قبل أن أبدأ التعليق على اجتماع كربلاء لتحالف شيعة السلطة , أودّ أن أذّكر القارئ الكريم بخطاب رئيس الوزراء حيدر العبادي ليلة الهرير في التاسع من شباط وقبل سفره إلى إيطاليا وألمانيا , حين خرج على الشعب بعد منتصف ليلة العاشر من شباط ليقول لهم ( ادعوا إلى تغيير وزاري جذري ليضم شخصيات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين ) , وكيف ذهب البعض من الكتّاب والسياسيين والإعلاميين بخيالهم الساذج بأنّ رئيس الوزراء سينقلب على نظام المحاصصات الفاسد وسيقلب الطاولة على الكتل السياسية الفاسدة حد النخاع , فحينها قلنا في مقالنا الموسوم ( للحالمين بحكومة من التكنوقراط ) في 12 شباط , أنّ الفرصة التاريخية الوحيدة التي وفرّتها المرجعية الدينية العليا والجماهير الغاضبة , قد اضاعها العبادي ولم تعد ممكنة الآن , وقلنا إنّ هذه التغييرات لن تخرج عن الجانب الشكلي الذي يراد منه ذر الرماد في العيون وامتصاص نقمة الشعب على الفساد وسرقة المال العام ونقص الخدمات .
وفي اجتماع تحالف شيعة السلطة يوم أمس في كربلاء وحضور زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر لأول مرة لهذا الاجتماع , كانت الرسالة واضحة جدا في هذا الاجتماع , وفي تقديرنا أنّ هذه الرسالة موّجهة بالأساس لمقتدى الصدر نفسه , بأنّ اللجنة التي شكّلتها لاختيار الوزراء غير ملزمة للحكومة وتحالف شيعة السلطة ومرفوضة جملة وتفصيلا هي وقراراتها , وأنّ التهديد باستخدام القوّة المسلّحة واقتحام المنطقة الخضراء هو الآخر مرفوض تماما , وبنفس الوقت كان الاجتماع رسالة لرئيس الوزراء للتقليل من عنترياته الإصلاحية في تشكيل حكومة من خارج الكتل السياسية , والكّف عن خداعه للشعب العراقي بتشكيل حكومة من التكنوقراط ومن خارج المحاصصات , وبنفس الوقت كان الاجتماع رسالة إلى أمريكا والسعودية بأنّ نوري المالكي لم يعد جزءا من قيادة التحالف الشيعي هو ومن يسير على خطاه من البقية الباقية والمهمّشة من أعضاء حزبه وائتلافه المتداعي الذي يقوده , ومن الأرجح أن حضور السيد مقتدى الصدر للاجتماع كان مشروطا بعدم حضور نوري المالكي , في الختام أقول للمراهنين من التيّار المدني الديمقراطي على انتفاضة مقتدى الصدر للإصلاح .. ( مشّوا بوزكم الفاسدون أقوى منكم ومن أحلامكم ) . |