• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فوبيا "المربع الاول"! .
                          • الكاتب : سالم مشكور .

فوبيا "المربع الاول"!

 أعتقد أن الكثير من المنادين بالإصلاح لا يستطيعون تحديد مصاديق لهذا الإصلاح. أغلب المطالبين به يبدون خوفهم من العودة إلى «المربع الأول».همنا ان هذا البعض يسعى إلى ترقيع وليس إلى اصلاح حقيقي والذي يعني معالجة جذور الخراب المتفاقم في الوضع السياسي في البلاد.
أين تمتد هذه الجذور؟
بالتأكيد تمتد إلى المربع الأول، يوم وضعت أسس لنظام جديد على أنقاض نظام متهرئ تبخر أمام القوات الأميركية في مثل هذه الأيام من العام 2003.أساس النظام الجديد كان خاطئاً، والدستور جاء معقداً للأمور بدل أن يحلها، وبالتالي فإن أي اصلاح يقتصر على الترقيع لن يبعد خطر انهيار البناء على رؤوس الجميع.لابد من العودة إلى المربع الأول لتصحيح المسار والبدء بالتحرك وفق المسار 
الجديد.
لكن هذه العودة تبدو صعبة الآن لأسباب عدة منها أن أطراف العملية السياسية بنت مصالح لها وامتيازات اكتسبتها خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية يصعب التفريط منها ، يرتبط بذلك الفساد الذي بات متفشياً في كل المستويات لدرجة انه تمأسس وبات جزءاً من بنية النظام وأغلب سياسييه ، بمن فيهم من يرفعون شعارات مكافحة هذا الفساد.هناك أيضا الخوف لدى الكثيرين من أن العودة إلى المربع الأول قد تدخل البلاد في متاهات جديدة قد يصعب الخروج منها في ظل التداخل الكبير للعوامل الخارجية في الملف العراقي الداخلي. هذه العوامل وغيرها تشكل حالة ممانعة بوجه أي محاولة لإصلاح شامل قد يستدعي العودة إلى المربع الأول، ما دام الترقيع غير مجدٍ والخطوات الاصلاحية الحقيقية الكبرى شبه مستحيلة، كتعديل الدستور مثلاً، وعدم وجود توافق على العناوين الوطنية الأساسية، بل على الوطن 
نفسه.لكن هذه العودة قد لا تكون بأي آليات عراقية إذا استمرت الممانعة الداخلية . فالوضع العراقي بات مرتبطاً بمصالح أطراف إقليمية ودولية ، تبدو الآن متوافقة على اجتراح حل جدي للمأزق العراقي الذي باتت مفاصله شديدة التكلس لدرجة العجز عن الحركة . الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي بدأ ولايته الأولى بمحاولة التنصل من الملف العراقي بات، وهو يستعد لتوديع البيت الابيض، على قناعة بان الانسحاب الأميركي كان خطأً كبيراً وان الجمهوريين كانوا محقين في موقف المعارض لسياسته. ليس العراق منفصلاً ، انما كجزء من لوحة إقليمية تجري إعادة رسمها من جديد.هكذا يبدو التغيير في الواقع السياسي العراقي الحالي محل توافق أطراف معنية بالوضع العراقي.
من هنا فإن استمرار الممانعة بوجه الاصلاحات الحقيقية قد يجرّ العراق إلى فوضى عارمة قد تطول ، ويدفع الناس ثمناً باهضاً قبل أن يقبلوا بأي بديل تقرره أطراف الخارج المؤثرة في الوضع العراقي. 
لا تخافوا من العودة إلى المربع الأول، فمنه بدأ الخطأ ، ومنه يبدأ التصحيح. المهم أن يكون هذا التصحيح بأيدٍ عراقية متفقة على مشتركات وطنية ، تضع مصلحة البلاد فوق كل مصلحة أضيق.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77071
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16