• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الرعرعة والزعزعة!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الرعرعة والزعزعة!!

الرعرعة : بمعنى الإنبات , وترعرع الصبي أي تحرّك ونشأ , ورعرعه الله أي أنبته
الزعزعة : تحريك الشيئ , وكل تحريك شديد.  وزعزعه: حركه ليقلعه . 
 
كل شيئ بحاجة لوسط حاضن لكي ينمو ويكبر ويتفاعل مع محيطه بقدرات ومهارات تساهم في بقائه وتطوره , فالنطفة بحاجة لرحم تنمو فيه , ولا يمكنها أن تنمو في وسط غيره , وبعد أن يكبر الجنين ويصبح ناضجا تماما ومؤهلا للبقاء خارج الرحم تحصل الولادة.
وبعدها يحتاج لرعاية أمه وأبيه. 
والأجنة في البيوض تنمو وتفقس وتستدعي رعاية في العش حتى يصلب عودها وتمتلك قدرات الطيران والإعتماد على نفسها.
وهذه الحالة تنطبق على جميع الظواهر والنشاطات التي تقوم بها الأحياء من البشر وغيره من المخلوقات.
 
فالطيور مثلا تتجمع وتتكاثر في الأماكن التي يتوفر فيها الغذاء والماء والأمان , وكذلك باقي الحيوانات الأخرى , والبشر يبني المدن في المواضع القريبة من الأنهار , والتي يتمكن أن يزرع فيها ويربي المواشي ويتحصن من الأعداء وأهوال الطبيعة.
 
وأي نشاط بشري مهما كان نوعه , لا بد له من ظروف يترعرع فيها ويتطور لكي يكون له تأثير فاعل في محيطه , وما يجري اليوم في عالمنا الصاخب أن العديد من الأفكار والتفاعلات المناهضة لزمانها , قد وجدت المكان الذي يوفر لها أسباب الترعرع والنماء والتطور والتكاثر بسرعة وبائية شرسة.
 
فلا يمكن لهذه الحالات أن تصبح ذات دور وقيمة لولا عوامل الرعرعة الكثيرة المتراكمة في أماكن تواجدها وإنطلاقها , ويأتي في مقدمتها تفشي الفساد والمحسوبية والإستئثار بالسلطة والثروات خصوصا في المجتمعات النفطية , التي سخرت واردات النفط للتعبير عن السوء والبغضاء والكراهية , وتعزيز أسباب ودوافع التطرف والإنحراف في المجتمع , وذلك بسبب سوء الإدارة وفقدان القيادة وتفتت قيمة الوطن والمعايير الإجتماعية الجامعة , وتكاثر المتاجرين بالدين , وغياب الوعي الديني وسيادة التضليل والتجهيل , وتحقيق أفظع درجات الإمتهان الأخلاقي بإسم الدين.
 
وهذه العوامل المساهمة في الرعرعة أدت إلى تحقيق أقصى درجات الزعزعة في مجتمعاتها , مما نتج عنها حالات غريبة مضطربة مريضة , ذات تداعيات سلبية تدميرية لمفردات الوجود الوطني والإنساني العزيز , ففقدت الأوطان قيمتها ومعانيها , وتجردت الموجودات من جوهر هويتها وتأريخها ومعاني تفاعلاتها الإيجابية.
 
ومن الواجب الرجوع إلى تقييم عوامل الرعرعة والتفاعل معها بأساليب أخرى , وتحويلها إلى قدرات إيجابية ذات منفعة وطنية ومؤازرة للمصلحة العامة , لكي تفقد آليات حضانتها ورعرعتها لطاقات الأوبئة والجراثيم الفتاكة بالحياة وما يرتبط بها من منطلقات.
 
وفي مجتمعاتنا يلعب النفط دورا مهما في توفير العوامل اللازمة لرعرعة الشرور , وتأهيل طاقات الخراب والدمار والإنقراض والإنحدار إلى اسفل سافلين.
 
ومن الملاحظ أن البلاد النفطية التي فقدت آليات ضبط التصرف بالعائدات , وجدت نفسها في مأزق شراء الأسلحة التي يتم إستخدامها لمقاتلة البلاد والعباد , وتحويل الأيام إلى سقر.
 
والعلاقة ما بين الرعرعة والزعزعة كالعلاقة ما بين المستنقع والنهر , فالمستنقع يرعرع الأضرار ويزعزع ما حوله , والنهر هو الدواء الشافي من مستنقعات الأخطار!!
 
فهل لدينا قدرة معاصرة على الجريان؟!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74167
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16