• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل باع السيسي أرضا مصرية من أجل عيون إسرائيل؟ .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

هل باع السيسي أرضا مصرية من أجل عيون إسرائيل؟

 فوجئ الشعب المصري والشعوب العربية بإعلان تسليم مصر جزيرتين إلى السعودية إثناء زيارة ملكها (سلمان بن عبد العزيز) في (7 / 4 / 2016)، وتقع الجزيرتان في البحر الأحمر في مدخل خليج العقبة، وموقع الجزيرتين ستراتيجي بالنسبة لمصر وإسرائيل، إذ تتحكم الجزيرتان (تيران وصنافير) الواقعتان في مدخل خليج العقبة، بالملاحة البحرية من الخليج إلى البحر الأحمر وبالعكس، وقد احتلت اسرائيل الجزيرتين مرتين، في عام ( 1956) أثناء العدوان الثلاثي على مصر، ثم عادت الجزيرتان إلى مصر لتحتلهما إسرائيل مجددا مع شبه جزيرة سيناء في حرب ( 1967 )، وفي حرب تشرين عادت سيناء إلى مصر ، أما الجزيرتان المهمتان فلم تعودا لمصر إلا عام ( 1982 )، ((وتخضع الجزيرتان وفقا لمعاهدة كامب ديفيد للفقرة (ج) في الاتفاقية الخاصة بالمنطقة المدنية المنزوعة السلاح .. ولا زالت ترابط بالجزيرتين قوات دولية متعددة الجنسيات من أجل مراقبة البحرية الإسرائيلية والمصرية))، ولولا أهمية الجزيرتين بالنسبة للملاحة الإسرائيلية، لما رابطت قوات دولية في الجزيرتين، إذ تشكل الجزيرتان موقعا ستراتيجيا مهما بالنسبة لإسرائيل،  فهل تسليم الجزيرتين إلى السعودية جاء من أجل عيون إسرائيل؟
 إعطاء الجزيرتين من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السعودية لم يكن بلا ثمن، والسعودية هذه هي طريقتها في التعامل لقضاء حاجاتها وتحقيق أهدافها، المال مقابل ما تريد تحقيقه، ذكرت الأخبار المتحدثة عن زيارة الملك السعودي لمصر، أنه عقد جملة من الإتفاقيات، تشكل بموجبها صندوق استثمار مصر بكلفة إجمالية تبلغ ( 60 ) مليار ريال سعودي أي ما يعادل ( 16 ) مليار دولار، مع هدايا شخصية إلى الرئيس المصري السيسي وحاشيته، عبارة عن ساعات يدوية بكلفة   (6 ) ملايين ريال سعودي، ونقول للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مبروك لك الهدايا الشخصية فخامة الرئيس لكن أرى إنها فرحة لن تدوم.
 كذلك ضمنت السعودية موقف الأزهرلصالحها من خلال شيخ الأزهر(أحمد الطيب) الذي أخذ يدافع عن المواقف السعودية منذ سنة ( 2013 ) ولغاية هذا اليوم، وللعلم فقد أعلنت السعودية خلال زيارة الملك (سلمان) الأخيرة لمصر، عن نيتها بناء مدينة طلابية في الأزهر الشريف وهذا أمر جيد ومحمود، لكن ما هو الثمن المقابل الذي سيدفعه الأزهر إلى السعودية؟ هذا إن استمر موقف مصر والأزهر بما يرضي السعودية، وسبق وأن قدمت السعودية مبلغا من المال إلى الأزهر ما بعد سقوط حكومة الإخوان، وعلى ضوء ذلك سمعنا موقف رجل الدين شيخ الأزهر كيف يكيل المديح للسعودية ويدافع عن مواقفها في كثير من المواقف حقا وباطلا؟ 
نؤكد أن السعودية تتعامل مع مصر بإحسان مادامت تسير في خط السير المطلوب، لكن لن تفِ السعودية بتعهداتها إن خرجت مصر ولو قليلا عن خط السير المرسوم، أو جاء الإيعاز إلى السعودية من الأسياد بتغيير الإتجاه، عليه في تقديري إن  التعهدات والإتفاقيات بين السعودية ومصر لن تدوم، وستتغير بوصلتها بعد تحقيق الأهداف السعودية، أو في حالة شعور السعودية أن مصر انحرفت عن الخط المرسوم لها، وهذه هي طريقة السعودية في التعامل مع من تريد منه مصلحة معينة، وقد تتغير النوايا السعودية إذا شعرت ان الشعب المصري أخذ بالحراك ضد الأهداف والنوايا السعودية.
  نود تذكير القارئ الكريم بمقالة كتبتها في بداية تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر، وحراك السعودية في ذلك الوقت لدعم السيسي ضد حكومة جماعة الإخوان المسلمين برئاسة محمود مرسي، وقلت أن دعم السعودية إلى السيسي لا يمكن أن يكون بلا ثمن، وحذّرتُ في حينها الرئيس المصري من السعودية في مقالة منشورة بعنوان: (إلى فخامة رئيس مصر عبد الفتاح السيسي: إحذر من السعودية ).
