• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نحن شعب عجيب .
                          • الكاتب : عباس طريم .

نحن شعب عجيب

 نعم نحن شعب عجيب .. نحتقر الطيب ولا نقيم له وزنا , ونهاب الشرير وتنشرح قلوبنا لمقدمه . ونحترم السارق ونجله , ونزدري النزيه ولا نعير له اهتماما . نهاب القوي ونمجده , [ ونسبه لحد جده السابع ] خلف ظهره . نحترم الغني حتى وان كان بخيلا وجلفا , المهم انه غني وعلينا احترامه . ونعامل الفقير وعسير الحال , معاملة الحيوان . اذا تخاصما زيد وعمر , وجاء ابن الحلال الذي يوفق بينهما , سرعان ما ينقلبوا عليه فيصير عدوهما وتنقلب الطاولة فوق راسه . نصلي ونسرق
ونعلم علم اليقين , بان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر . المسؤول فينا يرتشي , واليافطة فوق راسه مكتوب عليها [ لعن الله الراشي والمرتشي ] نفسر ايات الله ! جل جلاله , بما يتوافق واعمالنا الدنيئة , واصبح الصادق , عملة نادرة من الصعب ايجادها بيننا , وانعدمت المصداقية في التعامل.
الحقد والحسد يملان قلوبنا ولا نتمنى لابناء جنسنا الا الخراب . ولا نحب لاخينا ما نحب لانفسنا , ونفسر ديننا , بما يتوافق ومصالحنا الدنيوية , فنحلل ما نحلل ونحرم ما نحرم . خطيبنا ينصحنا بالابتعاد عما يفعله هو كل يوم , وكبيرنا ينهانا عما يمارسه في الليل والنهار .
الجشع يملاء قلوبنا جميعا , والمال يغرينا , ونتمنى الوصول اليه باي طريقة مهما كانت ومهما كان السبيل للحصول عليها . من ينادي بقطع دابر الفساد , هو راس الفساد الاول عندنا. ومن يبحث عن طريقة ناجعة لهلاك الحرامية , هو المنظر الاول والمخطط الرسمي لكل السرقات . ومن يحمي الوطن وتتكل عليه امة محمد , هو الجرذ الكبير الذي يدخل بقدرة قادر الى البنوك فيقضي عليها ويترك جدرانها خاوية داوية . تغني بقصيدة :[ انه وجيبي تسامرنه وحجينه ... الدرهم والفلس حسره علينه .
والبطانه خفيفه ... مكنوسه ونظيفه . انه وجيبي , انه وجيبي تسامرنه وحجينه  .واذا تغير المسؤول الفاسد , فالذي ياتي افسد منه بالف مرة . وكل وزارة دولة مستقلة , والوزير يحيط به اخوته وعشيرته وحاشيته المقربة .
وكل ما يخصص للوزارة من اموال تذهب الى الجيب وتنقل خارج العراق , وتربع العراق على عرش الفساد , وجاء بالمرتبة الاولى حيث حصد جميع الجوائز دون منازع , وانتقل من اغنى بلد في العالم , الى دولة [ مفلسة ] تقترض من اليابان وغيرها , وتتوسل بالامم لمساعدتها في توفير الرواتب , وحقوق الناس ضاعت واصبح حالهم يرثى اليه , وانتشرت الرشوة والمحسوبية في كل مفاصل الدولة , وتغير اسم الرشوة الى [ المعلوم ] اي الذي يجب ان يدفع قبل كل شيء .
قال والدي رحمه الله !: سافرنا في باص قديم الى خارج محافظتنا , وعند نقطة التفتيش صعد الشرطي ليفتش الاغراض , واذا باحد الركاب ينادي الشرطي : [ياحضرة الشرطي هاي المرة  شايله وياهه اغراض مهربه واحنه لازم انحافظ على وطنه ] فقال له الشرطي [ تعرف وين امخليه الغراض ] فقال نعم في المكان الخلفي للسيارة .
