منذ اول اختبار للبشر في أبينا آدم الى يومنا هذا ونحن نرى الناس في قسمين لا ثالث لهما بالنسبة للاختبارات والابتلاءات ، فقسم ينجح في الاختبار وقسم يفشل .
وبما ان الفشل والنجاح له أسبابه ومقوماته فلا نستغرب من حدوثه كثيرا ، لكن الغريب في التحدي على تخطي الاختبارات بشكل طبيعي ، بينما يكون الشخص غير مستعد إطلاقا لهذا الاختبار ، او انه غير متأكد من قوة استعداده . فهنا يقع هو في مكان ليس له ، مما يجعل المستعد جيدا يتهاون في استعداده لوجود من ينوب عنه في حالة إخفاقه ، ويعطي انتكاسة لبقية الناس في فشله أمام ابسط اختبار مما يعكس بالسوء الأمر على الكثير من الناس .
واعتقد انكم لم تنسوا كلام المرجعية عندما قالت (ولات حين مندم) ، والتي كانت بمثابة إعطاء (جدحة) للناس في ما تأول اليه الامور لاحقا، والتهيئة والاستعداد لأخطر الأمور المستقبلية ، فمعركة داعش قد تكون قليلة فيما يحدث في المستقبل ، الا ان المعركة الأهم في هذه المرحلة هي مواجهتها والتصدي لها .
وبعد (ولات حين مندم) واجهتنا مقولة قد تكون اخطر منها واصعب تطبيقا لكثير من الناس وهي (الحكم الرشيد) ، وشاهدنا ما مدى شغف الناس وقبولهم لهذه المرحلة الخطيرة التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر والتي فيها خلاصهم وانتهاء معاناتهم ، مع العلم انها قد تضر مصالحهم ومكاسبهم ، الا ان الأغلبية الذين يطرح عليهم هذا الامر فيبدي استعداده الكامل وتأييده المطلق للحكم الرشيد إن حصل .
ولا أخفيكم اني كنت أتساءل كثيرا في كيفية اطلاق المرجعية للـ(الحكم الرشيد) ، فهل يكون للشعب دور كبير في تحقيقه ؟ ام ان الامر يكون مقسما بينها وبين الشعب ؟ ام الامر مناط كله بالمرجعية ؟ وان كان الامل في تحقيق الحكم الرشيد هو في الشعب ، فهل المرجعية ترى استجابة في تحقيقه كما حصل في مسألة الفتوى ؟
الى الان لم يتضح الامر لي بشكل واضح (وهو لا يحتاج الى إلحاح فيه كثيرا ،فلننتظر ونرى ماذا يحصل )، وان قال البعض سيكون الامر كما في فتوى الجهاد ، فلا اعتقد ذلك ، لان الامر الان منوط بالمصالح الشخصية للناس ، وفي مناصبهم وامتيازاتهم ، ومقراتهم وبقاعاتهم و بولائاتهم و انتمائاتهم الحزبية ايضا ، فهل تطبق الناس ما تريده المرجعية من الحكم الرشيد بكل سهوله او بصعوبة قليلة ..؟
لا استطيع الحكم بشكل قاطع وكما قلت ننتظر ونرى ، ولكن شاهدنا مثالا بسيطا قد يعطينا عن ما سنواجهه في المستقبل بنماذج من الناس كيف تتراجع بلمح البصر عن قراراتها ، وكيف تتخلى عن كل العهود والمواثيق التي أعطتها للمرجعية في إنها معها في الأيام الشداد المقبلة ، والقبول بكل المخاطر التي تترتب على هذه القرارات .
للأسف شاهدنا خلال يومين لم يكتملا اصلا في التعرض على قرار صدر من المرجعية يختص في اموال بعض الشباب وبلعبتهم المفضلة ! ، وكيف صار الاستهزاء والاستنكار على الفتوى عنوان الاعتراض وعدم القبول بها ، هذا الاعتراض لان فيه خسران لبعض الأموال التي حصلوا عليها من خلال (لــعــبــة)! .
لعبة لا واقع ولا فائدة لشبابنا فيها من الذين يبحثون عن الإصلاح وعن الاستقرار المادي والامني .
لعبة همها الوحيد إضاعة الوقت بشكل جنوني وغير موصوف ، لعبة يكون فيها الانسان كما هي حال الحيوانات (البقاء للاقوى) .
لعبة يتعلم فيها الانسان كيفية الهجوم وعدم الرحمة والعنف على الآخرين ومع هذا تحصل على الأموال !؟
المرجعية اليوم قامت بالتحريم ام لم تقم به ليس هذا صلب موضوعي ، بل كيفية ردة فعل المعترضين وكيفية نشرهم لاعتراضهم ، هم نفسهم والكثير منهم طالبوا المرجعية باصدار فتوى على الفاسدين (مع ان الفاسد وعدم اتباعه ومحاربته بالقانون امر لا يحتاج الى فتوى ، لكن قصر تفكيرهم ياخذهم الى هذا الكلام ) وتعاهدوا معها في محاربة السياسيين الفاشلين وطالبوا المرجعية في المطالبة بمحاكمة الفاسدين والخائنين ، فأين صولاتكم وبطولاتكم في مواجهة الفساد وانتم لم تصمدوا امام الامتناع عن لــــعـــبــة !؟
فكيف بكم اذا دعاكم الى التخلي عن قياداتكم الحزبية ؟
كيف يكون ردكم ان فسق كبار احزابكم الذين تنتمون اليها ؟!
كيف اذا طالبت المرجعية من الشباب الاستقلالية وعدم الانخراط في الاحزاب ؟
كيف بكم ان أفتت المرجعية بحرمة التعيين عن طريق الأحزاب ؟
كيف بكم اذا قالت المرجعية ان هذا الحزب يحرم الانتماء إليه ؟
كيف بكم ان قالت المرجعية يجب على كل موضف إعطاء نصف راتبه للعلماء او للجيش او المتطوعين ؟
ماذا ستكون ردت فعلكم ان افتت المرجعية بحرمة القتال في غير العراق ؟
ماذا سيكون قولكم ؟ وماذا ستحكمون عليها في هذه الامور وفي غيرها ؟
لا تقولوا السمع والطاعه ، عذرا فثقتنا في هذه الكلمات لم تأخذ كامل فعاليتها وما زالت غير مستقرة ، والدليل (لـعـبـة كـلاش) بعد هذه الحادثة لزاما علينا مراجعة حساباتنا بشكل دقيق وكبير في مدى استعدادنا للحكم الرشيد ، ولحكم المهدي من آل محمد (عليه السلام) في النهاية ، ولنتذكر هذا الكلمات التي تجعل الانسان في خانتين لا اكثر والذي يوصي اهل البيت والفقهاء بالاختيار بشكل صحيح ودقيق :
(ولات حين مندم) تعني : ان اخفقت فلا وجود لفرصة ثانية .
(الحكم الرشيد) عندما يحل لا وجود للوقوف على التل .
(ظهور الإمام الحجة) يعني اما من أنصاره وأعوانه ، واما من أعدائه ومحاربيه ، واعرف من هم الذين يقاتلوه في ذلك الوقت .
ولنتذكر مضمون هذا الحديث ونتأمل فيه دائما وهو (يصبح الانسان مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ) ..!؟ |