• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رُؤْيَةٌ فِي الإصْلاحِ* (٦) وَالأَخيرَةُ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

رُؤْيَةٌ فِي الإصْلاحِ* (٦) وَالأَخيرَةُ

  ينبغي، اذن، ان تتمحور كل مشاريع الاصلاح الجذري المرجوّة حول مجلس النوّاب، على اعتبار ان نظامنا السّياسي هو نظام برلماني المحور فيه قبّة البرلمان.
   فكيف نؤسّس لبرلمان قوي لكلّ نائب فيه رأي وموقف، لا يسيطر عليه قادة الكتل الذين لا يتعدّى عددهم عدد أصابع اليد الواحدة في كلّ مكوّن من المكوّنات الاساسيّة الثّلاثة واقصد بها (الشّيعي) و(الكردي) و (السنّي)؟!.
  وقبل ذلك، كيف يمكننا ان نؤسس لاحزاب وطنيّة على مستويَين؛ الانتماء والولاء؟!.
   الجواب؛ 
   أولاً؛ تغيير قانون الانتخابات بما يضمن تحقيق مبدأ (صوتٌ واحِدٌ لمواطن واحدٍ) فالمرشّحون يتنافسون على صوت النّاخب وثقته حصراً، فالذي يحصد اغلبيّة الأصوات في كلّ دائرة انتخابية هو الفائز بمقعد تحت قبّة البرلمان بغضّ النّظر عن كتلتهِ وما حصلت وزعيمها وما حصدَ.
   وبذلك سنتجاوز ظاهرة تناقل الأصوات ونظريّة العتبة الانتخابيّة سيئة الصيت التي حصرت الفوز باعدادٍ محدودةٍ جدّاً من القوائم وإسقاط ٩٠٪‏ من القوائم المتنافسة فضلاً عن آلاف المرشّحين لكونهم لم يحصلوا على العتبة الانتخابيّة التي حدّد سقفها (الكبار) لهضم حقوق الآخرين وبالتالي للسّيطرة على البرلمان والتّلاعب بمقدّرات العمليّة السّياسية جملةً وتفصيلاً.
   ان اعتماد مبدأ (صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ) سيقلّل من سطوة (الكبار) من جانبٍ، وسيفتح الباب على مصراعَيها امام الطّاقات الخلّاقة والكفاءات القديرة التي سيكون بامكانها التّنافس مع مَن تشاء لانّها سوف لن تكون والحال هذه مضطرّة للاحتماء تحت أجنحة (الكبار) الذين ملكوا المال والقوة والاعلام والكثير من السّلطة، من الذين سيهضمونهم مهما اوتوا من قوَّةٍ في الرّصيد الشّخصي والخبرة والمكانة بمجرّد ان يقرّروا خوض التنافس الانتخابي بقوائمهم وليس بمفردهم او بقوائم خاصة كما حصل ذلك مثلاً قبل دورتَين انتخابيّتَين لمجالس المحافظات مع قائمة (الحبّوبي) في محافظة كربلاء المقدّسة.
   ان مبدأ (صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ) سيحمل على أكتافه الى البرلمان المرشّح الاكفأ والأفضل والأحسن بنسبةٍ كبيرةٍ، خاصةً اذا صاحب الجهد المبذول لتغيير قانون الانتخابات حملة وطنيّة واسعة لتوعية الناخب بمعنى هذا المبدأ وأهميّتهِ وكيفيّة توظيفهِ لانتخاب الاحسن على مختلف الاصعدة، لتحقيق الاصلاح الجذري، وكذلك الفرق بين هذا المبدأ المعمول به في كلّ الدّول الديمقراطية تقريباً وبين مبدأ العتبة الانتخابيّة سيئ الصّيت.
   انّهُ سيحمل على أكتافه المرشّح الذي يمتلك رصيداً شخصيّاً وسيتساقط على جوانبهِ المرشّحين الذين لا يمتلكون سوى الولاء لزعيم القائمة بانتظار ان يتمرّم عليهم ببعض أصواتهِ ليتنافس بها مع المرشّحين الأقوياء الذين سيزيحهم هذا الولاء الشّخصي بالقاسم الانتخابي مهما حصلوا على أصواتٍ انتخابيّة.
   ثانياً؛ تقسيم العراق الى دوائر انتخابيّة بعدد مقاعد البرلمان باستثناء (الأقليّات) التي حدّد نظام (الكوتة) طريقة توزيع مقاعد نوّابها.
   لقد حدّد الدّستور حجم الدائرة الانتخابيّة الواحدة بـ (١٠٠) الف مواطن، فلماذا لا يتمّ العمل بهذا النصّ الدّستوري؟.
   لقد فصّل المشرّعون (السياسيّون) قانون الانتخابات على مقاساتهم الحزبيّة والكتلويّة الضيّقة، عندما التافوا على هذا النص وتحايلوا عليه بطريقةٍ ضمِنوا بها سيطرتهم على مقاعد البرلمان بالكامل. 