 نقتطف من المقالة نهايتها للعلاقة بين المقالتين: (لا نشك في وطنية وإخلاص وحرص الرئيس المصري الجديد (عبد الفتاح السيسي ) على مصر وشعبها، لكن في نفس الوقت عليه أن يقرأ النوايا السعودية، فهي لن تقدم المال لوجه الله تعالى، ولا تدفع من دون ثمن، على الرئيس المصري أن يحيط علما بالنوايا السعودية، فهي تقدم المال لكنها في نفس الوقت تريد ثمنا لذلك، نتمنى أن لا يكون الثمن غاليا بحيث يجبر الرئيس الجديد ليضحي بمصالح مصر، أو أن يكون أسيرا للإرادة السعودية، التي من مهامها في المنطقة تطويع حكومات البلدان العربية والإسلامية من خلال المال المدفوع لتسير بتوجيهاتها وإرادتها، وهذا ما تفعله في لبنان والبحرين واليمن ودول أخرى في المنطقة، ندعو الرئيس السيسي أن يكون على بينة من النوايا السعودية، وأن يكون أكثر حذرا منها، لأن البلدان العربية تنظر إلى مصر باهتمام كبير، فهي واجهة مهمة للبلدان العربية، ولا تتمنى الشعوب العربية أنْ تقع مصر أسيرة الإرادة السعودية بسبب الأموال التي تدفعها إلى مصر، واليوم توضحت الصورة بعد هجوم السعودية على اليمن بدعم أمريكي صهيوني مفضوح، ومعها محور حكام النفط العربي، إنهم يريدون توريط مصر في مشاكل المنطقة، بل ربما تريد السعودية من مصر ما هو أكبر من ذلك، عليه واعتزازا بالشعب المصري الشقيق، نقول إلى رئيس مصر، عبد الفتاح السياسي : إحذر من السعودية الوهابية .)
واليوم وقع المحذور بيع جزيرتين مصريتين ستراتيجيتين إلى السعودية، وهذه هي طريقة السعودية في التعامل مع الآخرين، أن تشتري المواقف السياسية لدول وسياسيين، بدولارات النفط السعودي المنهوبة من قوت شعب نجد والحجاز، والشراء يكون بدفع المبلغ مباشرة خاصة مع الأشخاص، أوعقد اتفاقيات مع الحكومات تدر المال على الدولة التي تريد السعودية شراء موقفها، لكن الدفع السعودي قد يتوقف فجأة فيما لو تغيرت النوايا السعودية باتجاه آخر، مثل ما فعلت مع لبنان أخيرا عندما أوقفت الدعم المالي عن الحكومة اللبنانية، لأن المال السعودي عجز عن تغيير بوصلة السياسية اللبنانية بالاتجاه الذي تريده السعودية، واليوم اتجهت السعودية إلى مصر منذ عام ( 2013 )، لأنها شعرت بالضيق من جماعة الإخوان المسلمين الوهابية، إذ تشعر إن جماعة الإخوان ينافسونها على مركزها في قيادة الحكومات السنية في المنطقة، لذا فهي لا تقبل بأي منافس حتى لو كان وهابيا، لهذا رأينا عندما ثار الشعب المصري على حكومة جماعة الإخوان، وقفت السعودية داعمة للحراك ضدهم، إذ وقفت إلى جانب عبد الفتاح السيسي ودعمته ماليا وإعلاميا، ونجح السيسي فعلا في تسلم السلطة، فكانت المفاجأة الكبيرة التي أُعلنت أثناء الزيارة الأخيرة للملك السعودي سلمان إلى مصر بتأريخ ( 7/ 4 / 2016 )، عندما سلّم ( السيسي ) جزيرتي ( تيران وصنافير) إلى السعودية بدعوى أن ملكيتها سعودية، وهذه أول مرة تحصل أن تشتري السعودية أرضا مقابل المال، إذ المعتاد أنها تشتري مواقف الدول ورجال السياسة، فإذا تابعتم مواقف الدول والسياسيين الذين تتغير مواقفهم فجأة، وكانت السعودية طرفا في هذا التدخل، فاحكموا أن هذه الدولة أو الشخصية السياسية قد استلمت الثمن نقدا، وهذا الاسلوب لا تتبعه السعودية فحسب بل جميع دول النفط الخليجي كقطر والأمارات وغيرهما، وهذا الدفع يأتي أحيانا بإيعاز من الراعي الكبير أمريكا.  
