• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : احذروا الخديعة...تحليل فلسفي للواقع العراقي .
                          • الكاتب : د . رائد جبار كاظم .

احذروا الخديعة...تحليل فلسفي للواقع العراقي

شهدت الساحة السياسية والاجتماعية العراقية في الايام القريبة الماضية، متغيرات وتحولات كبرى، وكانت جوهر تلك الاحداث مسألة الاصلاحات السياسية، والتغيير الوزاري، وتذمر المرجعية وعدم رضاها من مجمل العملية السياسية، ومن الفشل والفساد السياسي والحكومي والمؤسساتي داخل البلد، والتظاهرات المستمرة للشعب العراقي وسخطه ورفضه للواقع والحال السيء والكريه الذي يمر به الفرد والمجتمع العراقي، من غياب الخدمات وتعطيل المشاريع ونسبة الفقر والبطالة المتزايدة بين افراد المجتمع، وحجم الفساد الكبير الذي تقوده الجماعات السياسية المنحرفة، والعمل على تحقيق اجنداتها الداخلية والخارجية، وأفراغ البلد من طاقاته وثرواته وخيراته، وأيضاً المتغير الأخير الذي حصل في المشهد السياسي العراقي وهو تحرك السيد مقتدى الصدر، بجموع المتظاهرين الغفيرة التي ملأت ساحة التحرير في قلب العاصمة بغداد، وخطاب الصدر الاخير الذي ألهب الجماهير والفقراء والمحرومين، والذي حذر الحكومة من استمرارها في نهجها التقليدي والبطيء في محاسبة الفاسدين وفي سياستها البطيئة وخطواتها المشلولة تجاه الشعب، والعمل السريع والجاد على تحقيق خدماته وأمنه وأستقراره، فالبقاء على هذا الحال المزري والمنهج السقيم، مما يؤدي الى دخول البلد في حالة أنذار، ويهدد الفرد والمجتمع بمزيد من المفاجآة السياسية والاجتماعية والاقتصادية السيئة والتي خاتمتها ضياع البلد وخسران العملية السياسية وفقدان الديمقراطية الى الابد.      
ومما يلفت له الانظار انه قد شاع بيننا وبكثرة في الايام الاخيرة الماضية مجموعة من الاساليب الاجرامية المغرضة والتي تنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم، وخاصة بين الفئات البسيطة من ابناء المجتمع، ومن تلك الاساليب التي يتبعها العدو من اجل الاطاحة بنا والتناطح فيما بننا هو استخدامه صناعة الاشاعات، ومحاولة نشر الافكار الزائفة المغرضة التي تريد تزيد حجم الازمات والتصدعات في البلد وتعمل على تعجيل قدوم اصحاب الفكر المتطرف وصناع الموت والكراهية، كما اعتمدت الجماعات الارهابية المجرمة من اعتمادها على الرجوع الى اسلوب التفجير الانتحاري داخل المدن والتجمعات الشعبية، وتكثيف تلك الهجمات بقوة، ومحاولة نشر الذعر والرعب بين الناس، وسعيهم لاستعادة قوة الطائفية واحداث الفوضى الاجتماعية بين ابناء الشعب الواحد، وقد تعمل العصابات الاجرامية والتكفيرية لزيادة الضغط على الشعب من خلال ما تقوم به من عمليات اجرامية ومتوقع ان تتزايد تلك العمليات في الايام القادمة، ليكون الضغط اكبر، كي يفقد الشعب صبره وعقله وصوابه، ليثور على الحكومة ويقضى على ما موجود من بصيص دولة في العراق، لتعود عجلة البلد الى الوراء والرجوع لحكم ما قبل 2003 وأسوأ بكثير، وبذلك يكون الشعب قد قدم خدمة للارهاب والمجرمين والاجندات السياسية الفاسدة والمجرمة، ويُقدم البلد لهم على طبق من ذهب، هذا ما نخشاه وما تعمل عليه سياسات التطرف والانحراف من داخل العراق وخارجه، وهذا ما تعمل عليه وتعول الجماعات الاجرامية، ولذلك يتوجب على الشعب والمواطن والناس اجمعين الحذر كل الحذر من تلك الافكار والدعوات والافعال والانفعال غير المسؤول والطائش تجاه واقعنا، وعلينا ان ندرك قواعد اللعبة بشكل جيد كي نحمي بلدنا وانفسنا وعوائلنا من تلك السياسات وتلك الاهداف المرسومة والمخطط لها في مطابخ السياسة والاجرام، وان نكون على قدر عالٍ من المسؤولية والتحلي بالصبر وتوجيه وتوعية الآخرين، كي لا نقع في وكر الخديعة ومصائد الشيطان وعند فقدان الفرصة وعودة عقارب الساعة الى الوراء وحصول ما لا يحمد عقباه سنعض الانامل ونندم على وقوعنا في تلك المصيدة وشباك الاعداء المنصوبة لنا ليل نهار.
