تكرار السيناريو، وتوزيع الاتهامات على هذا وذاك، لا يجدي نفعا، ولا يضعنا على جادة الصواب، الكلام كثير والمعاناة أكثر، والفاسدون يملؤون مفاصل الدولة، والأجهزة الرقابية والقضائية، هي نفسها تعاني من ذاك المرض، وما يزيد الأمر سوءاً، إن بعض الإعلام والقنوات هو إعلام مأجور وفاسد أيضا، وما أكثرهم بائعُ الضمائر، وهم يتسولون على أبواب المسؤولين، لتلميع صورهم وما التسقيط الإعلامي للناجحين والشرفاء؛ إلا إحدى أدوات الإعلام المأجور، الذي يدار عبر منظمات تملكها أحزاب، سرقت العراق وملأته فاسدين.
ليس من العقل، أن نسير وراء الإعلام بلا وعي، وما يصوره من رؤية خاطئة، صار يصدقها كثير من السذج والبسطاء، وهي فكرة إن"كلهم حرامية" بهدف خلط الأوراق، وتظليل الرائي العام، حتى لا يحاسب الفاسد والسارق، إن من عين العقل أن نفرز السياسيين، ونضع قليل من التروي، بعيدا عن التعصب الحزبي والطائفي والفئوي.
ما يريده أعلام الفاسدين، هو خلط الأوراق، على عامة الناس، وهذا ما يحصل اليوم، نحن بحاجة إلى عقل واعي، مجرد من العاطفة، ينضر إلى الأمور بواقعية، ويرسم المؤشرات بوضوح، ويضع النقاط على الحروف.. تشخيص الفاسدين وتعريتهم أمام الشعب، يرعب السارق، لذلك يحاولون بشتى الطرق الخسيسة والدنيئة من إلصاق التهم لهذا وذاك، مقابل أموال طائلة تشترى الضمائر وتباع.
الخطوة الحقيقية لتعافي الوطن، وانتشاله من هذه الحالة المأساوية، هي توحيد الجبهة سياسية، وتشكيل كتلة قوية ومتماسكة، تقود إلى اختيار مجلس القضاء الأعلى، من قضاة وطنيون ونزاهتهم لا غبار عليها ولا يخافون ولا يجاملون أي حزب، وعندهم القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، دون تسويف أو مداهنة.
بعد تشكيل هذا المجلس القضائي، المسنود من قبل جبهة سياسية قوية داخل مجلس النواب، تباشر بجمع الملفات المتعلقة بالفساد، لكبار المسئولين.. دون ضجيج إعلامي، يتمتع القضاة داخل هذا المجلس بصلاحيات واسعة، في إصدار الأوامر فيمن يشتبه بتورطه في أي تهمة فساد.
من أهم الأمور التي يجب أن ننتبه إليها، هو تشخيص الفاسد عن غير الفاسد، والفرز بينهما، وعزل الفاسدين في خانة بعيدة عن الناجحين، ومن يقول بعدم وجود أناس خيرة، هو يحاول هدم العراق، وجره إلى الهاوية، ليس من نضوج العقل، توزيع التهم على الجميع، بلا مبرر وبرهان.
يتوجب علينا كمجتمع واعي، إنجاح الخيرين وإسنادهم، وكتم الأفواه المتقولة بلا برهان، والتي تحاول التشويش والتدليس، كي يضيع الحق بين السارق والشريف، ويختلط الأمر على الشعب، حتى يهان ويعاقب الكريم والشريف، ويعظم ويكرم الفاسد والسارق، وما يحصل اليوم، يحتاج إلى وقفة جادة، من أصحاب العقول النيرة، والبصيرة الخيرة، لتبيان الخط الشريف، والمنهج القويم، الذي يستند إلى رؤية واضحة وشاملة، لقيادة الوطن إلى الازدهار والبناء، فالعقل هو الميزان، فلنجعله الحكم!