. وسياسي مسؤول يمنع تحرير مدينته.. المقارنة صعبة بين امرأة شريفة جداً.. وسياسي (مو شريف جداً)!! |