لقد ادركت الجماعات الارهابية والمخططات السياسية الخارجية اليوم ان علاقة الشعب بالحكومة، والحكومة بالشعب سيئة، وهي تعمل على ان تضرب رأساً برأس، لتتخلص من الشعب والحكومة بضربة واحدة، من خلال ما تملك من خطط وأستراتيجيات ومنافذ وأموال، وتتوفر ارضية خصبة وبيئة مناسبة لذلك، وهذا ما يتضح من خلال المشهد السياسي العراقي. وهذا ما نريد ان نسلط ونوجه اليه انظار الفرد العراقي لتحاشي ذلك، والسقوط في خديعة ومكر الافكار الزائفة والدعوات المظللة والاعمال الارهابية المتكررة. كي لا نكون ادوات لسقوط انفسنا بأنفسنا. 
على الدولة العراقية، وليس الحكومة فحسب، ان تعمل اليوم بما تمتلك من اقصى جهد وطاقة وأفكار وخطط وبرامج سياسية وأقتصادية وأمنية وعسكرية، لحماية امن واستقرار الوطن والمواطن، وحماية انفسهم قبل كل هذا وذاك، لأننا في مركب واحد، وحين يغرق البلد ستغرقون لا محالة، ولذا يتوجب على الجميع رص الصفوف، وتكاتف الايادي، وشد الاحزمة، لا ان تتركوا ثقل الدفاع وحماية البلد على الشعب فقط، وحين تسقط الكارثة وتحل تكون على ابناء الشعب فقط، كلا فهذه سياسة بائسة وخاسرة، اذا كنتم تعتقدون بحقٍ بأننا شركاء في هذه الدولة، فعلينا ان نتكاتف يداً بيد، لا ان تكون كل فئة على حدة، وكل جماعة تعمل لصالحها ولحساب افرادها، والسير وفق منطق جهوي فئوي، فهذا من أخطر ما يكون، ولن تقوم لنا قائمة يومئذٍ، ولن يكون لنا وجود يذكر في هذه الحياة حين نعمل بذلك المنطق الكسيح.
لقد تحمل المواطن العراقي طوال سنوات مضت، الكثير من الكوارث والازمات والحرمان والقتل والتهجير....وووألخ من المصائب والمحن، ولن يتحمل اكثر من ذلك، ولكنه في نفس الوقت ان هذا المواطن لن ينحني ولن يركع ويذل أمام ما يجري من أحداث ونوائب، فهو حر وأبي ومقدام، شامخ كالنخل، صامد كالجبل، يُقدم على الموت كاقدامه الحياة، لانه لا يهاب الموت ولا يخشاه، ويرى فيه الحياة الابدية، وهي فلسفة وعقيدة خطت عليه وتجري في دمه منذ ثورة الحسين (عليه السلام ) على الظلم والفساد، الى اليوم في محاربة ومواجهة قواتنا وجيشنا وحشدنا البطل للجماعات الارهابية والتكفيرية المتطرفة، فعزيمتهم قوية وارادتهم حديدية لا ولن تنثني ابداً.  
وعلى الحكومة ان تكون جادة وصادقة وصالحة مع شعبها وتسعى لأرضائه وتعمل لتحسين وضعه وخدماته وأمنه، وعلى الحكومة ايضاً ان تكون مع الشعب، ليكون الشعب مع الحكومة، والا فستخسر الحكومة مصداقيتها وشعبيتها ونفسها، وهذا ما سيكون لقمة سائغة وسهلة بيد الحركات والافكار الارهابة والتكفيرية والاجرامية المنحرفة، والسياسات الخارجية الخطرة، وتنفذ اراداتها ومصالحها، لتدخل مدخلاً ناجعاً من خلال الشعب للاطاحة بكم، وعنديذٍ يحصل ما لا يحمد عقباه، وستدخل البلاد والعباد في اتون حروب لن تهدأ ابداً، وهذا ما نخشاه ونحذر من الوقوع به، وأن يعمل الجميع على تجنب حصول ذلك.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=75163
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29