• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : " لستُ شيعيّاً " " إثارةٌ في رحاب الإنصاف والموضوعيّة " .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

" لستُ شيعيّاً " " إثارةٌ في رحاب الإنصاف والموضوعيّة "

هبني لستُ شيعيّاً .. مسلماً .. موحّداً ، في شغلٍ أنا عن المذاهب الفكريّة والدينيّة والسياسيّة وسائرالنظائر البشريّة .. بل افترضني إلحاديّاً يرى الأشياء كما يراها أقرانه وأمثاله  .. أو إنساناً همّه حاجته ودوام  أيّامه  .. لكنّي بجوارحي وجوانحي أعمل وأعقل ، يصاحبني التساؤل كظلّي : من أين أنا ، في أين ، إلى أين ..

خلال سنيّ حياتي المفيدة تساءلتُ في مضامير شتّى ومحاور كثرى كي أفهم وأعلم حتى أنهج الطريق السويّ والصراط القوي .. وممّا سمعته وقرأته في سلسلة الإجابة عن  تساؤلاتي التي لاتنتهي : أنّ مذهب التشيّع مذهبٌ هامشيٌّ منحرفٌ ضالٌّ غنوصي ...

لاأدري لماذا ، لاأدري لِمَ توقّفتُ وتأمّلتُ طويلاً في الجواب الصادر ، ولاسيّما حين  وجدتُ أنّ التساؤل المعهود ماعاد مجرّد تساؤل عابر ؛ إذ بدأ يحفر في صفحات أفكاري أخاديد أوسع ويشيد في أعماقي ركائز أرفع ويوقظ في ضميري خلايا قد نوّمها الإفيون التنافسيّ الأهوج.

فمَن ذا التشيّع ياتُرى ؟ هذا الزاحف عبر اللغة والتأريخ والفكر بكلّ هدوءٍ واطمئنان ووثوق ..
من هم اُولاء الشيعة الذين كانوا مدى " التأريخ والتفكير والتثقيف السنّي المؤثّر كثيراً في العقل الغربي وغيره "رافضين معارضين معزولين محارَبين ..  وإذا بهم كيانٌ شامخٌ ومدرسةٌ نضِرَة وثقافةٌ غامرة وأفكارٌ عامرة ورؤىً آسرة ونتاجاتٌ سابرة وأقطابٌ وعلماء وفقهاء ونخب خلّفت روائع الآثار الفائقة  ...؟
من هم اُولاء الشيعة وإذا بهم يصدحون بها عالياً : نحن الإسلام الحقّ.. نحن الإسلام الذي يعتمد المعايير والمبادىء والأخلاق والاُصول والأحكام الأصيلة المنبثقة من ذات الدين واُسّ الرسالة الشريفة .. بل مافتئوا يبرهنون ويثبتون صدورها من لدن القرآن الكريم وسنّة النبيّ الأمين والأئمّة الإثني عشر : عليّ بن أبي طالب صاحب دراية الغدير الشهيرة وأبنائه من فاطمة بضعة المرسَل بالشريعة الكاملة والرسالة الخاتمة .. غير مهملين دور العقل المشروط ونفوذه في الحسم والتعيين المشهود .

نعم ، بالحفر والقراءة والمراجعة والبحث والمقارنة والاستقراء والتحليل والاستنتاج، بالحياد والإنصاف والتثبّت والتأنّي ، وجدتهم ذوي خزين علميٍّ معرفيٍّ لايستهان به أبدا ، وبناء ملموس محسوس لاغبار ولالبس فيه مطلقا ..

 كان لي عليهم كثير ملاحظات وإشكالات وانتقادات ، ارتفع معظمها عبر الحوار العلميّ البنّاء والنقاش المعرفيّ الجاد . أمّا المغرّدون خارج السرب فهم موجودون في كلّ مكان وزمان وكيان .

نعم ، وجدت التشيّع نابضاً بالحركة والحياة ؛ فهم سعداء بماضيهم المثير ؛ حيث منه :

إنّهم يعرفون- وقد غابت أو غيّبنا هذه المعرفة عنّا - محمّداً بنصّ المنزلة والمعرفة وغدير السماء وعليّاً أبا تراب بوصاية النبيّ المختار وفاطمة بذاك احتجاجها المدرار والحسن بصلحه الأخّاذ  والحسين بدمه المعطاء والسجّاد بصحيفته الغرّاء والباقر بعلومه الشمّاء والصادق بمدرسته الغنّاء والكاظم بأناته العلياء والرضا بمعارفه  السنّاء والتقيّ بنبوغه معجزة السماء  والنقي بمجاهداته البيضاء والعسكري بحفظه أمانة الاُمناء ..
كما هم سعداء بغدٍ مشرقٍ ، بنهاية للتاريخ - الكلّ متّفقون على اُصولها مختلفون في تفاصيلها - بانتظارٍ مذهلٍ ينهي مطافه ظهورُ مهديٍّ من آل محمّدٍ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجورا ..
 
آنئذن وبعد الذي مرّ رغم خاطفيّته ، فهل للهامشيّة  والضلالة والانحراف والغنوصيّة محلٌّ في هذا التشيّع ؟!
 
وهل للجنون والخرافة والبدع محلٌّ في ثوابت شعائرهم واُصول طقوسهم إثر العرض الآنف الذكر ؟
ثم للمثال : بمَ تفسّر  زحفهم المليونيّ الرهيب صوب الحسين الشهيد في أربعينه الشهير ؟ لمّا نعلم أنّهم - كما قال هذا وذاك - يطيرون في حاضرهم بجناحين ، جناحي الماضي والمستقبل المشار إلى بعض مصاديقهما أعلاه ؟!
إنّ هذه المواقف والأحداث وهذه العقائد والرؤى والثقافة والأخلاق والآثار هي عنصر وقودهم وسرّ ديمومة حضورهم وجوهر وجودهم رغم كلّ الآلام والمعاناة والإحن  والأضغان ، رغم محاولات الترويع والترهيب والنفي والتحريف التي طالتهم ولازالت تطولهم على غايةٍ من الظلم والقسوة والإيلام .. لكنّهم تعاملوا معها بالحوار الرصين والاستدلال المتين ، فرشح منهم ميدانيّاً عبر رموزهم وكبار مراجعهم أرقى معانيّ الحبّ والوئام  ونبذ العنف وترسيخ أركان الأمن والسلام واحترام كرامة الإنسان وسعيه إلى العيش براحةٍ واطمئنان .

إنّها مجرّد إثارة تستدعي التأمّل وربما جدولة الأفكار من جديد لأجل إيجاد فضاءٍ سليم تحلّق به الألباب العاقلة بمنأى عن المانع وبمقربةٍ من المقتضي ، بالاستناد إلى الدليل والشاهد والبرهان دون استباق  النتائج ؛ كي لا نخسر المحتوى ولانتخبّط في ضبط العنوان .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73114
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19