• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛دَوْرُ الفَتْوى فِي التَّأْسِيسِ الجَدِيدِ (١٣) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛دَوْرُ الفَتْوى فِي التَّأْسِيسِ الجَدِيدِ (١٣)

  السؤال السّابع عشر؛ في ذكرى فتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها المرجع الاعلى.
   ما هي قراءتكم لأثرها بعد مرور عامين عليها؟.
   الجواب؛ لقد أقرّ القاصي والدّاني بحقيقة انّ الفتوى غيّرت المعادلة وقلبت الموازين واجبرت كثيرين على اعادة حساباتهم وتغيير أولويّاتهم ومناهجهم.
   كان العراق على حافّة الانهيار التامّ، فالسياسيّون مشغولون بصراعاتِهم على السّلطة حدّ القرَف، والإرهابيون يقفون على أسوار العاصمة بغداد استعداداً لاقتحامِها، والشعبُ كان تائهاً ومضغوطاً بين مطرقة خلافات السياسيّين وسندان الارهاب الذي تمدّدت (فقاعتهُ) لتحتلّ نصف العراق.
   وقتها لم يكن بالامكان ابداً الاعتماد على المنظومة العسكريّة والأمنيّة لانّها كانت فاسدة إدارياً ومالياً حدّ النّخاع، بسبب سيطرة المافيات التي ظل يتستّر عليها القائد العام السّابق للقوات المسلّحة بعد ان تمركزت في يدهِ كلّ المسؤولّيات العسكريّة والأمنيّة ففرّط بواجباتهِ الوطنيّة وقصّر في مسؤوليّاته الدستوريّة عندما انشغل بالسّلطة تحت شعار (بعَد ما ننطيها) ليضيعَ من بين يديهِ (الخيط والعُصفور) كما يقول المثل العراقي المعروف!.
   وفي اجواء الضّياع والانهيار وما يشبه اليأس جاءت الفتوى في الوقت المناسب لتحقّق ما يلي؛
   أولاً؛ وقفت امام الانهيار الشّامل، واعادت للعراقيّين ثقتهم بأنفسهِم وبقدراتهِم على التّحدّي والمواجهة، ووحّدت اهتماماتهم صوب الحرب على الارهاب بعد ان شتّتها السياسيّون بسبب صراعاتهم على السّلطة.
   ثانياً؛ خلقت بديلاً ولو مؤقّتاً لشيئَين كان يجب ان يتحقّق؛
   الاوّل؛ على مستوى القيادة والتوجيه سواء للبلاد بشكلٍ عام او للمجتمع على وجه الخصوص، فلقد ضاعت لحظتها كلّ مقوّمات الدّولة ولم يعد فيها من قيادة يمكن العودة اليها في التصدّي لخطر الارهاب، فيما فتحت التطوّرات الخطيرة وقتها الباب على مصراعَيها لكلّ الاحتمالات السيّئة كالإنقلاب العسكري او التدخّل الأجنبي مرّةً أُخرى او حتّى الفوضى المجتمعيّة.
   لقد ملأت الفتوى هذا الفراغ (القيادي) عندما شعر العراقيّون انّ هناك من يُمكن اللجوء اليه والإصغاء الى توجيهاتهِ والعودة الى إرشاداتهِ في مواجهة الانهيار.
   من جانبٍ آخر، نبّهت الفتوى المتصيّدون بالماء العكر الى انّ العراق ليس دولة سائبة وان العراقييّن ليسوا شعباً ضائعاً او تائهاً فاذا كان السياسيّون مشغولين بمصالحهم وصراعاتهم على السّلطة وقد ضيّعوا واجباتهم الدستوريّة الوطنيّة، فانّ المرجعية الدّينية قادرة وبامتياز على ملء هذا الفراغ وقيادة البلد الى حيث يجب ان يتّجه في تلك الظّروف القاسية.
   الثّاني؛ على مستوى القوّة العسكريّة لمواجهة الارهاب، فعندما انهارت المنظومة العسكريّة والأمنيّة كنّا امام خيارَين لا ثالث لهما في التصدّي للارهاب الذي وقف على أسوار بغداد، فامّا ان ننتظر لحين الانتهاء من إِعادة تنظيم القوات المسلّحة وعموم المنظومة الامنيّة والعسكريّة، وتطهيرها من القيادات الفاسدة وإعادة رسم الخطط الجديدة قبل التحوّل الى حالة الهجوم على الارهاب، هذا يعني انّ علينا ان نستقبل الارهابيّين في بيوتنا في العاصمة بغداد لعدّة سنوات قبل ان نبدأ الهجوم المضاد لطردهم مرّةً اخرى، كما هو الحال في الموصل منذ عامين تقريباً، وهذا أَمرٌ مُحال لم يكن بالامكان وليس من المعقول ابداً ان نفكّر بهذه الطريقة، لانّها ستأتي على آخرِ شبرٍ من أَرض العراق الطّاهرة يسقط بيد الارهابيّين.
