• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المسامير .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

المسامير

كنت في لقاء ثقافي ضم عددا من المثقفين والمفكرين الأجانب , وأثناء التعارف بدأ الحديث معي أحد الحاضرين متسائلا عن كيف أرى السياسي العراقي؟

 فاجأني سؤاله , لكنني قلت له مازحا : وهل  يوجد سياسي في العراق؟! 

فرأيت علامات الدهشة على وجهه  , وإحتار في الجواب, لكنني أضفت : يبدو أن لديك تعريف أو وجهة نظر. 

قال: لقد فنّدت ما أرى وأيقظتني ونبهتني! 

قلت: كيف؟ 

قال: تعريفي كان على إفتراض أن هناك ساسة في العراق , ووجدت أن السياسي العراقي يمكن تعريفه بأنه مسمار في الكرسي . 

قلت : نحن على إتفاق فهذا التعريف يلغي كلمة سياسي.                             

ثم إنتقلنا إلى موضوعات أخرى مرتبطة بذات الفكرة , فالحديث ذو شجون.                          عدت إلى مقعدي متأملا المسمار بالكرسي , فهذا أجنبي مثقف ومفكر ويرى أن كل (سياسي) عراقي عبارة عن مسمار في كرسي ,  وفي واقع الحياة السياسية المضطربة وفقا لأجندات الآخرين , لا يوجد في العراق سياسة أو ساسة , وإنما مسامير يتم دقها في الكراسي , ولكل مسمار مطرقة ذات حجم يتناسب والمطامع الخفية والمعلومة. 

والمسمار  يحتاج إلى يد تضعه في المكان المعلوم ويد تمسكه ومطرقة تضرب رأسه بقوة وإتجاه يحافظ على إستقامة نفاذه ,  وفي زمننا المعاصر هناك أجهزة أو مطارق كهربائية تدق المسامير في الخشب , دون أن تمسكها اليد وتجهد في طرقها العضلات. 

ومَن يتأمل مَن يسمون أنفسهم (ساسة) يجد أنهم عبارة عن مسامير قد دقت في الكراسي , ولا حول ولا قوة لها إلا الإستقرار في مكانها , لأن المطارق مسلطة على رؤوسها , ولا تعرف خيارا إلا الإندحار في الكرسي.                                                                                

وقد يسأل القارئ إلى متى يبقى المسمار في الكرسي؟

 والجواب , أن المسمار يبقى في الكرسي حتى يحترق ذلك الكرسي!!

فالكراسي لها أدوار مرسومة ومرهونة ببرامج ذات أعمار معلومة , وعندما تنتفي الحاجة إليها يتم إحراقها , والتمتع بمنظر دخانها والتخلص من مساميرها ,  وقد رأيتم على مدى العقود الماضية , العديد من الكراسي المحروقة , والمسامير التي طمرت في التراب , ولا تختلف هذه المسامير عن المسامير التي سبقتها , ولكل مسمار عمر معلوم ومطرقة معروفة.                

ووفقا لهذا فأن السياسة لا وجود لها في العراق , والسياسي غائب ومفقود, منذ تأسيس دولته وخصوصا في  النصف الثاني من القرن العشرين ولحد الآن.

 

الموجود في العراق ينطبق عليه قول  

 " كل مًن صخم وجهه صار حداد" , وهذا هو الواقع المؤلم!!

 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77899
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29