• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : المعترضون على تذهيب قبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
                          • الكاتب : صالح الطائي .

المعترضون على تذهيب قبة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

بعد أن تحدث المسؤولون عن العتبة العلوية المشرفة عن كمية الذهب المستخدم في تذهيب القبة والمنائر وعن مصدره، ارتفعت الأصوات النشاز لتدين هذا العمل مدعية أن فقراء المسلمين أولى بهذا المال من المنائر وأن الوضع الاقتصادي للبلد لا يسمح بمثل هذا التبذير، وان توزيع تلك الأموال على المحتاجين أكثر نفعا من تذهيب القبة وغيرها من الأقوال التي يراد بها نصرة الشيطان وتوهين العقيدة، وتهييج الناس وحثهم على الاعتراض أو التضجر والامتعاض، ولهؤلاء وغيرهم ولكل المتصيدين في المياه الآسنة، أقول:

لقد سكت عن مثل هذا الأمر من هو أفضل منكم، فلماذا الضوضاء والضجيج والزعيق؟ إن كنتم جهلاء بالموروث، فخذوا الحكمة من تاريخكم الذي تدعون أنكم تدافعون عنه، وإن كنتم تتقصدون الإساءة، فالإساءة تعود عليكم وتفضح جهلكم، وإليكم الدليل:

من المعروف تاريخيا أن الكعبة المشرفة لم تخل من وجود الحلي فيها، وكان (تبع) أول من كسا الكعبة كسوة كاملة، وجعل لها بابا يغلق، وأن عبد المطلب بن هاشم صنع لها باباً من حديد وحلاّه بالذهب، وقد كان بذلك أول من حلىّ الكعبة بالذهب. وتم تغيير الباب مرات عدة إلى عام 1405 حيث غير، وجعل فيه من الحلية الفضية ما زنته 166 رطلاً ، وطلي بالذهب البندقي بما قيمته ألف دينار، وكان ذلك زمن السلطان العثماني مراد الرابع. وصنع بابا ثانيا في عهد الملك عبد العزيز آل سعود عام 1363هـ ، أما الثالث فصنعه الملك خالد بن عبد العزيز من الذهب حيث بلغ مقدار الذهب المستخدم للبابين حوالي 280 كيلو جرام عيار 99.99 بتكلفة إجمالية بلغت 13 مليونا و420 ألف ريال عدا كمية الذهب.

ومن المعروف تاريخيا أن حلية الكعبة أثارت جدلا  مثل جدلكم العقيم الذي أثرتموه اليوم عن مرقد وليد الكعبة علي بن أبي طالب (ع)، وقد جاء في الصحاح وغيرها(1)

 

- أخرج البخاري في صحيحه، باب "كسوة الكعبة": حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا سفيان، حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل، قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه، فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلت: إن صاحبيك لم يفعلا. قال : هما المرآن أقتدي بهما(2). 

 

- ذكر عند عمر بن الخطاب(رض) في أيامه حلي الكعبة وكثرته، فقال قوم: لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر، وما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهم عمر بذلك، وسأل عنه عليا(ع)، فقال ؟ إن هذا القرآن أنزل على محمد (ص) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض .

والفيء فقسمه على مستحقيه. 

والخمس فوضعه الله حيث وضعه. 

والصدقات فجعلها الله حيث جعلها. 

وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله، ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عنه مكانا، فأقره حيث أقره الله ورسوله.

فقال له عمر: لولاك لافتضحنا. وترك الحلي بحاله.

- عن شقيق عن شيبة بن عثمان قال: قعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقعدك الذي أنت فيه فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة - بين فقراء المسلمين - قال قلت: ما أنت بفاعل. قال: بلى لأفعلن. قال، قلت: ما أنت بفاعل. قال: لم؟ قلت: لأن رسول الله (ص) قد رأى مكانه وأبو بكر (رض) وهما أحوج منك إلى المال فلم يخرجاه. فقام فخرج.

وفي لفظ آخر: قال شقيق: جلست إلى شيبة بن عثمان في المسجد الحرام، فقال لي: جلس إلي عمر بن الخطاب (رض) مجلسك هذا، فقال: لقد هممت أن لا أترك فيها - أي في الكعبة - صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها. قال شيبة، فقلت: إنه كان لك صاحبان فلم يفعلاه: رسول الله (ص) وأبو بكر (رض). فقال عمر: هما المرءان أقتدي بهما .

- عن الحسين: إن عمر بن الخطاب(رض)، قال: لقد هممت أن لا أدع في الكعبة صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها، فقال له أبي بن كعب: والله ما ذاك لك. فقال عمر: لم؟

قال: إن الله قد بين موضع كل مال، وأقره رسول الله (ص) فقال عمر: صدقت.

وفي طريق آخر لهذه الرواية، عن الحسين، قال: "إن عمر أراد أن يأخذ كنز الكعبة فينفقه في سبيل الله، فقال له أبي بن كعب: قد سبقك صاحباك، فلو كان فضلا لفعلاه" وفي رواية عبد الرزاق: "فقال له أبي بن كعب: والله ما ذاك لك. قال: ولم؟ قال: أقره رسول الله (ص)".

قال ابن بطال : أراد عمر لكثرته إنفاقه في منافع المسلمين ، ثم لما ذكر بأن النبي (ص) لم يتعرض له أمسك، وفي ذلك تعظيم الإسلام وترهيب العدو .

وقال القرطبي: غلط من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة، وإنما أراد الكنز الذي بها، وهو ما كان يهدى إليها، فيدخر ما يزيد عن الحاجة. وأما الحلي فمحبسه عليها كالقناديل، فلا يجوز صرفها في غيرها.

وقال ابن الجوزي: كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال تعظيما لها، فيجتمع فيها.

إن المال الذي أنفق على شراء الذهب لم يؤخذ من خزينة الدولة ولم يؤثر على ميزانية البلاد ولم يستقطع من حق الفقراء أو الحشد الشعبي، فحقوق كل تلك الجهات مضمونة مكفولة، والعتبة العلوية مثل العتبات الأخرى تنفق على هذه الجهات أكثر مما تنفقه الدولة والحكومة ولاسيما الإنفاق على الفقراء والمعوزين والمرضى وعلى الحشد الشعبي المبارك.

فهل يكفي هذا لتذكيركم بأن تذهيب قبة الإمام علي بن أبي طالب(ع) فيه تعظيم للإسلام وترهيب للعدو، أم تريدون أن نسوق مئات الأدلة الأخرى للرد عليكم وبالدليل القاطع.!

الهوامش

(1) ينظر:  صحيح البخاري ج3/ ص 81، في كتاب الحج باب كسوة الكعبة، وفي الاعتصام أيضا، وأخبار مكة للأزرقي، وسنن أبي داود ج1/ ص 317، وسنن ابن ماجة ج2/ص 269، وسنن البيهقي ج5/ص 159، وفتوح البلدان للبلاذري ص 55، نهج البلاغة ج2/ ص 201، والرياض النضرة ج2/ ص 20، وفتح الباري لابن حجر، ج3/ ص 358، كنز العمال للمتقي الهندي، ج7/ ص 145 .

(2) الحديث 1594- 7275.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73270
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28