• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محنة الامام الكاظم(ع)مع العباسيين .
                          • الكاتب : د . آمال كاشف الغطاء .

محنة الامام الكاظم(ع)مع العباسيين

          الخلاف بين الامامية والعباسيين 

لم يدرك العباسيون ادراكا تاما ما يهدف اليه العلويون الائمة سلالة الامام الحسين (ع) وهنا تكمن سر محنة الائمة (ع)مع الحكام الطغاة. ولم يعرف الامويون والعباسيون ما كان يهدف اليه رسول الله (ص) في دعوته وسمى العصر ما قبل رسول الله بالعصر الجاهلي لا لجهلهم القراءة والكتابة وانما افتقارهم الى آليات وقواعد العدالة الاجتماعية التي تتطلب توزيع المال توزيعا عادلا وحفظ كرامة الفرد ونقل المجتمع من حالة البداوة التي يكسب فيها المال عن طريق الغزو الى حالة المدينة التي يكسب المال فيها عن طريق العمل.

            الزمن التاريخي والعضوي 

اعطى الإسلام أهمية للتفاعل بين الزمن التاريخي الذي يحسب بعدد السنين والأيام والساعات والأحداث التي تمر بها والزمن العضوي الذي يقاس بتفاعلنا وتطورنا وتعاملنا بفعل الزمن التاريخي فلم يتجاهل الإسلام الخطر القادم من اليمن بغزو الكعبة ولا طرق التجارة التي هي عصب الحياة لمكة وللأمم الماضية واستخلاص العبر منها والائمة (ع) يواكبون بين الزمن العضوي والزمن التاريخي ونجده في سلوكهم بتوزيع الثروات ورسالة الحقوق والصحيفة السجاديه اما الامويون والعباسيون فكان اهتمامهم بالزمن العضوي اي انفعالهم واحاسيسهم ورغباتهم دون اخذ الزمن التاريخي بنظر الاعتبار فسعو لإرساء دعائم الحكم باي وسيلة فالأمويون اعطوا اهمية للمضريه على حساب الاقوام الاخرى اليمانية والموالي اما العباسيون فتحركوا على محورين الاول المطالبة بحق العلويين تحت شعار (الرضا لآل محمد ) والثاني استقطاب اليمانية والموالي لدعوتهم 

               اسلوب حكم العباسيين

بعد ان تولى العباسيون الحكم انكشف امرهم فهم لا يختلفون عن بني امية في شهرة الحكم بل اشد قسوة وضراوة فقد نقضوا العهود وقتلوا القادة الذين انتفت الحاجة إليهم فأبو سلمة الخلال اغتيل وهو خارج من قصر الخلافة ليلا وذكر المؤرخون انه راسل الامام الصادق (ع) يطلب منه اعلان نفسه خليفة فكان رد الامام (ع) 

أيا موقد نارا لغيرها ضوؤها ويا حاطبا في غير حبلك تحطب 

واحرق الرسالة واعادها وقال هذا هو الرد. وكتب ابو مسلم الخراساني الى ابو جعفر يذكر انه كان مخدوعا وان الله أنقذه بالتوبة كما ذكر الطبري في تاريخه ج7

          تعامل أبو جعفر مع بني الحسن 

تأجج الصراع بين العلويين والعباسيين عندما تولى امر المدينة صعلوك من صعاليك العرب ليلقى القبض على بني الحسن وهو ابن عم مسلم بن عقبة المري الذي استباح المدينة في وقعة الحرة فعرف نفسه انه الأفعى بن الافعى وانه سيجعل المدينة ارضا بلقعا 

اقتيد  بنو الحسن من المدينة الى قصر الخلافة (الكوفة) استعمل المنصور فحش القول في خطابه معهم فهو يقول لاب زوجة إبراهيم اخو محمد ذو النفس الزكية انت اما خائن او ديوث وخاطب احدهم يا ابن اللخناء ودفن محمد الديباج وهو حي كما أورد الطبري ثم ارسل يستدعى الامام الصادق (ع) مع بقية العلويين لوضعهم تحت حد السيف فذكر الامام (ع) الاحاديث القدسية والنبوية ليمنعه من قتلهم كما ذكر في مقاتل الطالبيين . 

