• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وداع أنيق لسفير أكثر أناقة .
                          • الكاتب : سليم عثمان احمد .

وداع أنيق لسفير أكثر أناقة

اكتظت قاعة ريجنسي الأنيقة بالدوحة ، ليلة الجمعة الماضية، بأفراد الجالية السودانية بدولة قطر ،فى  حفل تكريم ووداع  أنيق لرجل أكثر أناقة ، هو السفير ابراهيم عبد الله فقيري ، سفير السودان لدى الدوحة ،و السيدة سوسن محمد صالح عمر(كريمة الشهيد محمد صالح عمر) الوزير المفوض بالسفارة  وثلة من منسوبي السفارة، بمناسبة انتهاء فترة عملهم  بقطر، الحفل استمد اناقته وحميميته من الوان الطيف، التى جاءت لوداع هذا الطاقم المتميز، من أفراد بعثتنا الدبلوماسية وعلى رأسها السفير الإنسان إبراهيم عبد الله فقيري،  الذي عمل سفيرا فوق العادة ومفوض فى سفارة السودان بالدوحة خلال الفترة من 2006 وحتى 2011، وقد يعجب البعض إن علموا أن السفير فقيري، الذي يجيد الانجليزية والبلغارية ،دخل ميدان الدبلوماسية من حقل الهندسة الزراعية، التى يعتبر واحدا من خبرائها،حيث نال الرجل شهادة البكالوريس فى العلوم الزراعية، من بلغاريا عام 1975ثم الماجستير ،فى نفس التخصص من بلغاريا عام ،1976ونال شهادة أخري (ماجستير) فى إنتاج المحاصيل من جامعة فيصل أباد فى باكستان ،1986ونال دورة تدريبية فى القيادة الادارية ،بماليزيا عام 2005وأنجز عدة دراسات زراعية وقدم عدة  أوراق عمل ،معظمها عن قطاع السكر،منها على سبيل المثال لا الحصر:صناعة السكر الأسم،روعسل القصب بامكانيات محلية مبسطة ،عام 1991،وتأثير برمجة الري، على تركيز السكريات، قبل الحصاد فى محصول القصب عام ،1984ثم أثر حريق القصب، على إستخلاص السكر، ودراسة الفترة المناسبة بين الحريق والطحن عام ،1983والطرق المثلي لحصاد قصب السكر وتقليل الفاقد كما ونوعا، عام ،1982وتأثير السماد (اليوريا)والتوقيت على نوعية عصير القصب واستخلاص السكر، فى المصنع عام ،1981وشارك فى مؤتمرات محلية واقليمية ودولية عديدة، كما شغل منصب مدير مشروع شركة الكناف السودانية العربية –أبو نعامة عام ،1992كما عمل نانبا للمدير العام للابحاث الزراعية ،بشركة سكر كنانة عام 1988 وتعاون مع جامعتي الجزيرة وسنار .
