• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رأس الفجل الصالح .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

رأس الفجل الصالح

 في النهاية لايمكننا إتهام الفجل بالفساد فهو على أية حال نبات من صنع الطبيعة تجود به المشيئة على ساكني الأرض من الجياع والمشتهين للتغيير، وعلى الأقل فإن الفجل يرفع من القدرة الجنسية للرجل، لكني لاأعرف ماذا يرفع لدى المرأة.

من سنوات وكنت في إيطاليا، وكنا في ضاحية منها نعيش في منتجع لأيام ومعي صحب وصاحبات، وكان سيد البيت الإيطالي وزوجته وإبنة له يخدموننا ويقدمون النبيذ والطعام والأكلات الشرقية والغربية، وكانوا يضعون رؤوس الفجل الإيطالي مع كل مأدبة يقيمونها لنا، وبينما كان الصحب والصاحبات يأكلون ويحتسون النبيذ الأحمر كنت أنظر الى رأس الفجل الأحمر، وكنت متعادلا معهم فهم يحتسون الأحمر، وأنا آكل الأحمر، وكانت الكفة متوازنة، لكنني فكرت في أن صاحب المنزل يريد رفع معنوياتنا ويحفزنا جنسيا خاصة وإن رفقتنا كن من الجميلات للغاية. الفجل الإيطالي لذيذ وخاصة الأحمر منه.

كان لي صديق حكى لي يوما، إنه عاد وصديق له من مهمة عمل، ومرا بسوق للخضار فوجدا الفاكهة والأطعمة الطازجة والخضر بأنواعها، ولفت إنتباههما عدد من رؤوس الفجل البيضاء، كانت مختلفة، ونحن في العراق نعاني من صغر حجم رأس الفجل ويكثر عندنا الأبيض منه، بينما لايوجد الأحمر منه كما نرغب، المختلف عند صديقي إن رأس الفجل الواحد كان كبيرا للغاية ويصعب تناوله وقضمه دون تقطيع، لكنه فوجئ بالحجم ووجدها فرصة أن يشتري عددا منها للتباهي ولتقديمها على المائدة مع بقية الطعام، وصاحبي يرى إن الفجل الأحمر مقو للجنس ومثير للأعصاب وبإمكان الرأس الواحد أن يزيد من طاقة الحواس ويرفع من ضغط الدم الى درجة ملائمة للتحرك نحو الأهداف الحيوية المخفية وراء ستار!

كان الرجل الذي إستوقفني في شارع مظلم وقد بدا عليه الضجر منزعجا للغاية من الوضع في العراق، ويرى إنه يسير بسرعة الى الهاوية، وفي الطريق حكى لي كيف يمكن أن يتحول الإنسان التافه في العراق الى ملياردير بين ليلة وضحاها، منوها الى وجود العديد ممن دخلوا تحت عباءات السياسيين الرجالية وحصلوا على مكاسب مخيفة فصار الواحد يشتري السيارة الحديثة لزوجته، أو لإبنته وولده بعشرات الآلاف من الدولارات، بينما يشتري البيت بمليارين أو ثلاثة مليارات من الدنانير، ويستغرب إن هولاء كانوا جياعا وعراة وصايعين فكيف توفر لهم ذلك؟ قلت له، ياسيدي لاتنزعج هذه حال الدنيا وعندما يجد الثعلب الفرصة فإنه لن يتجاهل قن الدجاج. وشرحت له كيف كان أحدهم لايستطيع شراء رأس فجل من شدة الفقر، بينما هو اليوم بدرجات وظيفية عالية يسرق من خلالها أموال الفقراء ويتنعم بها، وإنما يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72431
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29