                  الغرفة المغلقة 

اعطى المنصور مفاتيح غرفة الى ريطة بنت ابى العباس زوجة المهدي وامرها بتسليمها الى زوجها بعد وفاته وعندما استلم المفاتيح ضن انها غرفة مليئة بالذهب ولكنه فزع عندما رأى جماجم العلويين ورقعه عليها اسم كل واحد منهم.

                قتل الامام الصادق 

تحاش المنصور قتل الامام الصادق (ع) علنا لأمرين الاول اجتماع الابواء الذي يذكره الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ويشير اليه الطبري اشارة عابرة. الثاني ان وقعة الطف ادت الى سقوط الدولة السفيانيه والى الابد وذلك بالملائمة بين الزمان العضوي والزمان التاريخي وما آلت اليه وقعة الطف من نشوء حركات فكرية وعسكرية هو اعجاز كبير ولا يريد المنصور ان يقع في هذا الخطأ الفادح 

                انتحال الشخصية

التجأ العباسيون الى اساليب اشد قوة وضراوة من الامويين وهو انتحال شخصية العلويين فالمنصور ادعى ان ابنه محمد المهدي ربما يحل محل الامام المنتظر الذى يدعي به العلويين وقالوا (هذا مهدينا اهل البيت)

                    الشعر 

عندما تولى الخلافة المهدي مدحه ابو العتاهية قائلا 

الا عتبة مالها ادل  فأحمل أدلالها 

اتتك الخلافة منقادة اليك تجرجر اذيالها 

فلم تصلح الاله ولم يك يصلح الا لها 

والامويين اقصى ما مدحوا به هو الاخطل عندما قال 

شمس العداوة يستقاد بهم وأفضل الناس احلاما اذ قدروا 

وجرير عندما مدح عبد الملك 

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح 

واختلف الامر في زمن العباسيين عندما هنأ أحد الشعراء المأجورين هارون بن ابى حفصة المهدي بالخلافة في قصيدة مطلعها 

طرقتك زائرة فحي خيالها بيضاء تخطر بالجمال دلالها 

ثم يقول 

ذكرت لك الانفال اخر اية جبريل بلغها النبي فقالها 

في هذا البيت من الشعر سحبت الخلافة من العلويين وبالذات الامام الكاظم (ع) لتعطى الى العباسيين فأبنا الحسن (ع) قضي عليهم 

اتخذ العباسيون هذا البيت حجة لأحقيتهم في الخلافة وجاءت حجة العلويين دامغة لو كان رسول الله (ص) حيا فهو لا يستطيع الزواج من علوية سلالة السيدة الزهراء (ع) ولكنه يستطيع الزواج من سلالة العباس عمه.

أردف مروان ابن ابي حفصة قصيدة اخرى يقول فيها 

انا يكون وليس ذاك بكائن لبنى البنات وراثه الاعمام 

استحوذ العباسيون على المال والسلطة والخلافة وجاء الرد من شعراء العلويين 

انا يكون وليس ذاك بكائن لبنى البنات وراثه الاعمام

للبنت نصف كامل من تراثه والعم متروك بغير سهام 

ما للطليق وللسهام وانما صلى الطليق مخافة الصمصام 

استلم الرشيد الخلافة وقرر زيارة المدينة ولم يحض باستقبال جيد من الفقهاء وعلى ما اذكر كما ورد الامامة والسياسة بن قتيبة الدينوري ج2 احدهم الفضيل بن عياض 

وعندما سلم الرشيد على النبي (ص) قائلا السلام عليك يا ابن العم اجاب الامام (ع) (روحي له الفداء) السلام عليك يا جداه اتخذ الرشيد قراره بالفصل بين الامام واهل المدينة فعملية انتحال الشخصية وتبديل الادوار لم تؤتى ثمارها.

