• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : هل خُلِقَ الكون من لاشيء؟ .
                          • الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو .

هل خُلِقَ الكون من لاشيء؟

 خلاف العلماء....رواياتُ أهل البيت عليهم السلام.....رأيُ العلم الحديث.
انقسم مفكروالاسلام,اعم من كونهم متكلمين او فلاسفة او أصوليين أو غيرهم - إلى قسمين:-
الأول :- قال إنه يستحيل خلق شيءٍ من لاشيء,لأنَّ ذلك يستلزم أمرين إثنين:-
أ- يلزمه انقطاع الفيض الأزلي عنه تعالى,لأنه لما كان تعالى هو المؤثر التَّام في العالم,وكان قديماً ,وجب أن يكون أثره قديماً ايضاً,ولايجوز تأخر معلوله عنه,وإلاَّ لم يكن مؤثراً تامَّا,على أن هذا - من جهة أخرى - ينافي جوده وكرمه,وهو جواد كريم قديم الاحسان..
ب-:- يلزمه انفكاك العلة عن المعلول,وهو محال.
الثاني:- قال بجواز خلق شيءٍ من لاشيء,وهذا الامر يتوقف على بيان,وهوإن لدينا نوعين من الفاعل, الفاعل بالاضطرار,وهو كالنَّار ,كلما اشتعلت صدر منها الحرارة والضوء,رغماً عنها ,وليس بإرادتها,والنسبة بين الفاعل الاضطراري ومايصدر منه هو نسبة العلية والمعلولية.
والنوع الثاني من الفاعل هو الفاعل بالاختيار,وهو كل من له إرادة ,إن شاء فعل,وإن شاء ترك,فأنت إن شئت قرأت منشوري,وإن شئت تركت قراءته,والنسبة بين الفاعل الاختياري وما يصنعه هو النسبة بين الفعل والفاعل المختار.
والجواب سيكون - اولاً - عن الاشكال الثاني,اننا لو قلنا إن المعلولات كافة هي وجوداتٌ نازلة من العلة الأولى,ومن مراتب وجودها بحيث يمتنع انفكاكها عنها,ولابد أن تكون معاصرةً لها في وجودها,فأين سلطة الله تعالى التامة وقدرته؟
على أن العلاقة بين العلية والمعلولية هو أن الاخيرة تنبثق من صميم الأولى,فلابد من وجود تناسبٍ بينهما المعبَّر عنه بالسنخية,والفاعلية هنا بالترشح او الصدور,أما في الفاعل الاختياري - وهو الله تعالى- فهو منزَّهٌ عن تولد شيءٍ منه,وفاعليته بالمشيئة والإبداع لامن شيء ,فإذا اتضح هذا فالجواب عن الاشكال الأول هو انه تعالى بما انه فاعلٌ مختار,فقد اقتضت إرادته تعالى - وهي فعل الفاعل المختار- وجود العالم في هذه النقطة من وقت وجوده,لمصالح هو أعرف بها مع التسليم بكونه صانعاً حكيما.
روايات اهل البت عليهم السلام.
وهي ترى ان العالم خلق من لاشيء,وسأذكر روايتين:-
الرواية الاولى:- وهي تناسب الاشكال الاول,الذي يقول ان (انقطاع الفيض الأزلي عنه تعالى ينافي جوده وكرمه) ,(... عن أحمد بن سليمان ، قال : سأل رجل أبا الحسن عليه السلام وهو في الطواف فقاله له : أخبرني عن الجواد ، فقال له : إن لكلامك وجهين : فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عز وجل عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى وهو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع ما ليس له).ومنه يفهم ان انقطاع فيضه تعالى وعدم خلقه للعالم قبل وقته المحدد ليس منافياً لجوده,لانه هو الجواد ,ان منع ولم يخلق,او خلق ولم يمنع.
الرواية الثانية :- عن الامام الرضا عليه السلام انه قال لابن قرة النصراني : ما تقول في المسيح؟
قال : يا سيدي انه من الله.
 فقال : ما تريد بقولك من ؟ ومن على أربعة أوجه لا خامس لها,
 أتريد بقولك من كالبعض من الكل فيكون مبعضا ،
 أو كالخل من الخمر فيكون على سبيل الاستحالة ،
 أو كالولد من الوالد فيكون على سبيل المناكحة ،
 أو كالصنعة من الصانع فيكون على سبيل المخلوق من الخالق ,
أو عندك وجه آخر فتعرفناه ؟ فانقطع
ولاريب ان الوجوه الثلاثة الاولى باطلة,ولما لم يكن لها وجهٌ خامسٌ بحسب تصريح الأمام عليه السلام,فلم يبق إلاَّ الرابع وهو (أو كالصنعة من الصانع فيكون على سبيل المخلوق من الخالق) ولقد تقدم الفرق بين نسبة المعلول الى العلة,والمخلوق الى الخالق.
رأي العلم.
وأريد بالعلم خصوصاً الفيزياء الحديثة,تحت عنوان (الخلق من العدم) يقول (بول ديفيز) في كتابه (الجائزة الكونية الكبرى) ص91بعد ان شرح كيفية بدء الخلق(مجدداً,دعونا نعيد عرض الفلم إلى الوراء,ينكمش سطح الكرة نحو مركزه,إلى أن تلتقي جميع النقاط في نقطةٍ واحدة,ثم بعد ذلك....لاشيء,لكن في هذه الحالة ليس ال (لاشيء) فراغاً محيطاً,....هو في الواقع لاشيء بالفعل,لامادة ولافضاء ,عدم تام).
ورغم ان (لورانس كراوس) في كتابه (كون من لاشيء) يعلن في بداية كتابه ص15عن إلحاده بالقول (من المفيد في سياق الصراحة التامة أن اعترف من البداية ,بأنني لاأحمل تعاطفاً تجاه قناعة ان الخلق يتطلب خالقاً,وهي القناعة التي تمثل جوهر كل أديان العالم) .
ولكنه يعترف بما يطابق روايات اهل البيت عليهم السلام ,فهو يقول في ص19(ومن النظريات التي تشكِّل أساس الفيزياء المعاصرة,أن الحصول على شيءٍ من لاشيء ليس مشكلة,وبالفعل,ربما يكون ضرورياً لكي يصبح الكون موجوداً,أن يخرج شيءٌ من لاشيء).



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77197
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28