• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : مَصادِرُ الإِعْلامِ الوَطَنِيّ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

مَصادِرُ الإِعْلامِ الوَطَنِيّ

   أولاً؛ المسؤول الذي تقع عليه مسؤوليّة مساعدة وسائل الاعلام الوطنيّة على النّهوض بواجباتِها، من خلال إفساح المجال لها للوصول الى المعلومة الصّحيحة والسّليمة من جانب، وعدم إستخدام سياسة العصا والجزرة مع الاعلام الوطني اذا انتقدهُ او كشفَ عن معلومةٍ تضرّهُ او تفضح فشلهُ او فسادهُ.
   كما تقع عليه مسؤولية تقوية الاعلام الوطني من خلال رفدهِ بالمعلومات الخاصّة الصّحيحة والسّليمة ليتمكّن الاعلام من صناعة مجدهِ ورصيدهِ الشّخصي واعتبارهِ عند الرّاي العام بما يخلق منه مصدراً للمعلومةِ الخاصّة بمرورِ الوقت.
   في الولايات المتّحدة الأميركيّة مثلاً فانّ كبريات الصّحف والقنوات التلفزيونيّة على علاقةٍ وثيقةٍ بمصادر القرار التي تحرص على تسريب المعلومات الخاصة لها ما جعل منها مصادر تغذية للإعلام العالمي.
   امّا عندنا، فالمسؤول حاقد على الاعلام الوطني ولذلك لا يتعاون معه ولا يمنحهُ ايّة فرصة ليبني مجده!.
   انّ مشكلة اكثر المسؤولين عندنا هو انّهم يعانون من عُقدة الدّونيّة ومرض انفصام الشّخصية فتراهم يدفعون أموالاً او يقبضون أَموالاً، لا فرق، من أجل الظّهور في قنوات الفتنة والفوضى، لتقديم ما لديهم من معلومات سريّة وخاصّة، ما يمنح هذه القنوات اعتباراً اضافياً لدى الشّارع، كما يمنحها المزيد من (الشّرعية) المهنيّة.
   لقد تابعتُ قبلَ عدّة ايّام ظهور إِحدى (العمائم) الفاسدة من (عبَدَةِ العِجْل) المنضوية في دولة القانون في التّحالف الوطني، وتحديداً في الحزب الحاكم، في إِحدى قنوات الفتنةِ والفوضى، وكان حديثهُ الاحمق وغير الموزون على شخص السيّد رئيس مجلس الوزراء وعلى شخص السيد وزير الخارجية، فقال كلاماً عرّض فيه بهِما بشكلٍ شخصيٍّ، وَيَا ليتهُ ناقشَ او انتقدَ او قدّم مقترحاً أو قيّمَ او ما الى ذلك، انّهُ وظّف خطاب اولاد الشّوارع للتهجّم عليهما والتّعريض بهما، وكأَنّ الاول ليس الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم وانّ الثّاني لم يكن الامين العام للحزب الحاكم مدة (٤٠) عاماً او اكثر!.
   انّ هذه العِمامة الفاسدة ومثيلاتها من المسؤولين هُمُ الذين يُساهمون في تضخيم دور قنوات الفتنة والفوضى، وفي المقابل يقللّون من دور الاعلام الوطني لدرجةِ الغياب عن التأثير المرجو في السّاحة.
   انّهم يساهمونَ في خلق الفوضى الإعلامية لخدمة (عِجْلٍ حَنيذٍ) واحدٍ على الأقل او اكثر!.
   ثانياً؛ المواطن الذي تقع عليه مسؤولية التّمييز بين الاعلام، فلا ينساق وراء اعلامِ الفتنةِ والفوضى، فنحن اليوم نمرّ بمرحلةٍ خطيرةٍ يدسُّ فيها الاعلام المغرض الكثير جداً من السمّ الزّعاف في القليل جداً من العسلِ (المغشوش)!.
   للاسف الشّديد فانّ المواطن عندنا يُساهم بدرجةٍ كبيرةٍ في تضخيم دور قنواتِ الفتنةِ والفوضى ليس من خلال متابعتها فحسب، فذلك امرٌ قد لا يُلام عليه، وانّما من خلال تصديقهِ بكلّ ما يقول، ليكتشف بانّهُ اكثر ما قال هو اخبار وافلام مُفبركة لا أساس لها من الصحّة.
   ينبغي على المواطن ان يُمارس دورهُ الوطني في وضع نهايةٍ للإعلام المُغرض الذي يبذل كل جهدهُ ليس من أجل تحطيم العمليّة السّياسية او فضح الفساد وكبار الفاسدين و (العُجول السّمينة) التي اهدرت المال العام، ابداً وانّما لتحطيمِ العراق وتدمير أُسس الدّولة والمجتمع، ولذلك فانّ الموطن مسؤولٌ عن هذا الحال ويجب عليه ان لا يسترسل مع هذه القنوات ولا ينتبهَ لرسالتِها الخبيثة المدمّرة والخطيرة.
   ينبغي عليه مقاطعتَها ومقاطعة كلّ مسؤول يظهر فيها خاصةً (العمائِم الفاسِدة) التي تسعى لتصفية حساباتها مع بعضها من خلال شاشة هذه القنوات.