   انّ العودة لهذه النصّ سيخفّف كثيراً من غلواء التّنافس الانتخابي (غير الشّريف) الذي يشهده العراق مع كل انتخابات سواء كانت نيابيّة او محليّة، كما انّهُ سيقلّل كثيراً جداً من ظاهرة الفساد المالي الخطيرة التي يشهدها حمى التّنافس الانتخابي، فتقلّ كثيراً ظاهرة بيع وشراء الأصوات كما تقلّ ظاهرة البذخ المالي الكبير الذي (يضطرّه) المرشّح وقائمتهُ في الحملات الانتخابيّة، كما يقلّل من استغلال السياسيّين للمال العام في الحملات الانتخابيّة، وكذا (اضطرارهم) لاستلام الاموال من خلف الحدود لصرفِها على حملاتهِم الانتخابيّة.
   انّهُ يساعد كثيراً على تحسين اداء النّاخب، عندما نخفّف عنه ضغط الدّعاية الانتخابيّة والسيولة المالية المبتذلة المبذولة من قبل القوائم الكبيرة، وبذلك سنضمن اهتمامه بالمعايير الحقيقيّة عند الاختيار بين المرشّحين.
   ثالثاً؛ تغيير قانون الاحزاب بما يحصر معيار الانتماء بالمواطنة فقط بغضّ النظر عن ايّ انتماءٍ آخر، ديني او مذهبي او إِثني او مناطقي او عشائري او ايّ شَيْءٍ آخر.
   وبذلك سنؤسّس لبروز احزاب وطنيّة عابرة للانتماءات الضيّقة كما هي عليه الاحزاب السّياسية الان، والتي كلها تقريباً امّا دينيّة او مذهبيّة او إثنيّة، لانّها لا تعتمد المواطنة بالانتماء وانّما بالهويّات الاخرى، على العكس حتى من الاحزاب أيّام زمان، والتي كان ينتمي لها العراقيّون كمواطنين بغضّ النظر عن خلفيّاتهم.
   وبهذا المعيار سنتجاوز ظاهرة الاحزاب الأيديولوجيّة الشّمولية التي دمّرت البلاد وأثارت النّعَرات الدّينية والطائفيّة والإثنيّة لصالح أجنداتها الخاصّة.
   امّا تكريس الولاء الوطني عند الاحزاب السّياسية فلا يتمّ الا من خلال النصّ الواضح والصّريح في قانون الانتخابات على تجريم استلام الحزب لدينارٍ واحدٍ من خارج الحدود، لانّ المبالغ الماليّة المستورَدة تُفسد وطنيّة الحزب وتسوقهُ الى العمالةِ سَوقاً مهما باع علينا من الوطنيّات الفارغة!.
   ان احد أهم أسباب ظاهرة التأثير الخارجي (الدولي والاقليمي) لا فرق، في العمليّة السّياسية هو الارتباط المالي الخارجي للأحزاب.
   ذات الامر ينطبق على الاعلام، وخاصّةً القنوات الفضائيّة!. 
   انّ كلّ ذلك لا ينجزهُ مجلس النوّاب بمحضِ ارادتهِ لانّهُ سيتسبّب بخسارة الكتل كل شيء تقريباً، ولذلك فالامر بحاجةٍ الى إطلاق حملة وطنيّة واسعة ومكثّفة من الان وفوراً يشارك فيها كلّ العراقيين التوّاقين الى إصلاح النظام السّياسي، للضّغط على الكتل السّياسية لإنجاز هذه التغييرات، فلم يبق أمامنا الوقت الكثير للانتخابات النيابيّة القادمة.
   امّا الاصلاح الآني، فمع الأخذ بنظر الاعتبار الظّرف الحسّاس والخطير الذي يمرّ به البلد في حربهِ المقدّسة الحاسمة ضدّ الارهاب، فإنني أَرى ضرورة الانجاز التالي فوراً؛
   الف؛ ان يعقد مجلس النوّاب جلسةً استثنائيّة لتمرير ما تبقّى من كابينة الظّرف المختوم، غير الحزبيّة وغير السّياسية.
   باء؛ الإسراع في تنفيذ الجدول الزّمني لاصلاح بقيّة مواقع المسؤوليّة كما صوّت عليها مجلس النوّاب في جلسته نهاية الشهر الماضي (نيسان).
   جيم؛ مواصلة الحرب الشّعواء على الفساد من خلال تقديم (عِجْلٍ سمينٍ) واحدٍ على الأقل للقضاء ليقف خلف القُضبان، لنطمئنّ انَّ يداً من حديدٍ هوَت في نهاية المطافِ على رأس فاسدٍ كبيرٍ حقيقيٍّ واحدٍ على الأقلّ!.
   دال؛ التّركيز على حربنا ضدّ الارهاب، للاسراع في تطهير آخر شبرٍ من أرض العراق الطّاهرة من دنس الارهابيّين وبأسرع وقتٍ، فمع شخوص خطر الارهاب وتهديداتهِ التي تحيط بِنَا من كلّ حدَبٍ وصَوب، يصعب التّركيز الكامل على الاصلاح الجذري والحقيقي، خاصةً وان الفساد والفشل أَخذا من الدّولة ومؤسّساتها مأخذاً عظيماً.
     *انتهى
   *بتصرّف، ملخّص حديث النّدوة التي عقدها مركز الرافدين للحوار (٢) على (الواتس آب) والذي يضمّ نُخبة متميّزة من مختلف الاختصاصات والاهتمامات، وذلك في يوم السّبت الماضي [١٤ مايس (أيار) ٢٠١٦]. 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79169
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19