"الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين و الخونة ، لا يعتبر ضحية ، بل شريكا في الجريمة " (1) قد يُغضب هذا الكلام طائفة كبيرة من الجماهير ولكن هذه هي الحقيقة التي لا تغيرها القناعات والمذاقات .
ما لم نمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ لن نحظ بحكمة التوصل الى حل او الخروج من المأزق اذ ان بناء الحل متفرع على ادراك وتحديد المشكلة تصديقا لا تصورا فسؤال ( اين الحل ) لابد ان يسبقه سؤال (ما هي المشكلة واين )؟
وقد تواجه مثل هذا الموضوع اشكاليات كثيرة : مفهومية ، اجتماعية ، دينية ؛ كالسؤال عن مفهوم المسؤولية وظرف تحملها والموانع والمحفزات على اسبابها من دور القوى الخارجية والداخلية في التغرير بالشعب وما الى ذلك ؛ ولكن دعنا نلج الموضوع بسرد بسيط بعيد عن هذا التعقيد .
ما هي المشكلة واين ؟
المشكلة كل المشكلة قد تم ايجازها في المقطوعة التي في اول المقال ؛ شعب قد غرر بأغلبيته لتتخلى عن واجبها بدوافع طائفية ، عاطفية ، و نفعية احيانا كثيرة اضافة الى ضعف الشعور بالمسؤلية والتماهي في النهوض بها .
شعب يتعامل مع الاشخاص لا مع المواقف والمبادىء لذا تجده متقلبا من جهة المبادىء ( كل يوم هو في شأن ) تبعا لتقلب مصالح اصنامه في حين تجد وبوضوح صنمية الاشخاص تعمر عنده قرونا وقرونا متجاهلا كل مساوئهم كما قال الشافعي :
وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا
ومما يرشدك الى صدق هذا المدعى خيبة دعاوى التغيير في الانتخابات الماضية رغم ان رائدها كان المرجعية العليا في النجف الاشرف التي يحمل تجاهها الناس من الولاء ما لا يحملونه لاي قيادة سياسية ورغم انها جاءت بعد تجربة سياسية فاشلة ومريرة مما يكشف عن تعاظم الانتماء السياسي وصنمية الاشخاص الى حد مرعب مصحوبا بقلة الوعي الانتخابي فالناخب لم يطالب المشرح باي شيء لا بخطة ولا بجدول اعمال مضبوط التوقيت ولا برؤية سياسية ولا اي شيء انما اكتفى ببعض العناوين الطائفية او القومية او النفعية وما الى ذلك
الامر الذي جعل الانتخابات محسومة النتائج مسبقا واضعف دورها في الضغط على المتنفذين اذ تيقنوا الاستيلاء على كراسيهم ذاتها او ما يساويها في اي انتخابات قادمة بل منذ 11 سنة وكرسي رئاسة الوزراء محتكر من قبل ذات الحزب رغم فشله الذريع مما يشكل دالة سيئة في الوعي الانتخابي .
اين الحل :
عندما يدرك الشعب ان وظيفته المراقبة والمحاسبة وليس التصفيق والتملق وتحنيط الاشخاص عندها فقط يمكن ان نتقدم خطوة الى الامام
عندما يقرر المواطن ان يراقب ان يحاسب ، ان يغير ، ان يحكم هو لا ان يكون محكوما عندها فقط يمكن ان نتطلع لعراق مشرق
الديمقراطية هي حكم الشعب لا حكم مجموعة من المتنفذين واللصوص وقطاع الطرق
على الشعب ان ينهض بالمسؤولية ليحكم نفسه بنفسه من خلال الاختيار المناسب ومن ثم المراقبة والمحاسبة والا فمن سيء الى اسوء .
_________
(1) من مشهورات الصحفي والروائي البريطاني إريك آرثر بلير المشهور باسمه المستعار جورج أورويل ت 1950 م .
* هذا المقال تتمة لمقال سبقه بعنوان ( ثورة النواب : عندما ترتدي الافعى ثوبا جديدا ) تجده على هذا الرابط
www.kitabat.info/subject.php
** ذكرت في المنشور السابق ان الخيار الامثل ربما يكون هو الصيرورة الى انتخابات مبكرة واعترض احد الاخوة بان الانتخابات ستنتج ما انتجته التي قبلها فالاحزاب هي الاحزاب والجواب كما يظهر من هذا المقال هو : ان الرهان كل الرهان على مقدار الوعي الذي اكتسبه الجمهور خلال هذه التجربة وان كانت صنمية الاشخاص لا زالت رائدة الموقف كما يظهر من مواقع التواصل الاجتماعي الا ان هناك امل بثلة لا بأس بها بدأت تستعيد رشدها وواجب الطبقة الواعية ان تعمل على مشروع التوعية الانتخابية وضرورة التخلي عن التعصب للاشخاص اذ يجب ان نحاسبهم ومعيب جدا ان نتملق لهم كائنا من كانوا |