   امّا الخيار الثّاني، فيتمثّل بالتّعبئة الشَّعْبِيَّةِ العامّة للتصدّي للارهاب، وإيجاد البديل الطبيعي في مثل هذه الحالات الخطيرة التي يمرّ بها ايّ بلد في هذا العالم، وهذا ما كان عندما أَصدر المرجع الاعلى فتوى الجهاد الكفائي لتعبّئ العراقيين كلّهم ليس لحمل السّلاح فقط وانّما تعبئتهم فكرياً وثقافياً واعلامياً ومجتمعياً ومالياً ونفسيّاً وكلّ شيء، وبهذا الخيار نجح العراقيّون في خلق البديل (المؤقّت) للمنظومة العسكريّة والأمنيّة المنهارة لحين تمّ اعادة تنظيمها وتطهيرها وتسليحها وتدريبها من جديد لتعود الى أَرض المعركة تواجه الارهابيّين يساعدُها في ذلك كلّ المتطوّعين الذين انخرطوا في سلك الجهاد الكفائي لدعم واسناد القوّات المسلّحة في مواجهتها للارهاب.
   وبذلك يمكن اعتبار الفتوى بمثابة التأسيس لجمهورية جديدة جاءت على أنقاض مرحلة كاد الانهيار ان يأتي على العراق من القواعد. 
   السؤال الثّامن عشر؛ ما هو دور المرجعية بعد فتوى الجهاد؟ وما هي طريقة تعاملها مع الواقع الجديد؟.
   الجواب؛ انّ المتتبّع للخطاب المرجعي خلال العامَين المنصرمين، اي منذ الفتوى ولحدّ الان، سيلحظ انّهُ يؤكد؛
   ١/ على الحسّ الوطني، ليتساقط على جانبَيه ايّ حسٍ ضيّق آخر قاد البلاد الى ما نراه اليوم من تناحرات لها اوّل وليس لها آخر، وظّفها السياسيّون من اجل مصالح حزبيّة وعشائريّة وفئويّة ضيّقة على حساب المصالح العليا للبلاد.
   ٢/ على الدّولة كمفهومٍ يتجاوز كلّ ما من شأنهِ إِضعاف كيانها ومؤسّساتها ويحوّلها الى (دولة طوائف) خاصة على صعيد التطوّع للقتال في الحرب ضدّ الارهاب، فلقد منع الخطاب المرجعي ايّ سلاحٍ خارج مؤسّسات الدّولة العسكريّة والأمنيّة، كما منع رفع رايات وعناوين الى جانب راية العراق.
   ٣/ على الالتزام بكلّ اخلاقيّات الحرب التي أقرّها ديننا الحنيف ومدرسة أهل البيت عليهم السلام، ولعلّ في توجيهات المرجع الاعلى للمقاتلين وتكرارها بصيَغٍ وعبارات مختلفة بمناسبةٍ وبغير مناسبة خلال السنتَين الاخيرتَين خيرُ دليلٍ على حرص المرجعية لالتزام الجميع بأخلاقيّات وقوانين الحرب النّظيفة والطّاهرة التي يخوضها العراقيّون ضد أقذر جماعات العنف والارهاب.
   ٤/ كما يلحظ في الخطاب المرجعي الحرص الشّديد على تحمّل ابناء كلّ مدينة اغتصبها الارهابيّون مسؤولية تحريرها، فذلك يرفع من نسبة الحسّ الوطني عند المواطن ويحسّسهُ بواجباته ازاء مدينته واهلها وأعراضها للحفاظ عليها مستقبلاً وحمايتها من عبثِ العابثين، فلم تَعُد مرّةً أُخرى حاضنة دافئة للارهابيّين، فضلاً عن انّ ذلك يقلّل من حالات الاحتكاك الاثني والديني والمذهبي بين المكوّنات في المناطق المُحرّرة، ولو التزمت الاطراف بهذا التّوجيه منذ البداية لما شهِدنا حالة الاحتكاكات السلبيّة التي حصلت في عدد من المناطق بعد تحريرها سواء على الصّعيد الاثني بين العرب والكرد مثلاً او على الصّعيد المذهبي بين الشّيعة والسنّة!.
   لقد اثبتت التّجربة ان المرجعية الدّينية دقيقة جداً في رؤيتها وهي تسبق بها السياسيّين الذين يورّطون البلد بمشاكلهم وبسبب ضيق الأفق الذي يعيشونهُ وغياب الرّؤية المستقبليّة عندهم بسبب تشرنقاتهم الحزبيّة والعنصريّة والطائفيّة المقيتة والضيّقة!.
   ولكلّ ذلك لا يُجانب الحقيقة ابداً من يعتبر انّ الخطاب المرجعي كان ولا يزال هو صمّام الأمان الحقيقي والواقعي الذي يحمي العراق من الانهيار، يمكن اللّجوء اليه في الازمات والشّدائد التي ما كنّا سنشهدها ونمرّ بها لو انّ السياسيّين انتبهوا لهُ جيّداً وقرأوا فحواه ومحتواه قبل فوات الاوان وليس قضاءاً!.   
   ٢ حزيران ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
‏E-mail: nhaidar@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79189
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29