• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : استراتيجية "الغزوات الداعشية" في الحروب التمويهية .
                          • الكاتب : سعود الساعدي .

استراتيجية "الغزوات الداعشية" في الحروب التمويهية

 هزيمة تنظيم داعش في العراق وتراجعاته المتتالية في الجبهات وعدم قدرته على خوض المواجهات المباشرة بل عجزه حتى عن شن هجمات الاستنزاف كما كان يفعل طوال الأشهر الماضية وتفتته وتمزق قطاعاته وتناثر وجوده وهلاك
الكثير من قياداته العليا والوسطى وانحسار انتشاره في أطراف الانبار وفقدانه للكثير من المواقع ومراكز القيادة والسيطرة كل ذلك دفعه لتغيير استراتيجيته لضرب عمق المدن واستهداف الامن الداخلي ما يعني ان المرحلة القادمة ستكون مرحلة "الغزوات الداعشية".
 
مشكلة الامن في العراق يتحملها بالأساس الاحتلال الأميركي الذي شكل المنظومة الأمنية والعسكرية الجديدة والمخترقة على حساب مصالحه ومقاساته بما يحقق أهدافه بعد ان بدأ بحل منظومة الجيش العراقي السابق بدلا من معالجة وضعه وتصحيح مساره واوجد فراغ قوة ملأته القوى البعثية الداخلية والحركات التكفيرية القادمة من وراء الحدود بعد ان فتح هذه الحدود على مصراعيها تنفيذا لاستراتيجيته التي اعلن عنها الرئيس الأميركي آنذاك بوش الابن بصراحة قائلا ان العراق سيكون الميدان الأول للولايات المتحدة بوجه الإرهاب فبات البلد ساحة لتصفية الحساب وإدارة المعركة مع جماعات صنعتها وما تزال تديرها واشنطن! وهذا يعني ان مشكلة المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية لن تحل الا بإبعادها عن الإرادة والسياقات الأميركية التي تعد اصل المشكلة.
 
يعتمد الامن الحديث في زمن الحروب الجديدة اللامتماثلة والمركبة والدافئة على الجهود الاستخبارية والوسائل الوقائية والتكنولوجيا الحديثة والبناء المؤسساتي المهني أساسا في عمله وكلها عناصر مفقودة في الامن العراقي الذي نشر ما يقرب من 1300 سيطرة ونقطة تفتيش في بغداد دون ان ينجح في ايقاف استهداف الأبرياء رغم تكرار الأساليب الاجرامية التي تمارسها الجماعات التكفيرية المسلحة.
 
الفساد والمحسوبية والتضخم وانعدام المهنية وشراء المناصب والاختراق من
قبل البعثيين والتكفيريين وعملاء الاميركيين وغيرهم وغياب الخطط والرؤى
المستقبلية وعدم الاستفادة من الدروس الهائلة وخضوع المنظومة الأمنية
للابتزاز والضغوطات السياسية إضافة الى الاستهداف الاقليمي الطائفي
والدولي الخارجي هي اهم مشاكل الامن العراقي.
 
متلازمة الامن والسياسية حاضرة بقوة في المشهد العراقي فما دام تنظيم
داعش مرتبط سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة بقوى محلية وإقليمية ودولية
فحتما سيكون لتوقيت هجماته اهداف سياسية لاسيما انها تتزامن مع ازمة
سياسية خانقة واوضاع متأزمة يسعى البعض من خلالها الى فرض خيارات سياسية
معينة لصالح جهات سياسية محددة.
 
الغرض الأول من استهداف مدينة الصدر بما تمثله من عمق شيعي ومدينة
الكاظمية المقدسة بما لها من مكانة وغيرهما من مناطق الشيعة هو دعوة
لردات فعل غير محسوبة من قبل الشيعة تعيد تأزيم الأجواء الطائفية من جديد
لاسيما مع وجود معلومات شبه مؤكدة عن تصاعد التفجيرات خلال الأيام
القادمة اما الغرض الثاني من هذه التفجيرات فهو تعميق الازمة السياسية
الشيعية – الشيعية بين بعض الأطراف التي تتبادل الاتهامات وتلقي على
بعضها البعض باللوم منذ حادثة اقتحام البرلمان الأخيرة وقع البعض في فخها
- التفجيرات - لتصفية حسابات سياسية دون ان يلتفتوا الى ان كل ما يجري
يأتي في سياق ما يسمى بـ "الحروب التمويهية" التي تحرف الأنظار عن ميدان
الصراع الحقيقي الذي تعمل فيه اميركا خلف الستار لا لترسيخ خرائط التقسيم
الكونفدرالي بين الأقاليم الثلاث المنتظرة فقط بل لرسم كانتونات جديدة
داخل بغداد أيضا تجلى من خلال دعوة البعض لتوفير حماية ذاتية للمناطق
المستهدفة!.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=78562
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18