يستعد رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني لإجراء أول استفتاء من نوعه يتعلق بتقرير مصير الشعب الكردي في شمال العراق وهو مصر على ذلك ولن يتراجع بحسب آخر التصريحات التي بدرت منه وأقطاب من حزبه وسياسيين موالين له وهو بذلك يؤكد الرغبة بالإنفصال عن العراق والخروج بقرار لا يرغب به المجتمع الدولي في خضم التطورات الميدانية المتسارعة في المنطقة خاصة في سوريا والعراق حيث القتال على أشده بين فصائل معارضة وقوات والجيش السوري ومن يدعمه وكذلك ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي يستفحل خطره على المنطقة والعالم ويحتاج الى مواجهة عنيفة وجدية وغير متراخية كالتي تعودناها من واشنطن وحلفائها وما ثبت إنه نوع من التواطؤ مع التنظيم من تركيا ومن حكومة كردستان التي وجدت نفسها في مواجهة حقيقية مع داعش الذي هدد أربيل وكركوك ومناطق كردية قريبة من الموصل .
مسعود برزاني يلوح بالإنفصال بعدما أخذ ما أراد فهو لعب بجدية وشطارة منقطعة النظير على وقع الخلافات المحتدمة في المركز بين العرب السنة والشيعة وكان يؤجج نار الخلاف من حين لآخر وتراه ساعة مع السنة وأخرى مع الشيعة ثم هو يضع العراقيل في وجه أي نشاط للحكومة العراقية المركزية ويطالب بالمزيد من الأموال من الميزانية العامة ولم يعد يكتفي بنسبة 17% التي أقرتها بغداد وتمكن من فرض نفوذه وهيمنته وسيطرته على كركوك وحقول النفط فيها وصار يصدر بالتعاون مع تركيا وداعش كميات هائلة من النفط العراقي دون قدرة للحكومة العراقية على منع ذلك فصار يحصل على مبالغ ضخمة من الميزانية إضافة الى ما يصدره من كميات كبيرة من حقول كركوك التي أصبحت تحت سيطرته منذ حزيران من عام 2014 وحتى اليوم وهو لا يريد التفكير بترك ما حصل عليه تحت أي ضغط كان ومهما كان نوعه .
عندما دخل تنظيم داعش الى الموصل تقدمت قوات البيشمركة الى مناطق متنازع عليها ولم يحسم أمرها بحسب الدستور العراقي فتمكنت البيشمركة من إحكام سيطرتها على مناطق بعشيقة وسنجار وسهل نينوى ومناطق قرب سد الموصل واعتبرتها جزءا من السيادة الكردية بينما تمكنت من قتال داعش في مناطق ديالى جهة شمال المحافظة وشمالها الشرقي وأحكمت السيطرة على خانقين التي هي جزء من الإقليم وإندفعت الى مناطق عربية بمحاذاتها وسيطرت على جلولاء ومناطق من السعدية ومناطق قريبة من المقدادية وتطمح للتقدم بإتجاه مندلي التي تجري الأمور فيها حاليا لصالح الكرد ويتم إغراء العرب لمغادرتها بغية ضمها لاحقا الى الإقليم ، ولعل قرار حفر خندق يمتد من شرق العراق الى شماله الغربي جهة الموصل بمحاذاة المناطق المسيطر عليها فعليا من الأكراد يمثل نوعا من استراتيجية تأكيد الإنفصال الواقعي عن العراق دون الحاجة الى إنتظار قرارات فلا أحد يجرؤ على النظر الى إقليم كردستان على إنه جزء من العراق وفي حقيقته هو منفصل ومحكوم من وزارات ومؤسسات سياسية وأمنية كردية خالصة ولا يسمح بدخول بقية العراقيين إلا كما يسمح للأجنبي من أي بلد في العالم .
مسعود برزاني يحضر لمؤامرة كبرى وخطيرة بالتعاون مع دول الخليج المتصهينة وإسرائيل التي تبحث عن الفرص لتدمير البلاد العربية المحيطة بها وتمزيقها وفي مقدمتها العراق وهو جاد في مساعيه وسيفعل كل ما يرغب فيه لأنه متيقن من عجز بغداد وخواء السياسيين العراقيين .
firashamdani57@yahoo.com