اشار الشرطي للحجية ان تنزل , نزلت وهي تبكي وتصيح [ ولك الله لا يوفقك يبو رباط اتورطت وكتلك . ] اخذت الحجية تبكي وتتوسل بالشرطي ان يتركها لان الغراض امانة لجيرانها , وهي عبارة عن سكائر وقطع ذهبيه صغيرة , ليس الا .
فحن لها الشرطي وفكر في [ لفط الغراض ] وقال : [ المفروض انوديج للاعدام فورا لان هاي خيانه , وانعدمج مثل حسقيل , بس اني طيب وراح اصادر المواد واوديهه البغداد واكول المهرب شرد وما كضيناه , بعد شتردين  خلصناج من الاعدام حجيه ] فقبلت الحجية بالصخونه لانها افضل من الاعدام ] وقام الشرطي , بتقديم الشكر الجزيل للشاب الشهم الوطني  الذي كان سببا باكتشاف ذالك التهريب الخطير .وكانت بجانب اغراض الحجية , ثلاث حقائب كبيرة .. صاح الشرطي : لمن هذه الحقائب . اجاب الشاب الذي وشى بالحجية : انها لي ياحضرة الشرطي [ اتريد افتحه الك ] فاجاب الشرطي : [لا بويه انته شهم وطني وشريف شلون نفتح جنطتك , جا موش انته الدليتنه على المهربه الخطيره , احنه هواي متشكرين منك يابعد عمك . وقبله في راسه ] وهكذا تركت جنط الشاب , صاحب القاط والرباط . هذا والحجية تنوح كما ناح الحمام المطوق [ ياهلي يامن ضيعوني ] . حتى مل الركاب من اهازيجها الحزينة [ وكولاتها التي ابكت كل الحاضرين ]. وعندما نزلنا في محطتنا الاخيرة , اشار الشاب الى الحجية ان تمشي خلفه , فقالت : [ خاله بعد شتريد مني هجمت بيتي, الله يهجم بيتك وبيت الخلفك ]فضحك الشاب وقال : [ مقبوله منج حجيه ] بس اني اريد اعوضج لاني انا المهرب الحقيقي , وهذه حقائبي فيها مصائب , ولولا اني ورطتك , لكان مصيري الان في السجن , اضافة الى مصادرة البلاوي الموجودة في الحقائب . فكم ثمن الاغراض التي صودرت منك ؟ واخرج محفظته واعطاها ضعف ما خسرته . عندها قبلته الحجية وقالت [ يمه ما ادري بيك ملج ابن ملج وشيطان ابن شيطان , جا شلون ايكول عنك الشرطي وطني واتحب البلد وتاليتك مهرب وحرامي]. هذه القصة القديمة التي اصبحت لا شيء امام تدهور المنظومة الاخلاقية وانحدار الانموذج الامثل الذي كان يسعى اليه الفرد العراقي . والا ما هو التفسير المنطقي للسرقة المتواصلة؟ 
فما ان نتخلص من سارق , حتى ياتي من هو احط منه واكثر نجاسة . ومن حقا ان نسأل : الا يوجد نزيه في العراق ؟ وهل جميعنا حرامية فعلا ؟ الا يوجد من يقدر الارض التي ولد فيها ؟ الا يوجد من يخاف الله ورسوله ؟ من اي طينة هؤولاء الذين جاءوا ..فقلبوا التراب على ساكنيه , واحالوا الحياة الى جحيم . منذ الاطاحة بالنظام السابق الى يومنا هذا .. لم نسمع بنزيه واحد في بلدنا , ولا بموقف وطني حقيقي من قبل اصحاب القرار الذين يمسكون بحبال اللعبة السياسية . 
بينما نسمع اقوالا خالية من الافعال , فالى متى هذا الضحك على الذقون ؟ الى متى ؟  الى متى ؟
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77386
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16