• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قيمة العمل في اﻹسلام!! .
                          • الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي .

قيمة العمل في اﻹسلام!!

إن للعمل في الإسلام مكانة عالية ومنزلة رفيعة، به ينال الأجر والثواب، وهو عبادة عظيمة لله وامتثال لأمره، عن طريقه تقوم الحياة، وتعمر الديار، وتزدهر الأوطان، ويحدث الاستقرار، أمر به سبحانه وتعالى فقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ‌ مَعَاشًا} [النبأ: 11]، وقال سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].
لقد جعل الله الأرض مستقر حياة الإنسان ومعاشه في هذه الدنيا، وأوجد فيها الكثير من النعم، وسخر جميع المخلوقات لخدمته، ونوع له أبواب الرزق وطرقه، وأمره بالسعي والعمل الصالح النافع الذي جعله سببا لمعاشه وعزته وقوته، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} [الكهف: 107]، والمطلوب أن ينزل المسلم في ميادين الحياة مكافحا، وإلى أبواب الرزق ساعيا، ولكن قلبه معلق بالله، وفكره لا يغيب عن مراقبة الله وخشيته، والالتزام بحدوده والتقيد بأوامره، قال تعالى: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37].
إذا كان الإسلام يحفِّز على العمل، ويدفَع الناس إليه لكي يعيشوا في كرامةٍ وعزَّة، ويترك الحريَّة لهم في اختِيار أيِّ عملٍ بدني أو ذهني يخدم المجتمع، ويدفع بالأمَّة إلى طريق التقدُّم والرُّقي في كافَّة المجالات، فقد جعَل الإسلام العمل المشروعَ من أبرز المبادئ التي ينبغي أنْ يقوم عليها طلب الرزق، فالواجب على كلِّ مسلم تحرِّي العمل المشروع المباح واجتِناب جميع الأعمال التي نهى عنها الإسلام وحذَّر منها؛ يقول - تعالى - مُوجِّهًا لذلك: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172]، ويقول - تبارك وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 267]. 
إنَّ الإسلام حرَّم كلَّ عملٍ من شأنه إهلاكُ العامل أو إلحاق الضرر به، وذلك وفق قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وقد قصَد الشارع الحكيم بذلك حفْظ الضروريَّات الخمس للإنسان وأوجب حمايتها، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل. ولكي تتحقَّق حماية هذه الكليَّات الضروريَّة والمحافظة عليها، اعتَبَر الإسلام أنَّ كلَّ عملٍ يخلُّ بها أو يؤثِّر عليها أو يكون سبيلاً إلى ذلك من الأعمال المحرَّمة التي يجب على المسلم اجتنابها والبعد عنها، ومن جملة هذه الأعمال المحرَّمة العملُ في صنْع الأصنام، وإنتاج الخمر، والعمل بالقمار، والميسر، والربا، والرشوة، والسحر، وتربية الخنازير، والسرقة، وقطع الطريق، والتغرير بالناس وخداعهم، وكذا الأعمال التي تؤدِّي أو تُعِين على فعل الحرام، أمثال: جمع العنب أو بيعه لِمَن يجعله خمرًا، وبيع السلاح لِمَن يُحارِب المسلمين أو يهدِّد أمنهم، والعمل في أندية وملاهي فساد الأخلاق والاعتداء على الأعراض.
وقد خلص الفقهاء السابقون رضوان الله عليهم والمتأخرون حفظهم الله، في فتاواهم التي تذكر في أبواب المعاملات في الفقه، من خلال التنبيه على ضرورة تعلّم أحكام التجارة،وعلى التعرف على أحكام البيع وغيره من الأحكام التي تتعلق بالعمل في العديد من أبواب الفقه مثل الإجارة والتجارة والسقاية والزراعة والسلف والمضاربة وبيع الصرف وغيرها، يخلصون إلى دور العمل والى ضرورة الإبداع وإظهار القدرة، وبذل الجهد والطاقة لاستغلال كل ما يحقّق للإنسان نظامه واستقراره وتوازنه في الحياة.والعمل في مفهومه واضح جدًا، إنه الجهد والحركة التي بذلها الإنسان من أجل تحقيق وتأمين احتياجاته ومتطلباته على اختلافها، مادية ومعنوية، ونتيجة العمل والجهد هو الإنتاج.وعندما يتفاعل الجهد البشري مع العناصر الأولية المتوفرة في كل المجالات يتحقق الإنتاج المناسب، فالعامل في البناء أو التجارة أو النجارة أو الفلاحة - مثلاً - يحقق إنتاجًا ماديًا، والعالم في الطب والهندسة يحقق خدمات معينة تسمى إنتاجًا أيضًا، والكاتب والعالم وغيرهم يحققون عطاءًا معينًا، يسمى إنتاجًا أيضًا، وهكذا.إن المهم في الحياة الإنسانية أن تتوفّر لدى الإنسان المشاعر الحية لضرورة السعي والعمل - إذ هو الذي يجسّد شخصيته وإنسانيته كما تتجسد بمفاهيم أخرى - وأن لا يكون بعيدًا عن هذه المفاهيم وكسولاً خاملاً.وقد أوجبت الشريعة المقدسة السعي على الإنسان في طلب الرزق وتأمين احتياجاته لكفاية نفسه وكفاية عياله ومتعلقيه، وجعلته مظهرًا من مظاهر العلاقة الإيمانية والارتباط والصلة بالله سبحانه، حيث يجسّد الإنسان بذلك التوكّل على الله والاعتماد عليه في كل شؤونه وأموره، لأن الله سبحانه هو المالك الحقيقي لكل ما في هذا الوجود، وبيده خزائن السماوات والأرض، والإنسان عاجز عن كل شيء إلا ما يسّره الله له وأوجده، ولذلك حين يسعى ويعمل ويتحرك في طلب المعاش، فإنه يتحرك ويسعى من خلال أمر الله سبحانه والتوكّل عليه.
        والحمد لله رب العالمين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=81417
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2