• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛قُصَّةُ الاسْتِفْتاء! (٢) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛قُصَّةُ الاسْتِفْتاء! (٢)

  السّؤال الثّالث: فوضويّةُ الاعلام، فوضويّةُ الفكر، فوضويّة السّياسة، هل من الممكن صياغة عالم متمدّن من هذه الفوضيّات جميعها؟!.
   الجواب؛ قبل الإجابةِ على هذا السّؤال، أودّ ان أُجيب على تساؤلات أُثيرت على جوابي على السّؤال السابق، وتحديداً فيما يتعلّق بموقف المرجعية الدّينية العليا في المنعطفات الخطيرة تحديداً والتي مر بها العراق منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحد الان.
   فلقد كنتُ قد ذكرتُ في الجزء الاوّل من هذا الحوار موضوعة تغيير مرشح التّحالف الوطني لرئاسة مجلس الوزراء في الدورة الانتخابية الاخيرة، فقد اعتبر البعض انّ ذلك بمثابة التدخّل بالضّد من ارادة النّاخب الذي صوّت لصالح السَّيّد المالكي، فهو انقلابٌ على النّتيجة، وبالتالي هو تدخّل أَفسدَ (الديمقراطية) حديثة الولادة في العراق الجديد!.
   ولتوضيح ذلك؛ إسمح لي بالملاحظات التالية؛
   ١/ ان جواب المرجع الاعلى كان على سؤالٍ وجّهتهُ له قيادة حزب الدعوة الاسلامية وبتوقيع السيد نوري المالكي بصفتهِ الامين العام للحزب، وليس كرئيس لمجلس الوزراء او حتى كرئيس لكتلة دولة القانون الانتخابية، او كمرشّح لرئاسة مجلس الوزراء، ولذلك فعندما اجابَ المرجع الاعلى على الاستفتاء، بعث الرسالة الى الحزب في ظرفٍ مختومٍ وقد كُتب عليه اسم الامين العام للحزب وليس لقيادة الحزب بشكل عام.
   فمبادرة الاستفتاء جاءت من الحزب وليس من المرجع الاعلى او من احد وكلائه!.
   ٢/ لم يفعل المرجع الاعلى اكثر من انّهُ اجاب على سؤالٍ لا أَكثر ولا أَقل، وهو الامر الذي يفعله يومياً ربما عشرات المرات، اذ انّهُ يجيب على استفتاءات النّاس في شتّى المجالات من دون النّظر الى اسم وهويّة وعنوان السائل، فهذا هو واجب المرجعية الدّينية عادةً والتي تتصدّى للإفتاء والحكم والنّصح وإبداء الرّاي والتوجيه وغير ذلك.
   وإذا تسبّب جواب المرجع الاعلى على رسالة الحزب في إزاحة السيد المالكي عن السّلطة، فالذّنبُ ذنبُ السائل وليس ذنب المجيب! هذا اذا كان في الأمرِ ذنبٌ!.
   ٣/ رأيي الخاص في هذا الموضوع، هو أنّني اعتقد ان السيد المالكي كان شاكّاً في نتائج الانتخابات، او انّهُ على الأقل لم يكن مطمئناً للجهد الذي كان يبذلهُ وقتها من أجل البقاء في السّلطة لدورةٍ ثالثة، على الرّغم من كلّ المخاطر التي رافقت هذه الجهود، او لاي سببٍ آخر انا شخصياً أجهلهُ، ولذلك بادر لتوجيهِ الرّسالة الى المرجع الاعلى.
   فَلَو كان واثقاً من حقّه الدستوري في المكوث في السّلطة ومن سلامة موقفه الانتخابي، فلماذا (تجاوز) كلّ شيء، بما في ذلك الدستور ونتائج الانتخابات، ليتوجّه بالسّؤال الى المرجع الاعلى؟!. 
   هذا يعني انّهُ اذا كان هناك احدٌ قد خرقَ الدّستور وأضعف الديمقراطية وأربك المشهد السّياسي والانتخابي ودفع الدّولة باتّجاه الدّولة (الدينيّة) فهو السّائل حصراً وليس المُجيب.
   ٤/ روى بعض الشّهود وقتها، والعُهدة على الرّاوي، انّ احد أعضاء قيادة الحزب اقترح في ذلك الاجتماع ان يبعث الامين العام برسالةٍ الى المرجع الاعلى يسألهُ عن رأيهِ بتمسّك الحزب بالسيد المالكي كمرشحٍ وحيدٍ لرئاسة مجلس الوزراء للدورة الثّالثة.
   يُضيف الرّاوي؛
   كان كلّ توقّع الامين العام انّ المرجع الاعلى سوف لن يُجيب على مثل هذه الرّسالة على اعتبار انّ الموضوع تنفيذي يخصّ السياسيّين وهو من الجزئيات والتفاصيل التي لا يتدخّل فيها عادة المرجع الاعلى حسب ما هو معروف عَنْهُ من خلال التجارب السّابقة، ولذلك بادرَ فوراً الى كتابة الرسالة الى المرجع الاعلى، ليتسنى له تحييدهُ في صراعهِ مع شركائهِ على الترشّح لرئاسة مجلس الوزراء، عندما يصل الجواب من النّجف الأشرف بأنّ المرجع الاعلى لا يتدخّل في مثل هذه الامور، وبذلك ستقوى حجّتهُ في التشبّث بالثّالثة!.
