• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : بين مثقف السلطة ومرجع الدين. السيد الصدر وشفيق الكمالي مثالا. .
                          • الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو .

بين مثقف السلطة ومرجع الدين. السيد الصدر وشفيق الكمالي مثالا.

المدنيون ,يقولون نحن أولى بحكم الوطن,وانه لن ينهض إلاَّ بجهودنا,هل تعرفهم؟
انهم أولئك الذين إذا ارتدوا بنطلونا فأنت بين أمرين,إذا فرضنا انَّك تشرفت بمسك حزام بنطلون أحدهم ورفعته قليلاً فستخرج آساتهم من الخلف,وإذا أرجعته الى ماكان عليه ستبدو سرتهم من الامام.
يمنون عليك ,رغم انهم لم يقدِّموا شهيداً واحداً,بل ولاجريحا واحداً أو نصف جريح,انهم الاشجع والاذكى والاقدر على بناء الوطن لانهم (مثقفون).
وكيف هم مثقفون؟
يستهزؤون بالدين,فتلك علامة أولى,ويفكرون بالفرج والبطن,وتلك الثانية,ومنفتحون على الآخر,لانهم إنسانيون جدا,لدرجة أن بعضهم يقول إنني لااحتمل أن يقتل أسيرٌ داعشيٌّ لأنَّه في النهاية إنسان.
إذا كان الانسان رقيقاً ألى درجة أن لايقتل من انتهك عرضه,وأباح شرفه,وقتل أخاف في الدين ,- وفي الوطن- حتى (لايزعل) القوارير من الرجال,فكيف يًبنى الوطن وبناؤه يحتاج إلى عزم من الامر ,وعزيمة رجال؟وكيف يحافظ على شرفه وشرف بنات الفلوجة الجائعة التي لم تشبع من لحوم شباب الشيعة الابطال في جبهات القتال,ولم ترتوِ بعد من دمائهم وهو بهذه العاطفة الجياشة والاحاسيس المرهفة؟
دعوني أحدثكم عن نمطين من الناس ,المثقف ,ورجل الدين,واقول لكم ,اننا إذا اردنا ان نقيس شخصية الشهيد محمد باقر الصدر - قدِّس سره  - بعيداً عن جميع انجازاته الفكرية والعلمية,بل من خلال الموقف البطولي ,لكان وزنه في معيار التقييم ثقيلاً وثقيلاً جداً.
ربما صادفتم,أو صادف غيركم مواقف في الحياة اليومية,أو العملية تحتاج إلى كلمة حق,وهذه الكلمة ينبغي أن تجهر بها أمام صديق,أوأخ,أوقريب,تربطك به علاقة,وتوشجك معه آصرة,وليس له عليك من قوةٍ يستظهر بها عليك إلاَّ (طولة لسان) ولكنك مع تلك الحميمية,وقوة تلك الصداقة تخشى أن تقول كلمة الحق,خشية أن تُجرح آذانك بكلمة,ويتألم قلبك لسماعها,فأنت ياصاحبي ,رقيق الحسِّ مرهف الشعور.
دعوا (فلسفتنا,واقتصادنا,والأسس,وفدك,وبحوث شرح العروة,وبحوث الاصول) وغيرها,دعوها كلَّها جانباً,وتعالوا إلى موقف كلمة الحق ,أمام طاغيةٍ جائرٍ,محبٍ لسفك الدماء,عاشق لإذلال الناس,لنرَ كيف قالها السيد الشهيد الصدر أمام طاغية زمانهِ بكل جرأةٍ وقوةٍ,مع انه لاتربطه به علاقة رحمٍ ليرقب فيه الطاغية رحما,ولا عاطفة صداقة,لتكون له شفيعا.
والان,هذا السيد الوحيد في غربته,اليتيم في محنته,ماكان يبغي من خلال سعيه لقوله كلمة الحق ولو على حساب دمه؟
ولو كان ثمنها كنوزاً مخبوءةً في خزانة عقله,مستودع علوم آل بيت العصمة عليهم السلام؟
ولو كان ثمنها أن تتشظى عائلته بين الخوف والحرمان,وتتوزع اسرته بين الحزن واللوعة؟
أكان يعتقد انه سيزيل حكم الطاغية,وهو يدري ان حزبه لايزول بتلك الطريقة؟
أكان يرى انه سيقود دولة,ويتزعم حزباً,ويجلس على كرسيِّ زعامة؟
كلا,لم يكن له مطلبٌ سياسي ليقول (مُتَحيوٍنٌ صغيرٌ)ممن أقرَّ على نفسه انه يشاهد الافلام الخليعة, انه - قدس سره- فشل في السياسة...