   لا يقولن احدٌ بانّهُ لا يتأثّر بهذا الاعلام او انّهُ محصّن ضدّ رسالتها التدميريّة، ابداً، فليس هناك من لا يتأَثر بها اذا أَدمن على متابعتِها وهو معصوبُ العينَين ومُقفلُ العَقلِ، فهذه القنوات تصنع بالفتنة والفوضى جواً مسموماً بالتّضليل والاكاذيب، لتصيب المتلقّي بالدّوار حدّ اليأس عندما يزداد الضغط على دماغهِ فلم يعد يميّز بين الصحّ والخطأ فيتركهما معاً، وهي النّتيجة التي تسعى لتحقيقها هذه القنوات!.
   لقد تحدّث أَمير المؤمنين (ع) عن هذه الحالة عندما وصفَ حال القطيع الذي قادهُ الطّاغية مُعاوية بن هند آكلة الأكباد لقتالهِ في صفّين بقولهِ عليه السلام {أَلاَ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ، حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ}.
   ثالثاً؛ هو الاعلام الوطني ذاته، والذي تقع عليه مسؤولية إعانة نَفْسه ومساعدة ذاتهِ للارتقاء الى المستوى المطلوب، وذلك من خلال ما يلي؛
   ١/ ان يتسلّح بالحسّ الوطني أولاً واخيراً، فانّ اي حسٍ آخر يهبط به الى مستوياتٍ دُنيا.
   ٢/ ان يتعامل مع الاعلام كرسالةٍ وليس كوظيفةٍ.
   ٣/ ان يكونَ على أتمّ الاستعداد للدّفاع عن دورهِ الوطني وان يتحمّل المعاناة والمشاقّ، فالإعلامي جندي من الطّراز الاوّل، فإمّا ان يقبل التّحدّي ويكون مستعداً للتّضحية من اجل رسالتهِ او ان يترك هذا الموقع لموقعٍ آخر، فالإعلامي الذي يخون موقعهُ ويقصّر في اداء رسالتهِ او يترك موقعهُ عند المواجهة، يشبه الى حدٍّ بعيد الجندي في المعركة الذي يترك موقعه للارهابيّين!.
   ٤/ ان لا يسمح لأيِّ أحدٍ في ان يتدخّل في مهمّتهِ وواجباته سواء أكانَ سياسيّاً او مسؤولاً او حزبيّاً، وبأيّ عنوانٍ كان، لانّ ايّ نوعٍ من التدخّل ومن ايٍّ كان يُفسد رسالة الاعلام الوطني، ويحطّم دور الاعلامي.
   ينبغي على الاعلامي ان يفضح كلّ من يتدخّل في شؤونهِ ورسالتهِ، ليوقفهُ عند حدِّه ومن أجل ان يعتَبرَ بهِ غيرهُ.
   لقد كان المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة السابق يتدخّل في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ تخصّ الاعلام والاعلاميّين، فكان يرفع سمّاعة الهاتف على مذيع الاخبار ومعدّي البرامج، يستشكل على الخبر تارةً وعلى الضّيوف أُخرى وعلى الصّورة والفيلم ثالثة وهكذا، حتّى لقد نقل لي وقتها من أَثقُ به انّ عدد الاتّصالات التي أجراها مكتب الموما اليه خلال شهرٍ واحدٍ أَكثر من (١٠) آلاف مكالمة اغلبها توبيخية!.
   لقد اضاعوا فرصةً تاريخيّةً أَمام الاعلام الوطني ليكونَ عالميّاً ذَا اعتبارٍ كبيرٍ ومصداقيّةٍ قويّةٍ.
   ثم نستغرب لماذا لا يوجد عندنا اعلامٌ وطنيٌّ ناجحٌ؟!.
   انّ على الاعلامييّن ان يقطعوا دابر السياسيّين والمسؤولين والحزبييّن فلا يسمحوا لهم بأَن يتدخّلوا سلباً في شؤونهم وعملهِم ورسالتهم، وليعلّموهم انّ (تدخّلهم) ينحصر فقط من خلال القضاء، فاذا احسّ احدهُم انّهُ تعرض للتّشويه مثلاً او الابتزاز او التّشهير، فلا يبعث حرسهُ الخاص لتأديب الوسيلة الإعلامية وانّما يمكنهُ ان يأخذَ حقَّهُ عن طَريقِ القضاءِ فقط بالشّكوى، فأمامهُ يمكن ان يكسبَ الدّعوى التي يرفعها صدّ الاعلام او يخسرها، امّا الاعلامي في قناتهِ او أذاعتهِ او صحيفتهِ، فيجب ان يكون محميّاً من كلّ تهديد أَو وعيدٍ ليمارس حقهُ وواجبهُ الوطني بكامل حرّيتهِ كما كفلهُ لهُ الدّستور والقانون.
   انّ الاعلام الخائف لا يُمكن ان يرتقي الى المستوى الوطني الذي يؤثّر، كما ان الاعلامي الذي ترتعد فرائصهُ من ذكر اسم السّياسي او المسؤول او الحزبي لا ينجح في اداءِ واجبهِ ابداً.
   كذلك فانّ الاعلامي الذي يسيل لعابهُ اذا أراه المسؤول بريق الدّولار، كما يظهر ذلك في إِحدى مقاطع اليوتيوب عندما بشّر سكرتير رئيس الحكومة السابق الإعلامييّن بهديّة (الحجّي) وهي عبارة عن ورقةٍ وَاحِدَةٍ من فئة (١٠٠) دولار، انّ مثل هذا الاعلامي لا يمكنهُ ان يُمارس دورهُ السّليم والصّحيح في صناعةِ إِعلامٍ وطنيٍّ أَبداً.
   ٢٩ آذار ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
‏E-mail: nhaidar@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=76452
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 03 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28