نختم مقالتنا بفقرات من مقالة الكاتب المصري ( علي عويس ) المنشورة في موقع  (حركة مصر المدنية ) بتأريخ ( 9 / 4/ 2016  )، إذ بين تأريخيا ووثائقيا عائدية جزيرتي ( تيران وصنافير ) لمصر، قال: (( لا يمكن أن يتم تمرير فكرة التفريط في أرض مصرية ولا زالت لنا أرض محتلة هي أم الرشراش المغتصبة ( إيلات )، علينا العمل بكل وسيلة لتحريرها ..! وعليه أردنا أن نوضح هنا جملة من الحقائق التأريخية لتصحيح وجهات النظر التي يسيل بعضها بالجهل وتستحوذ الغفلة على وعي الآخرين .. فالجزر ( تيران وصنافير ) مصرية بموجب معاهدة لندن( 1840) التي أعقبت موقعة(نزيب) بين الجيش المصري البطل في عهد (محمد علي باشا) والعثمانيين عام ( 1839 م )،  وكانت الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على الحجازحينئذ بصفتها دولة الخلافة، قد حاولت الاستيلاء على هذه الجزر لولا وقفة عباس حلمي الثاني الحاسمة، والتي أنهت الأمر بتوقيع معاهدة ( 1906 )، وأقرت بها لجنة تحكيم طابا بدنا من صفحة ( 15 ) في تقريرها، ورفض الرئيس الأسبق حسني مبارك أي تغيير في هذه الحدود، وهي مثبتة حتى الآن في موقع البيئة المصرية كمحميات طبيعية مصرية تابعة لمحمية رأس محمد ..))، واستهل الكاتب المصري مقالته (( من يفرط في شبر سيفرط في عرض، وحينها فكل الحدود مباحة وكل الأرض منهكة، ولا أمل في شيء له عاقبة، بعدما أصبح الوطن في سوق النخاسة ساحة منهكة ..!! ))، وختم مقالته بقوله: 
(( فهل بعد ذلك يخرج من بين السطور مدع يروّج لأكذوبة تنزع عن جزر( تيران وصنافير ) المصريتين أصالة الانتماء للوطن من أجل حفنة من الدولارات، لا يمكن لها أن تشتري ولو جزءا من وطن ... أفيقوا يا سادة واستردوا عقولكم ... ولا يهزمنكم الاستضعاف والحاجة ... فالأوطان خارج مزادات الشراء والبيع والترويج والتزوير والتطبيل ... وليت المغيبون عن الوعي يدركون ذلك ...!! )) .
وبهذه المناسبة نشر أحد المواقع الإلكترونية معلومة عن مشروع إسرائيلي لإنشاء قناة في نفس الموقع تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط تنافس قناة السويس واسم المشروع ( قناة بن غوريون )، والظاهر إن كاتب المعلومة هو أحد المواطنين المصريين ننقل نص المعلومة: 
(( قناة بن غوريون، هو مشروع إسرائيلي لعمل قناة بحرية منافسة لقناة السويس من ميناء إيلات على البحر الاحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، وقناة بن غوريون تسع مرور السفن في الاتجاهين، وستقام محطات لوجستية وفنادق على جانبي القناة، وسيتم تخفيض رسوم المرور للسفن داخل القناة، مدة تنفيذ المشروع ثلاث سنوات ورصدت إسرائيل ميزانية قدرها 14 مليار دولار، تكلفة إنشاء القناة، وستمر السفن من البحر الأحمر عبر خليج العقبة الى ميناء إيلات ثم الى البحر المتوسط، ولكن هناك مشكلة تعوق تنفيذ المشروع وهي أن المدخل الوحيد لخليج العقبة والصالح للملاحة البحرية هو بين جزيرة تيران المصرية والساحل الشرقي لمحافظة جنوب سيناء المصرية، أي داخل المياه الإقليمية، ويمكن أن تغلقه أو تفرض أي رسوم نظير استخدام مياهها الإقليمية في المرور الى خليج العقبة، بتنازل مصر عن جزيرة تيران الى السعودية يصبح الممر المائي بين جنوب سيناء المصرية وجزيرة تيران التي اصبحت سعودية أصبح مياه دولية لا يحق لأي دولة كانت السعودية أو مصر بالتحكم فيه، بتنازل مصر عن جزيرة تيران تنازلنا عن أهم مورد للدخل القومي المصري وهو قناة السويس، وستفقد مصر أهميتها الستراتيجية بالاشراف على أهم معبر مائي عالمي، إسرائيل هي الرابح الوحيد في المعادلة. ))
 وأضيف على ضوء هذه المعلومة، أن كلفة المشروع البالغة ( 14 ) مليار دولار لا نستبعد أن تتكفل السعودية ودول الخليج الأخرى بدفعه، إرضاء للسيد الأمريكي والصهيوني، والثمن حماية حكم السلاطين لبقائهم أطول مدة ممكنة متشبثين بكرسي الحكم،  وأخيرا نقول: لا بد للشعب المصري أن يقول كلمته، ويضع حدا للمزاد العلني لبيع الأرض المصرية، ويحفظ قناة السويس من أن تتحول إلى قناة معطلة.    
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77536
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28