• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : فتوى السيد السيستاني حفظت سُنة العراق قبل شيعته .

فتوى السيد السيستاني حفظت سُنة العراق قبل شيعته

 من الصعب إنكار حقيقة تمكن القوى المعادية لتطلعات الشعب العراقي ، من تكفيريين وصداميين ومن يقف وراءهما من القوى المستكبرة على الصعيدين الاقليمي والدولي ، من دفع الاوضاع في العراق في اكثر من مرة الى نقطة الانفجار ، وهو انفجار ما كان العراق ليعود الى ما قبله في حال حدوثه لا سمح الله.

الغزو الامريكي للعراق ، ما كان من بين اهدافه مطلقا ، انقاذ الشعب العراقي من براثن حكم دموي سفاح ، بيض وجه اعتى الدكتاتوريات التي شهدتها المنطقة على مدى قرون بدعم واسناد من ذات القوى التي اسقطته ، بل كان الغزو يستهدف من بين ما كان يستهدف ،  اشعال فتن طائفية في العراق والمنطقة ، وبالتالي الوصول الى تقسيم العراق والمنطقة ، في خطة بانت واتضحت معالمها منذ السنوات الاولى للغزو.
من بين الجهات القليلة التي ادركت منذ البداية طبيعة واهداف المخطط الامريكي من وراء غزو العراق ، هي المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بسماحة السيد السيستاني ، الرجل الذي افشل كل المؤامرات الدولية والاقليمية ، التي كانت تدفع بالاوضاع في العراق ، منذ عام 2003 وحتى اليوم ، عبر التكفيريين والصداميين ، الى الانفجار ومن ثم التشظي ، وعندها يكون الهدف من الغزو قد تحقق ، وهو الهدف الذي سيسهل تشطير باقي الدول المجاورة للعراق وحتى تلك البعيدة عنه.
منذ العام 2003 اختلقت امريكا واتباعها في المنطقة واذنابها داخل العراق العديد من المشاكل للشعب العراقي ، منها تفجير مرقدي الامامين العسكريين (عليهما السلام) في سامراء ، وجرائم التفجيرات العشوائية التي تستهدف الشيعة والتي حصدت ارواح مئات الالاف منهم  ، وارباك العملية السياسية بالمتسللين من الصداميين والدواعش ، والتي كانت تكفي كل واحد منها لدفع بلدان اكبر من العراق الى اتون حرب داخلية لا تبقي ولاتذر ، الا سماحة السيد السيستاني حال دون تفجير العراق من الداخل ، فتكسرت كل امواج تلك المؤامرات على صخرة حكمة هذا الرجل الرباني والتزام الغالبية العظمى من العراقيين على مختلف مذاهبهم وقومياتهم بنصائحه ووصاياه.
بعد فشل الجهات المعادية للشعب العراقي من تحقيق اهدافها بتقسيم العراق ، تفتق العقل الجهنمي لهذه الجهات ، عن انتاج كائن مسخ ، لا حدود لوحشيته ، يمكن ان يحرق لها جميع المراحل للوصول الى غايتها المتمثلة بتقسيم العراق ، فكان هذا “المُنتج” الجديد هو “داعش” ، الذي يمثل ايتام النظام الصدامي من حرس جمهوري وقوات خاصة وفدائيي صدام وضباط في الجيش الصدامي والامن والاستخبارات ، عموده الفقري ، مع تطعيمه بشيء من شذاذ الافاق من الافغان العرب والتكفيريين ، حيث تمكنت “داعش” وبشكل مريب من غزو العراق عبر سوريا وتهديدها بغداد وكربلاء والنجف ، واتت من الافاعيل ما لم يوته المغول والتتار ، من قتل وسبي ونهب ، فاقت  تصور العقل الانساني.
في مثل هذه الايام من عام 2014  وتحديدا في يوم 10 حزيران / يونيو ، ارتسمت الفرحة على وجوه من يقف وراء “داعش” ، بعد ان احتل هذا “المُنتج” ، امام مراى ومسمع العالم كله ، وفي زمن قياسي ، الموصل وصلاح الدين والانبار وبعض مدن ديالي وهدد بغداد ، ولكن بعد ثلاثة ايام فقط ، اي في 13 حزيران / يونيو ، حول سماحة السيد السيستاني الفرحة التي ارتسمت على تلك الوجوه الكالحة المعادية للشعب العراقي ، الى حزن مقيم ، وذلك بعدما اصدر سماحته  فتواه التاريخية بالجهاد الكفائي ، فلبى شباب العراق النداء ، ومنذ ذلك التاريخ ومؤامرة “داعش” تواجه الفشل ، بعد ان نظمت الحكومة المتطوعين تحت عنوان الحشد الشعبي لمؤازرة القوات المسلحة ، ومنذ ذلك التاريخ والحشد الشعبي لا يدخل معركة مع “داعش” الا ويكون النصر عنوانها ، بدءا من تأمين حزام بغداد وتطهير محافظة ديالي من “الدواعش” ومرورا بتحرير جرف النصر وتكريت وبيجي ، وليس انتهاء بالفلوجة التي اصبح تحريرها قاب قوسين او ادنى.
