• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هذه فلسفتي 8 .
                          • الكاتب : ادريس هاني .

هذه فلسفتي 8

والإنسان الكامل هو مثال للكائن الجزئي وإمكانية من إمكانية الكائن الفرد المتشوّف للمنازل الأشرف في الوجود..ولكل منزلة خطاياها..ولكن خطايا الوجود هي الجنوح نحو منازله الدنيا وانعدام ملكة السمو فيه وفقدان الرغبة إلى مجازوة مراتبه الأدنى..فالوجود ـ المعطى الأول هو إمكانية إذا ما تحولت إلى منتهى فسنكون أمام شكل من التكامل في الشروط الدنيا للوجود..وأمّ الخطايا هي تناول الوجود الأدنى برموز الوجود الأعلى وهو مصداق للهروب من مهام الرقيّ الوجودي ، إذ لا رقيّ دونه. ولا شك ان لكل نرتبة من مراتب الوجود أخلاقياتها وملكاتها ، وفي الغالب تندك ملكات كل مرتبة إزاء الأخرى فيستشعر أحدها الاستغناء عن الآخر، ويعدم ذوق هذا في ذاك..تسود الوجود الأدنى أخلاقيات تطبيقية تخص قطاعاته وأزماته ونفاقه الاجتماعي ولكنها لا ترقى به قيد انملة في مراتب الوجود..وعند اصطادم الأذواق في مدارات الوجود الحزينة يصبح التواصل مستحيلا ، يتشبّث الوجود الأدنى بلغة يغمرها النفاق الوجودي بينما تدفع الضحالة المتشوقين للوجود الأعلى إلى تبنّي الرموز الحقيقية للعالم الأدنى وتمثل ذوقه في نوع من الممارسة المحكومة بالوعي الشّقي عند اصطدام العالمين..فتصبح معايير الوجود الأدنى هي تراتبيات اجتماعية تذكّرنا بقبائل النّمل والبقّ بينما معايير الوجود الأعلى هي تراتبية أنطولوجيا أبعد مدى في الروح والعقل..إنّ انعدام الملكات في الوجود الأدنى يحرم الكائن الهارب من شرف الوجود من مساءلة الذات، فيستسلم استسلاما منكرا لقدر وجود أدنى هو إمكانيته الأولى التي تعتبر أخلاقه مجرد تكريس لشروط العيش في هذه المرتبة الدنيا من الوجود..يعاوض هذا الفقد بإنعاش وجوده من رموز الوجود الأشرف دون حقائقه..فيتحدث عن الصدق ، والجود، والكرم، والشجاعة، لكنها ليست صدقا من أجل الوجود ولا شجاعة من أجل الوجود، بل رموز يتوسلها هارب من الوجود، قابل بحدّه الأدنى، مستئنس بقرديته المتربّصة بوجوده وذوقه ومعاييرها للحق والجمال..ليس الرقي بمعاييره السوسيولوجية هو غاية الكائن السائر في رحاب التحرر من شروط الوجود الأدنى المزرية..فمن شأن هذه التراتبيات أن تتحقق بأغاليط الاستكبار الأدنى لكائن ضعيف يتغالب سوسيو ـ تاريخيا للحصول على منازل نسبية في وجوده الأدنى..وجود تبدو قوته ليست حقيقية وضعفه ليس كذلك..لأنّ المعايير هنا معايير داروينية قائمة على الفوضى البيولوجية والاجتماعية..من شأن الترقي في الوجود الأدنى أن يكون لا أخلاقيا، ما فيوزيا، قائما على الاستغلال..انتصار النذالة على الشّرف..وكل هذا لا شأن له في تراتبية الوجود التي تجعل الأحرار يفقدون جسور التواصل في عالمهم المضمحلّ حدّ الغثيان..ليس للراقي أن ينتظر من عالم أدنى حبورا بل لا شيء أخطر على الوجود الأدنى من الوجود الأشرف..وسيشقى أهل الوجود الثاني إزاء جنود الوجود الأدنى ودهاقنته..وسيشقى بقدر جلال لهجته..لن يفهم كائن الوجود الأدنى كائن الوجود الأعلى..وما وجب ان يدركه هذا الأخير هو أنّ المعاني متفاوتة..فالتحرر السوسيولوجي ليس هو التحرر الوجودي..وجب تدبير المصطلح ما بين الوجودين..ليس أمام الوجود الأدنى من مخرج من شقوة الحصر الوجودي سوى إنعاش وجوده الهارب بمزيد من سرقة الأنوار من الوجود الأشرف للتعبير بها عن عالم ملؤه الظلمة والكدورة..إنه سارق الكلمة المقدّسة..العابث بها في مدارك الوجود الأدنى..وبعناد ينكّسه في الخلق..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78412
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18