في عالم الساسة والسياسة يحرص ويهتم اصحاب الشأن على السرية والكتمان الى اقصى الحدود، لكن رغم كل ذلك الحرص والاهتمام لايمر وقت طويل حتى تتسرب كل الخفايا والاسرار بقدرة قادر ويصبح حتى المواطن العادي والبسيط جدا على علم ببعض ما حصل في هذا الاجتماع السري والخاص جدا او ذاك.

   واجتماع قادة الكتل السياسية في منزل رئيس الجمهورية جلال الطالباني خير مثال على ذلك.

   وما شاهدناه من لقطات للاجتماع من على شاشات التلفاز اوحى بشكل عام ان الاوضاع والامور طبيعية او هكذا تبدو بين قادة الكتل، ولكن كان الواقع فيما لم يظهر على التلفاز شيء اخر تماما.

  اثبتت طبيعة النقاشات بين المالكي وعلاوي ان الازمة بينهما لايمكن حلها لا في هذا الاجتماع ولاحتى في مائة اجتماع غيره.

   الحوار بين الرجلين اشبه بحوار طرشان، كلل واحد يتحدث من دون ان يسمعه الاخر ولا يصغي اليه، وحتى لو سمع واصغى فأنه لايتجاوب ويوافق على حرف مما يقوله الاخر.

  المالكي اراد من غريمه علاوي والقائمة العراقية ان يوافقوا على بقاء القوات الامريكية في العراق ، وهم ارادوا منه ان يلتزم بالاتفاقات المبرمة –أي اتفاقات اربيل بحذافيرها، وهو يقول لهم ان هذه امور بسيطة ونستطيع حلها وحسمها بعد الانتهاء من امر بقاء القوات الامريكية، وهم يقولون له اذا كانت بسيطة فعلا فلماذا لم تحلها وتحسمها خلال الاشهر السبعة الماضية، وهو يقول انا القائد العام للقوات المسلحة ولي حق التصرف واتخاذ ما اراه مناسبا، وهم يقولون له وهذا يؤكد انك تريد ان تحكم بمنهج ديكتاتوري وتقصي الجميع، وهو يقول انكم تريدون اضعاف الحكومة وافشالها واسقاطها وهم يقولون نحن نريد ان نكون شركاء حقيقيين فيها وليس شركاء شكليين.

   عندما يتحث علاوي او احد قادة او ممثلي القائمة العراقية اما ينفعل ويحتد المالكي او يتعامل بتهكم وسخرية وازدراء ، وعندما يتحدث هو يقابل بسيل من الانتقادات والملاحظات والتحفظات والاعتراضات.

   كل ذلك حصل في اجتماع منزل الرئيس الطالباني قبل اكثر من اسبوع.. والظاهر على مايبدو انها كانت مسرحية كوميدية –تراجيدية في نفس الوقت ليس للشعب العراقي المغلوب على امره ناقة فيها ولاجمل.