                     السجن 

بنيت مدينة بغداد بان يكون السجن أحد معالمها الرئيسية ولم يعرف عنه شيئا سوى ان من يدخل فيه يختفى اثره وعرفت ماهيته عندما خرج يعقوب ابن داود وزير المهدي وسلم على هارون على انه المهدي فقد عميت عيناه وابيض شعره وحاجباه وعرف ان السجن يموت الانسان فيه وهو حي.

اخرج الامام(ع) من المدينة وأودع في البصرة لقد اراد هارون ان يلاقي الامام في البصرة الايلام النفس لان البصرة زبيرية الهوى ولكن لم يحصل شيئ من ذلك فانتقل من البصرة الى الفضل بن برمك على ان لا يتصل بأحد. لم يرد الفضل ان يتحمل اثم العلويين فهو يعرف قصر الخلود وخفاياه وما يدور فيه من دسائس وفتن فجاءت المرحلة الثالثة ان نقل الامام (ع) الى سجن بغداد ليودع في طاموره لا يعرف الليل من النهار ولا تتسع سوى لجسده الشريف تحت امرة السندي بن شاهك 

ظل هارون اسير كوابيسه واوهامه فهناك انفاس تتردد في باطن الارض تهدد ملكه ويجب ان تزهق لتبدأ مرحلة اخيرة من الاستهانة بالعلويين فدس له السم ووضع على جسر بغداد فنادى المنادى هذا امام الرفضة وذلك سنة 183ه.

واخذ المنكودين الطالع الذين يحيطون ببغداد ومشكلين حزاما لها وقد أضناهم الجوع والفقر والظلم تتساءل ان هذا الجسد الشريف يشكل تهديدا لهارون؟ من هذا الامام الذي يتطلب الامر وضعه على جسر بغداد؟ ومن هم الرفضة وبدأت الذكريات تختزن في ذاكرتهم وفي سنة 187ه استيقظت العامة لترى جثة جعفر وقد شطرت نصفين ووضعت على جانبي الجسر وبدأ التساؤل جعفر يملك المال والسلطة هو واباه واخاه وخاتم الخلافة والكتب التي ترفع من قبلهم دون اعتراض؟ اما الامام (روح له الفداء) لا يملك سوى زهده وتقواه ومبدأ العدالة الاجتماعية والتوازن بين الزمن التاريخي والزمن العضوي. فماهي القوة التي يملكها والعلم الذي لديه؟ دون ان تعلم إن هارون ابن القوة والزمن العضوي الذي هو مبدأ جميع الطغاة فهم يخضعون لانفعالاتهم واهوائهم ونزعاتهم 

  لم يدرك الرشيد انه بفعله هذا هيأ الاذهان لانفجار كبير يعصف بقصر الخلد وبغداد والأمين ولم يعد أحد يعترف ويقيم وزن لابن عم رسول الله (ص) ففي حرب الامين والمأمون حدث الانفجار الكبير وهجم العيارون على بغداد ونهبت قصورها وقتل اهلها وضربت أم جعفر ونعاها الشعراء 

الم تكوني زمانا قرة العين 

واها عليك يا بغداد لن تكوني قرة العين والى يومنا هذا إذا لم ينبذ العنف والحقد والقتل. 

واها عليك يا بغداد لن تكوني قرة العين والى يومنا هذا طالما يتحكم فيك الطغاة والمارقون

دفن الرشيد في طوس وكما ذكر الطبري انه لاقى الكثير من المهانة فالكل كان يتمنى موته                 

     سلاما لك سيدي من قلب أرقة الأنين  

   سلاما لك سيدي من نفس عذبها الحنين     




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=77932
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28