• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : استخدام السعودية القنابل العنقودية وجرائم الحرب .
                          • الكاتب : جميل عوده .

استخدام السعودية القنابل العنقودية وجرائم الحرب

مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 

 لم يكن إعلان ممثل المنظمة الدولية لحقوق الإنسان في اليمن عن تلقيه تقارير تؤكد استخدام السعودية قنابل عنقودية بمحافظة حجة، وصفتها بالـ "مروعة" هو الإعلان الدولي الأخير. فقد أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة "ستيفان دوجاريك" فيما بعد أن القوات السعودية تستخدم أسلحة محرمة دوليا من بينها قنابل عنقودية، وقال: "إن استخدام الذخائر العنقودية في مناطق مأهولة بالسكان قد يصنف بأنه جريمة حرب، بسبب الطبيعة العشوائية لتلك الذخائر". وأوضحت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها وجود أدلة ملموسة وصور ومقاطع فيديو تؤكد استخدام ذخائر عنقودية في عملية "عاصفة الحزم" التي شنتها قوات التحالف في محافظة صعدة. 

 ما هي القنابل العنقودية؟ وما هي الآثار التي تتركها هذه القنابل في حياة ضحاياها؟ كيف كان استخدامها محرما دوليا؟ وما هي إجراءات الأمم المتحدة بخصوص جرائم الحرب في اليمن؟

 استعملت الذخائر العنقودية للمرة الأولى خلال الحرب العالمية الثانية من قبل القوات الألمانية والسوفيتية. وخلال السبعينيات، استعملت الولايات المتحدة الأميركية أعدادًا هائلة من الذخائر العنقودية في كمبوديا، لاوس، فيتنام. ومؤخرًا، تم استعمال الذخائر العنقودية بكثافة خلال حرب الخليج ضد العراق، وفي الشيشان ويوغسلافيا سابقًا، وأفغانستان والعراق ولبنان في عام 2006.

 تعرف "الذخائر العنقودية" أو "القنابل العنقودية" بأنها عبارة عن حاوية كبيرة، تحوي على عدد كبيرة (أحياناً مئات) من الذخائر والقنابل الصغيرة، يمكن إطلاقها بواسطة قذائف المدفعية، أو الصواريخ، أو بإسقاطها من الطائرات، وهي تنفجر في العادة في الهواء، وتتحول إلى عشرات ومئات الشظايا الصغيرة في منطقة بحجم ملعب كرة قدم أو يزيد. 

 ولا يمكن للقنابل العنقودية أن تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ومن ثم يكون ضررها هائلاً حين تُستخدم بالقرب من مناطق مأهولة بالسكان، ولدى إطلاقها جواً أو براً، فإن مجال انتشارها الواسع يكاد يضمن وقوع إصابات بالمدنيين لدى استخدامها في مناطق مأهولة، والكثير من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر لدى الارتطام بالأرض حسب تصميمها، مما يؤدي لوقوع إصابات في صفوف المدنيين بعد شهور وسنوات، حيث تصبح بمثابة ألغام متفجرة. 

 مما لا شك تشكل الذخائر غير المنفجرة مثل كل الألغام الأرضية تهديداً مميتاً لأي شخص في المكان ولفترة طويلة بعد انتهاء النزاع؛ فهي تقتل وتجرح المدنيين الذين يحاولون إعادة بناء حياتهم بعد انتهاء النزاع، وهي تمنعهم من استخدام أراضيهم أو من الوصول إلى المدارس والمستشفيات، حيث يمكن أن تبقى تهديداً لعقود من الزمن.

 وبالنظر إلى ما تسببه الذخائر العنقودية من خطر مميت ومتوقع في كل نزاع تم استعمالها خلاله وتسببت بمشاكل اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد للبلدان والمدنيين على حد سواء، بدأت الحكومات مفاوضات بشأن اتفاقية الذخائر العنقودية واعتمدتها عام 2008. وتعهدت الدول بموجب اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية في المادة (1) بألا تقوم في أي ظرف من الظروف: (أ) باستعمال الذخائر العنقودية؛ (ب) باســتحداث الــذخائر العنقوديــة أو إنتاجهــا أو حيازتها بــأي طريقــة أخــرى أو تخزينهـا أو الاحتفاظ هبا أو نقلها إلى أي كان، بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ (ج) بمـساعدة أو تـشجيع أو حـث أي كـان علـى القيـام بـأي نـشاط محظـور علـى دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية.

 قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: "نظراً لكون الذخائر العنقودية أسلحة عشوائية الطابع بحكم تصميمها، فيحظر القانون الإنساني الدولي العرفي استخدامها. وعليه فلقد حظرت نحو 100 دولة إنتاج هذا النوع من الذخائر أو تخزينه أو نقله أو استخدامه، اعترافاً منها بطبيعة الأذى الفريد من نوعه والأثر الدائم الذي يترتب على استخدام هذه الذخائر". وأضاف لوثر قائلاً: "علاوة على تسببها بمقتل المدنيين أو إصابتهم عقب استخدامها، تفشل الكثير من الذخائر العنقودية الثانوية في الانفجار لحظة ارتطامها بالهدف، ما يجعلها تشكل خطراً داهماً على حياة من يصادف لمسهم لها أو تعثرهم بها على مدار سنوات لاحقة. 

 ومع أن القنابل العنقودية تترك آثارا مدمرة في حياة الشعوب بالخصوص الضحايا المدنيين، ليس في زمن المعركة فقط بل بعد سنوات من انتهاء الحرب، ومع أن استخدام هذه النوع من الأسلحة يعد محرما في القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، إلا أن بعض الدول لا زالت تصنع وتبيع هذه الأسلحة؛ ومازالت السعودية تستخدم القنابل العنقودية ضد المدنيين في اليمن، وفي مناطق مختلفة، دون رادع لا من تلك الدول، ولا من وكالات الأمم المتحدة ذات العلاقة. 

 كما أن أمريكا تأتي في طليعة الدول التي تزود السعودية بمختلف أنواع الأسلحة لضرب الشعب اليمني وتدمير بناه التحتية والخدمية بما فيها المستشفيات والمدارس ومحطات الطاقة الكهربائية ومخازن المياه ومستودعات الأغذية والأدوية. وتؤكد تقارير المنظمات الدولية أن التحالف السعودي استخدم ولازال يستخدم أسلحة محرمة دولياً ضد الشعب اليمني وقواته المسلحة ومن بينها القنابل العنقودية من طراز (سي بي یو-58) الأمريكية الصنع. 

 ولا يزال الأبرياء في اليمن يتعرضون للقتل والتشويه كل يوم، الأمر الذي يثير بواعث قلق خطيرة بشأن الازدراء الواضح لحياة المدنيين وللمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي من طرف السعودية. وإن الضربات التي تُنفذ بعلم مسبق من منفذيها، فإنها ستتسبب في وقوع خسائر بين صفوف المدنيين والأهداف المدنية، وتعتبر غير متناسبة وعشوائية وتشكل جرائم حرب بحسب الأمم المتحدة. 

 وبالتالي، ومن أجل وقف قتل المدنيين اليمنيين، ومنع استخدام الأسلحة المحرمة دوليا لاسيما القنابل العنقودية، يتعين الآتي:

1- أن تتوقف السعودية فوراً عن استخدام هذه الذخائر، وعلى جميع أطراف التحالف السعودي إعلان تعهدهم بعدم نشر واستخدام الذخائر العنقودية والموافقة على الانضمام للاتفاقية الدولية بشأن الذخائر العنقودية؛ 

2- أن تتحمل السعودية مسؤولية العواقب الإنسانية للذخائر المتفجرة التي يستعملها، حتى بعد انتهاء العمليات العدائية، فضلا عن الدول المصنعة والمصدرة لها؛

3- أن توقف كل من الولايات المتحدة وبريطانيا على الفور نقل أي أسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية قد تستخدم في مثل تلك الانتهاكات؛

4- لابد أن يتولى مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة للتحقيق في الانتهاكات للقانون الدولي من طرف السعودية. حيث يتعين على المجتمع الدولي أن يرسل رسالة قوية إلى الأطراف المتحاربة مفادها أنه لن يُسمح بارتكاب المزيد من الانتهاكات وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة. 

5- وضع خطة إستراتيجية للمجتمع الدولي بهدف إنقاذ الأرواح المدنيين في اليمن، وتزويد العاملين في مجال إزالة الألغام بالمعلومات الأساسية المتعلقة بكل الذخائر المتفجرة المستعملة في النزاع، وتحديد دور المسؤولين عن إزالة المتفجرات بوضوح، والالتزام بمساعدة الضحايا على المدى الطويل.

...................................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=75054
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28