• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التكنوقراط .. بدعة ام منهج ؟ .
                          • الكاتب : علي حسين الدهلكي .

التكنوقراط .. بدعة ام منهج ؟

 التكنوقراط..  كلمة قفزت الى الساحة وبشكل غير مسبوق بعد ان تداولها عامة الشعب مطالبين بتطبيقها في التشكيلة الحكومية . 
وانا اكاد اجزم  ان الغالبية من الذين تداولوا هذه المفردة كانوا لا يعرفون معناها ومفهومها  الجوهري والتطبيقي والتنفيذي الا بعد حين من الزمن ، في حين ما زال البعض الاخر الى الان يطالب بها دون ان يعرف معناها الحقيقي .
والتكنوقراط  كما تعرف بصورة مبسطة هي حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة.
 والكنوقراطيون يتكونون من المهندسين و المعماريين و الاقتصاديين والمشتغلين بالعلوم  والثقافة وغيرها . ولذلك تشكلت حكومات بناءا على هذا الاستدلال الواقعي فاوكلت المناصب للمختصين .
واليوم نشاهد ونسمع الجميع ابتداءا من الشاب المراهق وانتهاءا باكبر السياسيين يطالبون بتشكيل حكومة تكنوقراط  منطلقين من الاعتقاد بان تشكيل حكومة بهذا المفهوم سيكون بوابة للاصلاح وللقضاء على الفساد .
وانا اختلف تماما مع هذا الطرح ( وهي وجهه نظر خاصة ) لان القضاء على الفساد وبدء عملية الاصلاح لا يكون بالاستعانة بالتكنوقراط  الا وفق شروط قد تكون متوفرة عند الاخرين .
فلنفترض اننا اتينا بدكتور متخصص في العلوم السياسية واسندنا له منصب رئاسة الحكومة, وجئنا بطبيب معروف وخبير في الطب ومنحناه وزارة الصحة, ودكتور متخصص في الاقتصاد وزارة الاقتصاد, وآخر متخصص في التكنولوجيا وزارة الاتصالات وهكذا... ووضعنا كل مختص في وزارته التي يختص بها وبهذا تكون لدينا  حكومة تكنو قراط .
وهنا اتساءل انجزنا  تشكيل حكومة التكنوقراط  فمن يعطيني الضمان بان هؤلاء التكنو قراط سيكونون غير فاسدين ويصلحون .
 فهل يعني هذا ان من امتلك شهادة عليا تخصصية اعتبرت شهادته بمثابة صك الغفران ؟ او ان تلك الشهادة  تثبت انه سوي الاخلاق وانسان مستقيم ؟ . مع جل احترامي وتقديري لجميع اصحاب الشهادات العليا .. فانا هنا اتقصد في كلامي فئة معينة  وليس العموم . لكي لا تفسر الامور بغير مقاصدها .
ثم اننا نعلم ان 80 % من الفاسدين هم من اصحاب التخصصات والشهادات العليا من الذين يتبوؤن مناصب لا يستحقوها رغم شهاداتهم لانهم كانوا بؤرا للفساد والافساد  . فهناك العشرات ولا اريد القول المئات ممن يحملون التخصصات والشهادات استغلوا مناصبهم التي حصلوا عليها بتلك الشهادات لتدمير المؤسسات والدوائر التي يترأسونها او يستوزرونها .
 فمن اين اتى الفساد الذي نطالب بمحاربته ؟ . اليس اغلبه من الكنو قراط .
فهنا يصبح لزاما على الحكومة ان تضع عدة معايير اساسية وتقدمها على  الكنوقراط  لعل في مقدمتها النزاهة والقيادة والكفاءة .
 لانه ليس من المنطق ان تضع متخصص في وزارة  اختصاصة وهو سارق وغير نزيه وضعيف القيادة وهو ما حصل سابقا في بعض المؤسسات وادى الى ما وصلنا اليه من تدهور 
 فمن الممكن ان نمنح وزارة التجارة لمختص في الصناعة ويتمتع بالمواصفات التي ذكرناهها ويعتمد على فريق المستشارين  والخبراء في مؤسسته وسينحج في الامر ما دام فيه تلك المواصفات  وخاصة القيادية .
 فكم من مختص فشل في مؤسسته التخصصية لعدم امتلاكه القيادة مثلا وسوء القيادة اوجد ثغرات استغلها البعض للفساد والتخريب ولكن الامر برمته انعكس عليه وحده لكونه المسؤول الاول عن المؤسسة .
 وهنا يصبح لزاما على الحكومة اذا ما فكرت بتشكيل حكومة تكنوقراط  ووجدت اشخاصا يحملون  الاختصاص والقيادة والنزاهة والكفاءة فعليها ان تمنحه المنصب دون تردد بغض النظر عن انتماءاته السياسية والقومية والطائفية لأنه عملة نادرة يصعب الحصول عليها في موقع اخر .
لذلك نجد ان الدعوات الى حكومة تكنوقراط هي دعوات غير واضحة المعالم ومؤطرة بثغرات يمكن ان تسمح للفاسدين والمتحزبين ان يتسلقوا المناصب مرة اخرى ويعبثوا اكثر مما عبث اسلافهم وبذلك نعود للمربع الاول وكأننا لم نفعل شيئا
بل سيكون ما فعلناه اسوء لأننا عندها سوف لا نجد مصطلحا مناسبا اخر لتبرير الفشل وتشكيل حكومة اخرى ، وألا سنظل نشكل الحكومات الواحدة تلو الاخرى وجميعها ستكون فاسدة وفاشلة وحينها لا اعتقد ان الشعب سيبقى ينتظر الى ما لا نهاية . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=76095
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 03 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28