ولعل علمه الغزير  واهتمامه بقطاع السكر، فى السودان هو الذى جعل معشره حلوا لكل من عرفه خاصة أبناء الجالية، فقد عرف الرجل وسطهم بتواضعه الجم،ودماثة خلقه، وهمته العالية، وحبه للسودان والسودانين، وظهرت محبة أبناء الجالية له جلية ،فى حفل وداعه وتكريمه ، فقد تبارى الكل فى الاحتفاء به ،وأقامت الروابط  الجهوية والفئوية، حفلات وداع وتكريم للرجل، قبل حفل الجالية الجامع ،وأمطروه بكلمات دافئة رقيقة يستحقها،فقد حكي الرجل فى ليلة توديعه ،بعضا مما لمسه من حب أفراد الجالية له، فقال ذات مرة ذهبت أتسوق فى أحد المجمعات الكبيرة فلما تقدمت  لدفع الحساب وجدت أحد السودانين أمامي ولما لمحني  السوداني قدمني  بكرم السودانين المعهود، وحينما  شرعت  فى دفع الفاتورة حلف السوداني بالطلاق أن لا أدفع  ريال واحدا، فما كان من سعادة السفيرالمعروف بروح النكتة والظرف الا أن علق على قسم الرجل بالطلاق قائلا: لو كنت أعرف أنك بتطلق كنت (مليت) العربية، ثم حكى قصة أخري مفادها أنه ذات ليلة خرج من أحد الفنادق راجلا، الى منزله فما كان من أحد السودانين ألا أن توقف وطلب منه الصعود الى سيارته لإيصاله الى وجهته، فقال له السفير: لا مشواري قريب بارك الله فيك ،فسأله الرجل الى أين أنت ذاهب؟ فقال له السفير: الى مقر السفارة ،فقال الزول السفارة مغلقة الان ولا أحد فيها ،الان أركب معي أوصلك بيتك ، وهذا الشخص يبدو أنه كان لا يعرف السفير ، لأن السفير يسكن فى منزل ملحق بالسفارة ،ثم حكي أيضا قصة أخري فى حفل تكريم رابطة ابناء دنقلا الكبري له، بفندق سنشري حيث قال : أنه عادة  قبل دخوله الى مكتبه يمر بالاستقبال، ويمازح الموظفين والمراجعين، فذات صباح، وجد احد المراجعين ،وقد أحتد فى نقاشه مع موظف الاستقبال ،فأراد أن يتدخل لحل الموضوع، فما كان من المراجع الا أن استشاط غضبا وقال للسفير : وأنت (الدخلك شنو) فى الموضوع؟ ولما قيل له أن الرجل هو سعادة السفير، بشحمه ولحمه ، أحمر وجهه خجلا، وبدأ بالإعتذار ، ثم قصة رابعة أيضا هو بطلها  ذهب ذات يوم الى مستشفي حمد العام، ليعود مريضة،سمع أنها ترقد هناك ، فسأل الممرضة عنها فقالت له : ما أسم المريضة ؟ قال : لا أعرف! فسألته ما مرضها؟ قال: لا أعرف ! فما كان من الممرضة الأسيوية، الا أن تقول له :إن كنت لا تعرف أسم المريضة ولا مرضها لماذا أتيت إذا ؟.
 كان سعادة السفير كثيرا ما يطلب من السودانيين أن يخبروه بأحوال السودانين جميعا فى قطر، بمناسباتهم وأتراحهم حتى يصلهم ، فما كان الرجل يتغيب عن تشييع ميت، أو إعادة مريض ،أو تهنئة  أسرة طالب نجح فى أمتحان، أو سوداني تزوج ،أو رزق بطفل ،كان يمشي بين كل السودانين، سمحا ،هاشا ،باشا ،كأنما كان فى ذهنه على الدوام حديث رسولنا الكريم (الدين المعاملة) ،وتبسمك فى وجه أخيك صدقة ،فى ليلة وداعه تجمع معظم الفنانون  حتى أن بعضهم من طول البرنامج لم يتمكن من الغناء، جاء  الموسيقار عبد اللطيف خضر (ود الحاوي ) وعزف مع مجموعة من الموسيقين الرائعة الوطنية  عازة فى هواك ،كان محمد السني دفع الله وعدد كبير من الممثلين موجودون  فى حفل التكريم ، النساء والأطفال كانوا حضورا أنيقا فى الحفل ، ، وفد قبيلة المسيرية برئاسة الاستاذ عبد الرسول النور كان حضورا، الكل كان حريصا على توديع الرجل بما يستحق .