   ولكن..جاءت الصّاعقة!.
   يُضيف الرّاوي، قائلاً؛
   عندما استلم الامين العام جواب النّجف الأشرف، صُعِقَ بما قرأَ، على حد وصف الرّاوي الذي يَقُولُ كنتُ، لحظتها، أتطلّعُ في وجهه وأرى كيف تغيّرت قسَمات وجهِ الامين العام وتبدّلَ لون وجهه! والذي اكتفى بقراءة الرسالة المعنونة باسمهِ شخصيّاً من دون أن ينبِس ببنت شفة، فلقد أخفاها يومَين كاملَين قبل ان يسألهُ الإخوة في قيادة الحزب عن فحوى الرسالة! ما اضطرّه الى ان يدعو في اليوم الثّالث الى اجتماعٍ آخر للقيادة وأطلعهم على نصّ الرّسالة الجوابية، التي انقسمت القيادة حِيالها الى قسمين، الاوّل يدعو الى الالتزام بها بلا أدنى تردّد، فيما حاول آخرون عرقلة ذلك وكلّ رهانهم على عنصر الوقت الذي يفعل فيه الله ما يَشَاءُ بَيْنَ لحظةٍ وأُخرى! حتى تطوّرت الامور واستقرّت الى ما هو معروفٌ بنتائجها للقاصي والدّاني.
   ٥/ الملاحظة المهمّة التي يجب ان لا يغفل عنها مُنصِفٌ، هي انّ الرسالة الجوابيّة للمرجع الاعلى، لم يسرّبها للإعلام لا المرجع الاعلى ولا مكتبهُ ولا احد من وكلائهِ [اذ كان من الواضح جداً من الطّريقة التي تعاملَ بها المرجع الاعلى مع رسالة قيادة الدّعوة، هو انّهُ سعى بكلّ جهدهِ لحفظ ماء وجه الامين العام!] وانّما نشرها الحزب لتبرئة موقف مرشّحهُ الجديد لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الذي اتّهمهُ جماعة الامين العام بالتّواطؤ والخيانة وغيرها من النّعوت البذيئة المعروفة عن هذا التيّار عندما يختلف مع أحدٍ حتى اذا كان الرّجل الثّاني في الحزب، حسب نتائج إِنتخابات آخر مؤتمر عام للحزب، والنّاطق الرسمي باسم الحزب!.  
   اتمنّى ان يكون هذا التّوضيح كافياً لمن التبست عليه الامور او وقع ضحيّة التّضليل لقلب الحقائق والوقائع.
   امّا جوابي على السّؤال، فانا اعتقد ان الشّعور بالفوضى وتحسّسها والاعتراف بها في مختلف المجالات، هو دافعٌ مهمٌّ من دوافع الإصلاح والتغيير، فلازال الانسان يتصور انّهُ يسير بالاتجاه الصّحيح وهو يتراجع القهقري، لم ولن يتساءل ليُصلح، ولقد أشار القرآن الكريم الى هذه الظّاهرة الخطيرة بقوله {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا* أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا* ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} امّا عندما يتيقن الانسان من انّهُ يعيش الفوضى، فيُبادر الى التساؤل أولاً ويتوقف قليلاً ليضع يدهُ على مكامِن الفوضى واسبابها لإصلاحها وتغيير الحال.
   ولذلك، نلاحظ ان كلّ عمليّة تغيير وإصلاح تسبقها فوضى، الفوضى التي تأتي على كلّ شيء، فتغيّر ارادة الإصلاح كلّ شيء.  
   طبعاً، لا ننسى هنا انّ هناك البعض من القادة والزّعماء والمسؤولين والسياسيّين يتستّرون على الفوضى، فهي بالنّسبة لهم كالماء بالنّسبة للسّمكة، فكما انّها تموت اذا أُخرجت منه، كذلك هؤلاء، يموتون اذا توقّفت الفوضى، ولذلك ينبغي ان لا نعوّل كثيراً على الطّبقة الحاكمة لوضعِ حدٍّ للفوضى، لانّ جلّهم يَرَوْن أنفسهم فيها، خاصة الذين خسروا السّلطة من أيتام الطّاغية الذّليل والقائد الضّرورة ومَن لفّ لفّهم، وانّما ينبغي العمل مع الجهات غير الحكوميّة ومع الرّاي العام المتضرّر من الفوضى، لمواجهتها من أجل ايقافِها وبالتّالي إصلاح الحال.  
 
   يتبع
   ١٢ شباط ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
‏E-mail: nhaidar@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : حكمت ، في 2016/02/12 .

كلام رائع ودقيق أستاذ نزار لكن لو ناديت حيا
للأسف لايزال اتباع النظام السابق من البعثيين وآزلام الطاغية صدام وأضف لهم اتباع جدد من جهال هذا الزمن أصحاب الوجوه الكالحة الذي كل يغني على ليلاه



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74349
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28