كان كل همِّه أن يبني بدم الشهادة جداراً معنوياً - من العزلة - سميكاً بين الشعب العراقي ونظام البعث ,يبقى قائماً مابقي دم الشهيد خالدا.
والآن,هل كان مثقف السلطة - المدني المتحضر - على درجة الوعي لدى طلبة العلم؟ أريد أن أتكلم عن الفرق بين علاقة المثقف بالسلطة ,وعلاقة رجل الدين بها,خذواشفيق الكمالي مثالا,كان شاعر البعث,ومدَّاح المجرم الاول,صدام حسين,فمن شعره في البعث
" آمنت بالبعث رباً لا شريك له *****وبالعروبة ديناً ماله ثانِ
ومن شعره في صدام:-
لولاك ما نزل المطر
لولاك ما نبت الشجر
لولاك - يا صدام - ما خُلق البشر
فجعل صداماً العلة الغائية في خلق الكون,ونزول المطر وإنبات الشجر,يعني هو واسطة الفيض الالهي عند الشاعر.
ولم يكتفِ بهذا فقال ايضاً
"تبارك وجهك القدسي فينا ... كوجه الله ينضح بالجلال"
مع ان الله تعالى غير مجسَّم لينضح وجهه بعرق الجلال!
يقول فخري قدوري:- سألت شفيق الكمالي :- لماذا أبا يعرب تكتب خلافاً لرأيك الحقيقي في صدام وتقول في قصيدة مخجلة تلقيها بنفسك في تلفزيون بغداد ، “رأيت الله في عينيك” ؟
يقول:- سقطت الدموع من عينيه ونفث سيجارة - رغم المنع الطبي الشديد - واعترف لي قائلاً :- اسمي على لائحة التصفيات، ولم يبق سوى تحديد موعد التنفيذ ، وانت تعرف حقده علي وعلى أمثالي ممن يعرفون ماضيه.
هنا نلاحظ عدم مبدئية الشاعر,قل المثقف,قل المدني,قل اللبرالي,قل كل شيءٍ إلاَّ المتدين,فرغم يقينه بمقتله,ولكنه آثر أن يمدح (القاتل) لدرجة ان يرى الله - الذي يتصبب بعرق الجلال كما رأينا من قبل - في عيني القائد الضرورة.
نرجع الى فخري قدوري وهو يتم حواره مع الشاعر,يقول:- قلت له: أنت ألان خارج العراق، أبق حيث أنت يمكنك العيش 
أجابني بحزن عميق:واسرتي؟… لقد فكرت كثيراً بالابتعاد ، ولكنني أعرف أنه سيبيد عائلتي كلها..”. 
اولاً ,مع عدم اعترافنا بصدق الراوي,ولكن يجب ان نعلم ان شفيق الكمالي هو رئيس تحرير مجلة (آفاق عربية),ومؤسس الفرقة العراقية للفنون الشعبية,ومؤسسة دار ثقافة الاطفال واصدر منها مجلة (مجلتي) واعطاه صدام سيارة,فكانت دنياه متوقفةً على دنيا صدام,وإذا كان قد مدح صداماً بقصائد (ركيكة) على حدِّ تعبير صديقه جليل العطية, بعد أن نجا بأعجوبة من أكبر مجزرة علنية شهدها العراق الحديث، وراح ضحيتها بعض قادة الحزب الحاكم - على حدِّ تعبير جليل العطية- 
انهار الكمالي( كيف يستطيع المنهارون قيادة أمة)؟ ووجد نفسه مضطراً لكتابة قصائد مديح ركيكة للرئيس الجديد!
وراح المغنون يغنون قصائده في تمجيد صدام ، مما أثار استهجان واستغراب محبيه ومقدري مكانته الأجتماعية.
لماذا لم يلن السيد الشهيد حين رأى اعدامات علماء حوزة النجف الاشرف ولم يخضع لسلطان وقته في حين انهار شفيق الكمالي؟
لماذا خاف شفيق على عائلته كما يقول فخري قدوري ولم يخف الشهيد الصدر؟
نعم,ان العراق بُني على جماجم علماء الدين وليس على أكتاف المثقفين.
قوائم رجال الدين المعدومين والشهداء بالآلاف ,وليس هناك الا بضع آحاد استشهدوا من المثقفين,وهؤلاء كانوا ملتزمين بخط الحوزة,لامن جنس اولئك النفعيين,كالصحفي الشهيد عبد الرحيم محمد علي والشاعر علي الرماحي وغيرهما.
يامدنيِّ الغفلة :- قبل أن تتكلموا عن بناء الوطن ,فصلو بناطيل تستر الاست والسرة معاً ,لنثق بكم.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=76967
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28