 لقد بذل السفير أبراهيم  فقيري جهودا كبيرة، فى محادثات سلام دارفور، وقد جاء الرجل فى معية ثلة من الوزراء والمسئولين الذين رافقوا المشير عمر البشير رئيس الجمهورية فى طائرة التحدي التى حطت فى مطار الدوحة فى اعقاب صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيق الرئيس ،حتى أن الدكتور أمين حسن عمر وقادة الحركات الدارفورية الموجودة فى الدوحة ،جاءوا جميعا لوداع الرجل، وجلسوا سويا فى الصف الأول ، كان الرجل خلال عمله بالدوحة يستقبل الوفود الحكومية والمعارضة،وكان يجلس معهم الساعات الطوال، محاولا تقريب الشقة بين المتفاوضين،كنت تجده فى المطار مودعا ومستقبلا للوفود، ثم تجده فى المدرسة السودانية ، يذهب الى الشحانية للقاء رعاة الأبل من السودانين ،يذهب للشمال لتهنئة طالبه متفوقة،فالسفير المهندس الزراعي هندس علاقاته بكل أفراد الجالية حتى أحبوه وأجتمعوا على قلب رجل واحد فى ليلة حزينة بوداعة لكنه بروحه المرحة السمحة جعلها ليلة من ليالي السودانيين ، حينما طالبهم بأن يتحابوا فيما بينهم وأن يحبوا وطنهم،جاء الاستاذ عبد الباسط عبد الماجد  نائب رئيس مجلس الصداقة العالمية من الخرطوم عبر الكنانة لوداعه،شكر سعادة السفير الكل فى ليله تكريمه،ولم ينس أم محمد رفيقة دربه حينما خصها بحديث رقيق ،ونسب اليها  بعض الفضل فيما حققه من أنجازات ،وطلب منها الصعود الى المنصة ، فصعدت والحياء يكسو وجهها الوضيئ،فقال :انها  كانت تسانده دوما،وتقوم بأداء رسالتها تجاه الأولاد ،الذين تزوج منهم من تزوج ،ومنهم من هو فى مقعد الدراسة الجامعية،(للسفير 4 أبناء) كان سعادة السفير يحرص دوما أن يكون لكل السودانيين وليس لفئة منهم ،وقد نجح فى ذلك أيما نجاح  فاحبه الجميع ،وبمغادرته يكون أبناء الجالية قد فقدوا رجلا  كان سندا وظهيرا لهم ،لم يحسوا فى يوم من الأيام أنه كان دبلوماسيا رسميا ، بل كانوا يشعرون تجاهه أنه إنسان متواضع ، أب وأخ وصديق للكل ،وفى الحفل الذى أقمناه كأبناء لرابطة دنقلا الكبري لتكريمه ،  أعتذر الرجل بتقصيره تجاه الرابطة ،لكني أشهد له أنه لم يقصر أبدا تجاهنا ، شاركنا الكثير من الاحتفالات ،خاصة الافطار السنوي للرابطة ،فى رمضان ،كرمته أيضا فى حفل وداعه، جامعة أم درمان الاسلامية بمنحه درجة الدكتوراة الفخرية.
السفير ابراهيم عبد الله فقيري، فى عهده توثقت العلاقات بين السودان والشقيقة قطر وفى عهده أرتفع سقف الاستثمارات والتعاون الاقتصادي بين البلدين حتى جاوز  4 مليار دولار،وتمكن الرجل ايضا من اقناع بنك قطر الوطني بفتح فروع له فى مدن سودانية، وسوف يقوم البنك قريبا بتمويل أعادة تأهيل و صيانة مصنع كريمة للخضر، والفاكهة ،كما سيفتتح البنك قريبا فرعا له فى عاصمة الولاية الشمالية دنقلا،وربما سيتم انتداب سعادته من وزارة  الخارجية ، لتولي عمل له علاقة بالاستثمار فى الولاية الشمالية، وقد يعمل أيضا فى مجلس الصداقة العالمية ونحن اذ نودعه ،ونودع الأخت سوسن محمد صالح،الوزير المفوض التى سوف تنتقل الى سفارتنا فى الكويت، نتمني لهما ،ولبقية افراد السفارة المغادرين، الى أرض الوطن، التوفيق والسداد، فيما هم مقبلون عليه ، وقد علمنا أن الوزير المفوض، السيد  أحمد ابراهيم جردة، الذى كان قد صدر قرار أيضا بنقله من السفارة ،لانتهاء فترة عمله فى الدوحة، قد جدد له لعام اخر نتمني التوفيق فيه بالسفارة . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7188
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 06 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20