• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عبثية الترحم على عهد صدام! .
                          • الكاتب : د . عبد الخالق حسين .

عبثية الترحم على عهد صدام!

بعث لي أحد الأخوة القراء مقالاً للكاتب والصحفي الفلسطيني السيد عبدالباري عطوان، يتشمت فيه بما يواجه العراق الجديد من مشاكل أمنية ومالية وغيرها، مبرراً لصدام حسين بناء قصوره الباهظة التكاليف خلال سنوات الحصار الاقتصادي، مدعياً أن هذه القصور خدمت العراق الجديد الذي يعاني الآن من العجز المالي، وأن "الحكومة العراقية يمكنها الحصول على 150 مليار دولار من بيع هذه العقارات والقصور". وفي رأييه أن تشييد هذه القصور في زمن الحصار كان مبرراً وخدم العراق.(1)
وراح عطوان إلى أبعد من ذلك، حيث شبَّه قصور صدام بالأهرامات  المصرية التي بناها الفراعنة كقبور لهم، ولكن الآن المستفيد منها هو الشعب المصري حيث تجلب له ملايين السياح سنوياً لدعم الاقتصادي المصري.
نحن لا نعارض عبدالباري عطوان على كل ما يكتبه، فموقفنا منه يعتمد على موقفه من مختلف القضايا، قد نتفق معه في قضايا ونعارضه في غيرها. نتفق معه مثلاً في مواقفه من الأنظمة الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، التي تدعم الإرهاب وتنشر الخراب في البلدان العربية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، ولكننا نعارضه على موقفه من حكم البعث الصدامي حيث كان مؤيداً له ومازال مدافعاً عنه، غير مبال بما جلب هذا النظام الدموي من كوارث على الشعب العراقي، وشعوب المنطقة، بما فيها الشعب الفلسطيني. فحكم البعث الصدامي هو حكم فاشي جائر معادي للإنسانية، قضى على كل ما بنته الأجيال العراقية منذ نهضته الحديثة أوائل القرن الماضي وحتى الآن، وبدد كل ثروات البلاد على حروبه العبثية وسياساته الطائشة، وشرد نحو خمسة ملايين من شعبه، ولولا سقوطه عام 2003 لكان أعداد المشردين في الشتات مضاعفاً. لذلك، فمن يترحم على صدام ونظامه بسبب المشاكل التي يواجهها العراق الجديد هو إما جاهل أو ساذج بسيط ضعيف الذاكرة، أو متعمد في التضليل، لأنه كان من المستفيدين من النظام الجائر.

فالسيد عبد الباري عطوان يقوم بدور وعاظ السلاطين الذين كانوا يجمِّلون للطغاة جورهم وطغيانهم، ويوجدون التبريرات لمظالمهم، تماماً كما كان رجال الدين في العهد العثماني الذين كانوا يبررون للسلطان قتل أخوته، مبررين ذلك بتجنب الفتنة في الصراع على السلطة، يدعمون فتاواهم بآيات من الكتاب المقدس والسنة النبوية. فعطوان يبرر بناء 60  قصر لصدام حسين في زمن الحصار بأنه كان لغرض إيجاد فرص العمل للعاطلين. والسؤال هنا، ما قيمة فرص العمل حينذاك عندما كان راتب الأستاذ الجامعي يعادل نحو 3 دولارات في الشهر، فكيف براتب العامل والمهندس؟ وقد أضطر الناس إلى بيع أثاثهم وحتى أبواب وشبابيك بيوتهم لتوفير لقمة العيش لأطفالهم.

أما تشبيه قصور صدام بالإهرامات ، فهو الآخر مضلل، فلو تقرأ كتب التاريخ، تجد أن هذه الإهرامات وأمثالها من الصروح التاريخية العظيمة التي شيدها الطغاة من الفراعنة وأباطرة الرومان، والتي تشير إلى أمجادهم، فهي في الحقيقة رموز للعبودية والظلم والجور، وتشير إلى طغيانهم وظلمهم للمعدمين، إذ كان الطغاة يستعبدون الناس وخاصة أسرى الحروب، يرغمونهم على العمل المجاني (سخرة slave labour)، يلهبون ظهورهم بالسياط حد الموت في حالة التقصير في العمل، إذ كانوا يعتبرون العبيد كمكائن حية (Living machines) لخدمتهم. وصدام كان يعامل الشعب العراقي كعبيد، متمادياً في إذلالهم، يطبق عليهم مقولة أحد الأعراب: (جوِّع كلبك يركض وراك). إذ لم يكن قصد صدام  من بناء قصوره إيجاد أعمال للعاطلين، كما يدعي عطوان، ولا أن تكون قصوره للشعب ليستفيد منها خصومه فيما بعد، كما لم يكن قصد الفراعنة من بناء الإهرامات خدمة الشعب المصري في المستقبل لتجذب لهم السياح ، بل بنوها كمقابر لهم، ويدفنون معهم خدمهم وحشمهم وهم أحياء ليقوموا بخدمتهم في القبور!!. أما الاستفادة من هذه الصروح فيما بعد، فهي (نتائج غير مقصودة) في التاريخ، ولا يمكن أن تكون مبرراً للظلم.
فمن مقتنيات صدام في زمن الحصار والمجاعة، أنه اشترى يختاً خاصاً له كلف خزينة الدولة نحو 150 مليون دولار. وشاءت الأقدار أن لا يرى صدام هذا اليخت، وبعد إعدامه بقي اليخت يتنقل من جهة إلى أخرى، كل يدعي ملكيته، ودفع العراق نحو مليون دولار كلفة الإجراءات القضائية والمحامين في المحاكم الأوربية إلى أن فاز بملكية اليخت، والذي حولته الحكومة الحالية لأغراض المسح والبحوث العلمية البحرية(2). فهل علينا أن نشكر صدام على شرائه لهذا اليخت باهظ التكاليف في زمن المجاعة وتشرد العراقيين الذين صار عدد كبيراً منهم طعاماً للأسماك؟