كانت الجهات التي تقف وراء “داعش” تتصور ان ابناء الوسط والجنوب ، لن يجازفوا بانفسهم لمحاربة “داعش” في المناطق الغربية من العراق ، لاسيما بعد المجازر التي ارتكبت بحق ابناء الوسط والجنوب في سبايكر وغيرها ، لذلك سيكون بامكانها الاستفادة من “داعش” لتمرير التقسيم بشكل سلس دون اي منغصات ، ولكن فاتهم وجود المرجعية الدينية التي كانت ومازالت الخيمة التي يستظل تحتها جميع العراقيين شيعة وسنة ومسيحيين ، وعربا واكرادا وتركمانا ، فهذه المرجعية تنظر بعين واحدة الى جميع العراق والعراقيين ، وهذه الحقيقة لمسها كل المعنيين بالشأن العراقي ، ومازالت عبارة السيد السيستاني التي خاطب فيها العراقيين بعد تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع) : لا تحاربوا أهل السنة حتى لو أبادوا مدن شيعية بأكملها.. ان السنة هم انفسنا.
ادركت الجهات التي تقف وراء “داعش” ، انه لا يمكن تمرير مخطط تقسيم العراق مع وجود شخصية مؤثرة كشخصية السيد السيستاني ، ولما كان من الصعب التعرض لهذه الشخصية بشكل مباشرة ، فتفتقت عقول تلك الجهات عن مخطط يرمي الى النيل من سماحته بشكل غيرمباشر ، وذلك عبر استهداف الحشد الشعبي ، فهذه الجهات تعتقد ان هذا الاستهداف لو نجح سيتكون كمن يضرب عصفورين بحجر واحد ، الاول النيل من مكانة ودور المرجعية ، والثاني وضع العراقيل امام الانتصارات المتتالية للحشد الشعبي ، عبر ارباك الساحة من خلال ممارسة حرب نفسية ، كما نرى بعض جوانبها عبر وسائل الاعلام العربية والعراقية الممولة خليجيا ، وعبر “دواعش” السياسة ، من الذين باتوا مكشوفين للشارع العراقي.
هذه الحربة ستتكسر ايضا على صخرة ارادة ووعي العراقيين شيعة وسنة ، كما تكسرت باقي الحراب الاخرى ، فهذه الحرب النفسية لا يمكن ان تُحدث صدعا في الجدار الوطني للعراقيين ،فالجميع يعرف ان من الصعب الصاق بعض التصرفات الفردية والمرفوضة من ابطال الحشد الشعبي ، بالحشد الشعبي ، فمثل هذه التصرفات ،  قد تصدر حتى من بعض الافراد في اكثر جيوش العالم انضباطا ، طبعا هذا في حال ثبت حقا وجود مثل هؤلاء الافراد بين ابطال الحشد الشعبي ، فهؤلاء الابطال هم ابناء المرجعية والاكثر التزاما بارشاداتها وتعاليمها.
المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني التي زارها  أكاديميون عراقيون بينهم مجموعة من الأطباء وأساتذة الكليات الطبية في مدينة النجف الأشرف يوم الأحد، 12 / 6 / 2016، فطلبوا من سماحته النُصح فقال من بين ما قال: 
 -أوصيكم بالحفاظ على وحدة العراق إياكم أن تعطوا الفرصة للأعداء كي يفرقوا بين العراقيين.
 -ساعدوا إخوانكم المهجّرين من مدن الموصل والرمادي وصلاح الدين وغيرها وقدموا لهم المأوى والمال والطعام دون أن تسألوهم هل هم شيعة أم سنة أم غير ذلك. فالسنة والشيعة والمسيحيون وغيرهم هم أهل العراق عاشوا سويةً في هذه الأرض من مئات وآلاف السنين.
 -عندما هجم داعش ومن يدفعهم على مدن العراق وقتلوا وعاثوا فساداً أفتيت بوجوب الدفاع عن النفس والمقدسات وجوباً كفائياً ضد الأجانب وليس ضد العراقيين من إخواننا أهل السنة. وأنتم الآن حينما تقاتلون في الرمادي وغيرها إنما تقاتلون دفاعاً عن إخوانكم لكي تخلصوهم من داعش ولستم فاتحين بل تضحون بأرواحكم ودمائكم كي تنصروا إخوانكم ضد الدخلاء.
 -على مدى أكثر من عشر سنوات هل سمعتم لنا كلمة واحدة بإساءة لإخواننا السنة ؟ حينما حدثت الفتنة وأعمال التفجير والذبح في كثير من أماكن تواجد الشيعة بل حتى بعد تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع) سألوني الفتوى فقلت لا تحاربوا أهل السنة حتى لو أبادوا مدن شيعية بأكملها. تذكروا أخلاق أئمتكم. تذكروا كيف عامل أئمتكم كل من أساء إليهم وكيف قابلوا الإساءة بالإحسان.
مع وجود شخصية ربانية بهذه المواصفات كشخصية السيد السيستاني ، سيكون من الصعب بل من المستحيل ان تنجح الجهات التي تقف وراء “داعش” والصداميين في تحقيق مآربها في العراق ، بالاضافة الى وجود شباب ملتزمين بتعاليمه ووصاياه ويضحون بارواحهم ، تاركين ورائهم ايتاما وارامل واباء امهات ثكلى ، من اجل انقاذ اخوة واخوات لهم في الدين والوطن ، من براثن “الدواعش الصداميين” ، نزولا عند فتوى سماحة السيد السيستاني ، التي جاءت للحفاظ على سُنة العراق قبل شيعته.
 
المصدر : شفقنا العربي 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80405
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28