• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكراسي العربية وصناعة الأعداء!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الكراسي العربية وصناعة الأعداء!!

 من العجائب التي يصعب فهمها وتفسيرها , أن كراسي الحكم العربية تجيد صناعة الأعداء , وتوريط نفسها في مختنقات ومنزلقات تفضي إلى تداعيات مأساوية قاسية.

 
فمنذ تأسيس الدول العربية في القرن العشرين , والكراسي منهمكة بالإستعداء , وما تعلمت مهارات صناعة الأصدقاء , ولهذا فأنها في عداوات متواصلة ومتنامية مع بعضها البعض ومع جيرانها , بل ونفسها وشعبها.
 
ولا يوجد كرسي حكم أيا كان نوعه - إلا فيما ندر - يتحلى بالحكمة والحنكة والحُلم وبُعد النظر , وإنما هي العنتريات والقبليات وروح الجاهلية الأولى , لا غير , فالعرب في وضع مأزوم يحتاجون فيه لقيادات مُبصرة تطفئ النيران , وتنقي القلوب , وتعيد اللحمة العربية , وتساهم بسبك الوجود العربي في بودقة حضارية معاصرة , لها مردوداتها الإيجابية الصائبة.
لا لمَن يؤجج الواقع , ويُشعل نيران التعادي والكراهية وتعميق الشروخ والخنادق ,  بين أبناء الأمة الواحدة والدين الواحد , فليس من الحكمة في هذا الظرف أن تصبّ بعض الكراسي الزيت على النيران , لغياب التقدير الموضوعي والعقل السياسي القيادي الراجح , أو لغاية خفية مرسومة.
 
فما قيمة الإقدام على إتخاذ قرار تداعياته السلبية عاصفة , وفتاكة ومروعة ومؤججة لنيران الويلات والصراعات , بينما أفضل وأسهل وأكثر ربحية أن لا يُتخذ القرار ,  ويتم التفاعل مع الموقف والبناء عليه بروح إيجابية ذات مردودات طيبة , تؤلّف ما بين القلوب , وتساهم بإيقاد شموع المحبة والأخوة الإسلامية الإنسانية.
 
إنها لعجيبة خارجة عن مدارات العصر , ولا مكان لها في فضاءات العقول البشرية , وكأنها حالة وهمية تصورية منغرسة في دياجير اللاوعي , ومنكبسة في أودية النفوس الأمّارة بما لا يخطر على بال العقلاء المتفاعلين مع مفردات الزمان والمكان , والمستوعبين لمعادلات الصيرورات بأحداثها المتواصلة المتصاخبة.
 
وجوهر العجائب العربية إنتفاء قيمة الإنسان والأوطان , وتسيّد فئة أو عائلة أو حزب على المقدرات والثروات , وإحتكارها لتقرير مصير البشر المرهون بإرادتها , فويل لمن لا يطيع ويتبع ويقبع , فقد تم تسخير كل ما يمكن تفعيله لتأمين الخنوع للكرسي المطلق , ويمكنك أن تكون في خبر كانَ لو نطقت بما يعارض رغباته , ومرتكزات هيمنته وتأسّده في جميع الأركان.
 
وإيّاك أن تعترض أو تكون صاحب رأي ,  فالنطع من حولك , والسيّاف بجنبك ينتظر إشارته , فالسيف سبّاق العَذل , في مجتمعاتٍ خير ما فيها اشتعلْ!!
فهل بدأت شرارة حرب جديدة؟!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=72495
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29