خلاصة القول، إن كل ما حصل ويحصل في العراق من مشاكل وأزمات مالية وأمنية وإرهابية وفساد وفوضى... الخ، هي من نتائج حكم صدام وحزبه الفاشي. وما يمر به العراق أو أي بلد آخر من مشاكل مدمرة بعد التخلص من الاستبداد، هو شر لا بد منه كالقدر المكتوب، والتاريخ حافل بالأمثلة(3)، إلا في حالات نادرة عندما يتم التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية على يد الحاكم المستبد نفسه و تدريجياً، وهذا شبه مستحيل في حالة صدام حسين، وربما ستكون بورما مثالاً في التحول السلمي حيث قام الحكام العسكر بعملية التحول السلمي التدريجي، وعلينا أن ننتظر.
فالعرب هم الوحيدون في العالم، الذين أدمنوا على العبودية ويمجدون الاستبداد ويبجلون طغاتهم، واتخذوا منهم رموزاً لأمجادهم، وسخروا الإسلام لهذا الغرض، إذ دائماً يبررون ويزوِّقون للطغاة مظالمهم وجرائمهم بأحاديث نبوية مزورة مثل قولهم: (أطع ولي أمرك حتى ولو ألهب ظهرك). فالذين يحنون إلى عهد صدام ينطبق عليهم المثل العراقي: (درب الكلب على القصاب). ومثل آخر: (الدجاجة تموت وعينها على المزبلة).
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو الحسن ، في 2016/02/04 .

سبحان الله مازال عبد الخالق مدافعا ومستميتا عن ولي نعمته نوري الهالكي
يستخسر الدكتور عبد الخالق على عبد الباري عطوان كيف يبيض وجهه الحكام وهو في نفس الوقت يبيض وجه نوري الهالكي ويجعل السبب بما حصل للعراق من جراء تركة صدام
اقول مستعينا بالله ربي والله الذي لا اله الا هو انا شيعي ابن شيعي الا ان ينقطع النفس حبسني صدام لاني شتمته واعدم اخوالي واولاد اخوالي وحتى النساء توفت بسجون صدام لكن انا يوميا اقرء الفاتحه على روحه والعن الدعوه ومن اتى بالدعوه

ما الفرق بين صدام ونوري
ضدام قرب ابنائه ونسابته عدي وقصي وعبد حمود وحسين كامل وصدام كامل وغيرهم من الزبالات
نوري جلب لنا حمودي رامبوا وعبد صخيل وابو رحاب وعلي المالكي وشله السراق والحراميه
صدام احاط نفسه بمنال الالوسي ومن على شاكلتها
نوري احاط نفسه بمجموعه من العاهرات والرفيقات وبائعات القيمر امثال حنونه وعاليه وعواطف
صدام منح اشباه الرجال الاوسمه والانواط والرتب العليا
ونوري فاق صدام بمكرماته السخيه بحيث اصبحت رتبه فريق اول اكثر من حلف الناتوا امثال الجبناء كمبر وفاروق الاعرجي وعلي غيدان وغيرهم من السفله الذين باعوا ارض العراق
تستخسر على صدام صرف المليارات لكن هناك مشاريع لصدام لازالت موجوده
لكن اين مليارات نوري وما هو اثرها على الشارع هل مؤتمر القمه 500 مليار هو ينفع العراق ام صفقات الاسلحه الاوكرانيه او الروسيه وغيرها من الفسادات اتي تزكم الانوف
صدام جعل امين بغداد قاسم نافوره
نوري جعل نعيم صخره امين لبغداد
هل تريد المزيد من فضائح نوري يا عبد الخالق ام تعود لضميرك انت ووعاظ نوري فانكم ستقفون امام الله طويلا لنصرتكم لنوري نصره باطله ظالمه والله من وراء القصد



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74041
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29